رئيس التحرير
عصام كامل

السير عكس الاتجاه


بعد ثورة 25 يناير، وغياب الأمن ظهرت معادن الناس على حقيقتها، فأصحاب المعادن الذهبية ازدادوا بريقاً وأصحاب المعادن الصدئة منعوا رؤية بريق الذهب، بانتشارهم فى كل مكان يخرقون القانون وكل الأعراف التى تُبنى الدول على أساسها .


فنجدهم حتى الآن يسيرون عكس اتجاه القانون والحق، ويفعلون كل ما يخالف الإنسانية وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على العفن الداخلى لهولاء التى كانت قوة القانون تُغطى رائحته النتنة التى ظهرت اليوم فى كل صور الحياة فى مصر .

فنجد سائقى الميكروباص يسيرون عكس الاتجاه حتى على مطلع الكبارى، يستهينون بأرواحهم وأرواح الناس غير عابئين بكوارث نحن فى انتظارها كل دقيقة وأنا لا أتكلم عن سمع بل عن رؤية العين، فقد تعرضت لحوادث كارثية كادت أن تؤدى بى إلى الموت المؤكد، فعندما كنت فى طريق المعادى وكنت أسير بسيارتى على الدائرى صاعداً مطلع كبرى المعادى بالقرب من نزلة المريوطية وفجأة بسيارة تسير عكس الاتجاه آتية من منزل المريوطية عكسياً فى طريقها إلى مطلع كبرى المعادى فصدمتنى بزاوية خمسة وأربعين درجة من ناحية الباب الذى بجوار السائق وجعلت سيارتى تدور حول نفسها فى اتجاه سور الكوبرى فى طريق سقوطها أسفله لو لا إرادة الله أنقذتنى وأنقذت السيارة باصطدامها بكشك مخالف بُنى بجوار مطلع كبرى المعادى فمنع سقوط السيارة وعكس مسارها لاتجاه مطلع الكبرى مرة أخرى لو لا توقف السيارة بفعل ارتدادها إلى أن أصبحت فوق الرصيف يمين مطلع الكبرى الذى أدى إلى توقف السيارة ومنعها من الحركة .

كانت لحظات ولكنى رأيت الموت بعينى وعندما خرجت من السيارة لم أنظر إليها وما آلت إليه ولا حتى الدماء التى كانت فى وجهى نتيجة كسر وبعثرة الزجاج الأمامى للسيارة وكذلك زجاج الأبواب الأمامية وكنت فرحاً بنجاتى من موت مؤكد حدوثه.

إن حادثة السيارة هذه ليست الأولى ولا الأخيرة من نوعها من حوادث المرور اليومى فى مصر بسبب السير عكس الاتجاه، ولكن إذا نظرنا إلى كل نواحى حياتنا سنجدنا نتعرض لكل أنواع المخاطر لأننا لا نتبع ولا نحترم الأصول ولا النظام، فنجدنا نصطدم بعضنا البعض ونسقط بعضنا البعض من أعلى كبارى الأمم المحترمة المتقدمة وذلك لإصرارنا السير عكس الاتجاه .

فنحن أكثر شعوب الأرض تحدثاً عن الإسلام والنظام فى الإسلام، ونسير عكس كل شىء من تعاليمه، نعشق المظاهر الكاذبة ولا نهتم بالجوهر ونتكلم عن النظافة ولا نعرف كيف تكون لا نأخذ من السنن إلا ما ظهر منها مثل الثياب وإطلاق اللحى .

الإسلام ينادى بالاتحاد بين الدول ونتكلم عن الوحدة العربية وتعاليم الدين بالوحدة ومن ينادون بهذا يقسمون البلاد لإضعافها ويقولون عن الوطن ما هو إلا حفنة من تراب عفن ويحلمون بالخلافة ليصبحون أمراء وسلاطين ويعيشون الرغد فى العيش على فقرنا وذلنا .

يقولون الإسلام هو الحل والخلافة هى من الإسلام، يكذبون على الله إنهم يسيرون عكس اتجاه تعاليم الإسلام ويهللون ونحن نتهاوى ونتساقط باصطدامنا ببعضنا البعض .

كل ما نريده هو مجتمع يقدس السير فى الاتجاه الصحيح بحكم العادة لا بقوة القانون، نريد أن نعيد ثقافة المجتمع ليصبح مجتمعا متوافقا أولاً مع نفسه يمارس تعاليم الدين بالفعل لا بالقول .
الطرقات ترتوى من دمائنا المسالة عليها بفعل جهلنا وغبائنا، لا نعتب إلا على أنفسنا ولا أحد غيرنا سببا فى تلك الدماء .

لا تتركوا الأفكار الفاسدة تنمو فتؤدى بنا إلى الهلاك المبين فحاربوا الأفكار بالأفكار والمبدأ بالمبدأ فلنبدأ من الآن.
الجريدة الرسمية