«العقد المنفرط لممتلكات الجماعة».. حصرها في مصر مهمة شبه مستحيلة.. «البنا» بدأ الإمبراطورية الاقتصادية للجماعة.. «ندا» بنك التقوى مفتاح السر.. "الشاطر ومالك" بدآ طريق الم
على طريقة "من أين لك هذا" يجب أن تسير الأمور الآن مع جماعة الإخوان المحظورة بعدما صدر قرار بتشكيل لجنة لإدارة أموال وعقارات ومنقولات الجماعة، تنفيذا لحكم محكمة الأمور المستعجلة الذي قضى بحظر أنشطة الجماعة، حيث سارعت الجماعة بتسجيل مقاراتها وممتلكاتها بالقاهرة والمحافظات بأسماء أشخاص يحوزون على ثقتهم.
وتأتى غالبية هؤلاء من أعضاء بأحزاب منضوية بـما يسمى "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" كما حول بعض القادة ممتلكاتهم بأسماء زوجاتهم أو أقاربهم.
وتعود بدايات إمبراطورية الإخوان الاقتصادية إلى مؤسس الجماعة حسن البنا كان الاقتصاد بمثابة مدرسة خاصة حولها ويوسف ندا إلى مؤسسة دولية ببنك التقوى وقادها خيرت الشاطر لعصر المليارات، ويعد يوسف ندا هو مفتاح سر "دولة الإخوان اقتصادية" حيث كان بمثابة همزة الوصل بين جماعة الإخوان في مصر والتنظيم العالمي للإخوان في كل دول العالم.
كانت وظيفته داخل الإخوان مفوض العلاقات السياسية والدولية للجماعة لكنه فوق هذا لعب دورا هاما في تمويل الجماعة وإدارة مالها، خاصة أنه كان رجل أعمال تنتشر شركاته ومؤسساته في عدد كبير من دول العالم، هذه المكانة الاقتصادية الفريدة جعلته يقوم بـنقلة مهمة في اقتصاد الإخوان، عندما أسس بنك التقوى، كان هدف الجماعة من إنشاء هذا البنك هو إنشاء بنك إسلامي يتعامل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وقام البنك بوضع لائحة المساهمين الكبار فيه وكان أغلبهم من كبار العاملين في الحقل الإسلامي وكانوا أكبر عامل لجذب صغار المساهمين وهم من وضعوا مدخراتهم فيه ولكن لم تستقر أمور بنك التقوى، فسرعان ما بدأت عدة جهات أمنية دولية في كشف مصادر تمويل البنك، واتخذت تلك الجهات العديد من الإجراءات حتى انتهت بإثارة ما عرف بـ "قضية الإخوان المسلمين وبنك التقوى" وتطورت الأمور بتوجيه اتهامات للبنك بتمويل تنظيم القاعدة، فتم إشهار إفلاس البنك، وظل يوسف ندا قيد التحقيق لفترات طويلة.
ميزانية الجماعة لها عدة بنود منها اشتراكات أعضاء الجماعة التي يدفعها مليون عضو عامل منتظم، وهناك فئتان يتم إعفاؤهما، الفئة الأولى: هن عضوات قسم الأخوات بالجماعة، إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن تقوم الأخت بسداد تبرعات اختيارية لدعم الأنشطة الإخوانية، وهو الأمر الذي يحدث بشكل دائم ولكن لا يوجد حصر له ولا وسيلة علمية لاستنتاج قيمته، الفئة الثانية الطلبة الذين يصل عددهم إلى نحو 30 ألف طالب إخواني تقريبا، بالإضافة إلى عدد متغير من فقراء الإخوان يصل أحيانا إلى خمسة آلاف عضو، ويقل أحيانا أخرى عن هذا العدد، وهؤلاء تمنعهم ظروفهم المادية من سداد قيمة الاشتراك الشهري.
الجماعة من استثمارها في سوق المال الدولي أصبحت تستثمر جزءًا كبيرًا من أموالها في الخارج، وفقًا للدراسات التي أعدها بعض رجال الاقتصاد، وحسب هذه الدراسات تحصل الجماعة على نصف مليار دولار تقريبا نسبة عائد على استثماراتها في دبي وتركيا وهونج كونج، التي تصل جملتها إلى 2 مليار دولار، على حد ميزانية قيل إن أحد رجال الاقتصاد الكبار من الإخوان قام بإعدادها وعرضها على مكتب الإرشاد عام 2008، بعض هذه الأموال يتم إيداع جزء كبير من هذه الأموال في بنك فيصل الإسلامي بأسماء أعضاء من الجماعة في حسابات مشتركة، كما أنه يتم تدوير بعض هذه الأموال في الاستثمار المباشر في دور النشر وإنشاء المدارس الخاصة وشراء الأراضي، كما يتم استثمار هذا المال من خلال العديد من شركات الإخوان العاملة في مجالات اقتصادية مختلفة.
البنا بدأ رحلته الاقتصادية من مدرسة بالإسماعيلية وتكاثرت المدارس الإخوانية بعدها حتى أن البنا قرر أن تؤسس كل شعبة من شعب الجماعة مدرسة أو أكثر، وهو الأمر الذي كان سيتيح للجماعة إدارة أكثر من ألفي مدرسة، ولولا حادث اغتيال البنا لتطور المشروع، ولكن موته أمات معه مؤقتا رحلة المليار.
أيضا لوائح الجماعة اهتمت بالنشاط الاقتصادي فجاء نص المادة الأولى من اللائحة مقررا أنه: يجب تنمية روح التعاون الاقتصادي بين أعضاء الجماعة بتشجيع المشروعات الاقتصادية وتكوينها والنهوض بها، وأكدت اللائحة ضرورة تأسيس المنشآت النافعة للأمة روحيا واقتصاديًّا ما أمكن ذلك، كالمشاغل والمستوصفات الطبية والعيادات الخيرية، والمساجد وإصلاحها وترميمها والإنفاق عليها، والإشراف على إدارتها وإحياء الشعائر فيها.
البنا أيضا من خلال رسائله دعا أعضاء جماعته إلى فتح الشركات والاعتماد على العمل الحر لذا سعوا إلى إنشاء عدد من الشركات مثل شركة الإخوان للغزل والنسيج بشبرا الخيمة، وشركة الإعلانات العربية، والشركة العربية للمناجم والمحاجر وهي شركة متخصصة في إنتاج الأسمنت والبلاط، وشركة التجارة وأشغال الهندسة لإنتاج مواد البناء وتدريب العمال على الحرف اليدوية كالسباكة والكهرباء والنجارة وباقي الحرف الأخرى، كما أنشأ الإخوان العديد من المشروعات الأخرى وعشرات المحال التجارية والتي يصعب حصرها وعدها، والتي كانت تغل للإخوان ثروة ضخمة جعلت من الجماعة إمبراطورية اقتصادية كبرى تناطح كبرى المؤسسات الاقتصادية.
ومع عودة الجماعة للعمل من جديد في عهد الرئيس الراحل السادات ظهر في أفق الإخوان شخصيتان اقتصاديتان من الطراز الأول؛ هما خيرت الشاطر وحسن مالك، وعلى يد هذين الرجلين انتقلت الجماعة إلى مرحلة أخرى هي "مرحلة المليارات" كانت بداية خيرت الشاطر وحسن مالك، عندما قاما بتأسيس "شركة سلسبيل لنظم المعلومات" وقطعا شوطا كبيرا في مجال تقنيات المعلومات والحاسب الآلي، وعندما تنبّهت الحكومة المصرية للسطوة الاقتصادية لهذه الشركة، القت القبض على الشاطر ومالك ومعهما آخرين على ذمة القضية التي عرفت بقضية "سلسبيل ومصادرة الشركة وأموالها فيما بعد، وحين خرج الشاطر ومالك من سجنهما بعد أشهر قليلة بحثا عن أنشطة اقتصادية أخرى، ورغم حبس الشاطر فيما بعد في قضية عسكرية لمدة خمس سنوات، لم يخرج منها إلا عام 2000، فإن حسن مالك كان يعمل على قدم وساق، وقام بتأسيس عشرات الشركات بأموال الجماعة، وكانت شركة "استقبال" للأثاث هي أكبر شركاته، وفي غضون عام 2007، ظهر اسم خيرت الشاطر وحسن مالك في قضية غسيل الأموال الشهيرة، ليتصدر الاثنان قمة الهرم الاقتصادي الإخواني، باعتبارهما من أكبر رجال الأعمال في الجماعة، والأكثر تحكمًا في مصادر تمويلها محليًا.
وكشفت القضية الأخيرة حصرا لبعض الأموال التي تمتلكها الجماعة ويديرها اقتصاديوها، حيث تمت مصادرة ما يزيد على نصف مليار جنيه، ورغم أن هذا الجانب المالي من ميزانية الإخوان يعتبر يسيرًا بالنسبة للميزانية الإجمالية، فإنه كان مرهقًا للإخوان غاية ما يكون الإرهاق، وأوردت النيابة العامة حصرا لبعض رأس مال شركات المقبوض عليهم، فبلغ 1،5 مليار جنيه، أما عدد الشركات فقد كان 23 شركة، لها 120 فرعا بمحافظات مصر.
كما ضخت الجماعة في السنوات الماضية ملايين الجنيهات في مدارس إخوانية، بالإضافة إلى شركات ومصانع بأسماء قيادات الإخوان على الورق، في حين أن الأموال كانت للتنظيم، وانشأت العديد من المدارس من ضمنها مدارس "جنى دان" المملوكة للمهندس خيرت الشاطر وتديرها ابنته "خديجة"، ومدرسة "أمجاد" في المعادى المملوكة لكاميليا العربى، شقيقة وجدى العربى، وتمتلك أيضًا دارًا للأيتام وهناك مدرسة "المقطم" الدولية المملوكة للمهندس عدلى القزاز مستشار وزير التعليم، ومدرسة «زهراء الأندلس» بمنطقة فيصل بالجيزة ويديرها رجل أعمال إخوانى، ومدارس "فضل" الحديثة بالجيزة المملوكة لمحمد فضل صهر عصام العريان، ومدرسة «تاجان» بمنطقة التجمع بمدينة نصر، ومدارس "طيبة" بمدينة نصر، ومدارس الصحابة بحلوان والمعادى.
وفي المحافظات تمتلك مدارس الهدى والنور في الدقهلية، ويرأس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم أبوعوف أمين حزب الحرية والعدالة بالمحافظة، المقبوض عليه على ذمة تهم بالتحريض على العنف، وتدير المدارس "زينب الشاطر" شقيقة "خيرت"، المقبوض عليه أيضًا على ذمة عدة قضايا جنائية، وهناك مدارس "الدعوة الإسلامية" في بنى سويف، ومدرسة "رياض الصالحين الخاصة" بمركز الشهداء بالمنوفية، ويمتلكها رجل أعمال إخوانى، ومدارس "الجيل المسلم" التي يرأس إدارتها محمد السروجى المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم السابق، ومدرسة "المدينة المنورة" بالإسكندرية، وكان يديرها حمدى عبدالحليم رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية. ومدرسة "الفتح" الخاصة ببنها، ومدرسة "الدعاة" بالسويس، ومدرسة "دار حراء" الإسلامية بأسيوط وتديرها "وفاء مشهور" ابنة المرشد الأسبق للجماعة مصطفى مشهور، وغيرها من المدارس المنتشرة في أكثر من 19 محافظة.
القيادات الصغيرة أيضا لها نصيب في المملكة الإخوانية ومثلت أحد روافد الإخوان فشركات المقاولات التي تملكها القيادات الصغرى للتنظيم، مثل "شركة المدائن "ويمتلكها ممدوح الحسينى، وأحمد شوشة، وشركة "آل الحداد" التي يملكها مدحت الحداد في الإسكندرية، وهم أيضًا أصحاب معارض "إنتربيلد"، واتجه الإخوان إلى الاستثمار في محال الأثاث في دمياط، وكان المسئول عنها الحاج "أحمد زهران" مسئول المكتب الإدارى للإخوان في دمياط. كما نجح حسن مالك، في التعاقد مع شركة "استقبال" وهى ثالث شركة أثاث في أوربا، ليصبح وكيلها في مصر.
وعن مقرات الحزب بالمحافظات ففي محافظة الشرقية التي تمثل معقل الإخوان هناك 32 مقرا للجماعة والحزب على مستوى مدن ومراكز المحافظة "16 للجماعة، 16 للحزب"، فضلا عن وجود مقرين بمدينة الزقازيق أحدهما للمركز الرئيس للجماعة بشارع مدير الأمن المتفرع من شارع المحافظة، والآخر للمركز الرئيس للحزب الكائن بمنطقة منشية أباظة المجاور للمدرسة الثانوية العسكرية، بالإضافة إلى انتشار فيما لا يقل عن 250 مقرا فرعيا للجماعة والحزب بقرى المحافظة، جميع هذه المقرات مستأجرة من الغير بأسعار تتراوح قيمتها من 200 إلى 2500 حسب مكان كل مقر، فالمقرات الموجودة في القرى والتي يتراوح عددها من 250 إلى 300 مقر لا تزيد قيمة الإيجار على 300 جنيه، أما المقرات الموجودة في المدن وعددها 3 مقرات تتراوح قيمة الإيجار من 700 إلى 1200 جنيه، أما المقران الرئيسيان الكائنان بمدينة الزقازيق فأحدهما مملوك للجماعة بشارع مدير الأمن المتفرع من شارع المحافظة، حيث تم شراؤه منذ أكثر من 23 عاما في الثمانينيات من القرن الماضي بقيمة تقترب من 20 ألف جنيه إلا أن قيمته السوقية حاليا تزيد على 400 ألف جنيه، أما المقر الآخر والكائن بمنطقة منشية أباظة فتتراوح قيمة الإيجار من 1500 إلى 2000 جنيه.
أما عن محافظة الغربية فهناك 100 مقر تثير مخاوف المنازل المحيطة بهذه المقرات بل وقلق أصحاب العقارات التي يوجد بها هذه المقرات بعد أن أصبحت هدفا للثوار، الذين يقومون بمحاولة اقتحامها وأحيانا حرقها، ومنذ قيام ثوار المحلة بتهديد مقر الحرية والعدالة والإخوان بميدان الشون وقذفه بالمولوتوف وحرق واجهته واستياء سكان المنطقة والعقار من وجود الحزب والجماعة قامت الجماعة بنقل المقر وترك الشقة والانتقال لمكان غير معلوم حتى لا يكون هدفا للثوار والرافضين لسياسة الإخوان! ومحاولة إخفاء أماكن المقرات والحزب والجماعة ورفع لافتات الحزب من شرفات المقرات.
وفي محافظة المنيا هناك ما يقرب من 12 مقرا للجماعة تصل قيمتهم المادية إلى 3 مليون جنيه وهو ما اثار دهشة المواطنين حيث تراوح تملك المقر الواحد ما يقرب من 100 ألف جنيه بخلاف المقر الرئيسى بمدينة المنيا والذي يقدر تملكه بما يقرب من 500 ألف جنيه هذا بخلاف مقرات أخرى بديلة للجماعة بمدينة المنيا وكذلك تجهيزات المقرات بالأثاث وأجهزة الكمبيوتر وشاشات العرض وقاعات للاجتماع.