رئيس التحرير
عصام كامل

من هم اليهود الذين ندعوهم للعودة إلينا ؟


كانت دعوة الدكتور عصام العريان لليهود للمجىء إلى مصر محل العديد من ردود الأفعال الكبيرة والتى تلقفتها الأيادى اليهودية بالقطع، وذلك الأهم فى الموضوع، وقد حاولت استغلاله وتوظيفه كالعادة لخدمة مصالح ومطامح إسرائيلية يحتوى عليها مخطط قديم حديث يتعلق بما يعرف بالملك الصهيونى أو دولة إسرائيل الكبرى المحفورة على جدران الكنيست من النيل إلى الفرات، وقد لا يكون قصد العريان التى تعددت حوله الآراء ما بين ملتمس له العذر وإن لم يكن يقصد بذلك سوى حل "القضية الفلسطينية"، وذلك بعودة اليهود إلى مصر وبذلك يخلو مكانهم للفلسطينيين وبذلك تحل القضية من تلقاء نفسها، وقد يكون ذلك هو القصد ولكنه لا يعكس ذلك حقيقة مهمة للموقف أو أبعاد "الفكر الصهيونى" الذى لا يعترف بحسن النوايا وأنه منذ عام (1948) بدأ اليهود العودة من رحلة الشتاء والرجوع إلى "أرض الموعد" التى ينادى ويتمسك بها اليمين الصهيونى الذى يرى أن هذه الأرض هى تلك لليهود وأن ما عداهم هم الأمم أو الأخيار، وكان على السيد العريان أن يدرك ما هى نظرة إسرائيل للأخيار والأغيار هم الذين يختلفون من اليهود أى من الأجناس الأولى والتى يفضل عليهم اليهود أو الذين لابد من التضحية بالآخرين من أجلهم، أى أن دماء اليهود أفضل من دماء الآخرين وأنه طبقاً لذلك فاليهودى لابد وأن يعيش وغيره لابد وأن يموت إذا كان ذلك سيعطل وجوده أو يسبب أى ضرر، ولعل هذه النظرية التى قال بها والد نتنياهو عندما تولى ابنه الحكم فى الولاية الثانية ورأى أنه لابد وأن يستعجل ما يعرف بنظرية الماعز التى تعبر على جسر وكان يقصد بهم العرب وأنه لابد من الإلقاء بهم من على الجسر حتى يعبر القطيع الآخر ويقصد بهم اليهود هؤلاء هم اليهود وتلك طبيعتهم على أساس أنهم شعب الله المختار أى هم الشعب الذى اختاره الله واختصه لنفسه وهو مفضل لديه عن جميع الشعوب من الأمم وأنهم لابد وأن يسودوا عليهم ولابد وأن يقضوا عليهم، لذلك لم يكن من الغريب أن يقوم اليهود بكل هذه المذابح عبر تاريخهم الطويل والمرير مع الشعب الفلسطينى بداية من صابرا وشاتيلا وخان يونس وغيرها من المذابح التى تتم يومياً لأطفال ونساء شيوخ غزة، وكيف أنه مع ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال أثناء حرب غزة خرج الحاخامات يثنون على الجنود الإسرائيليين الذين قاموا بذلك وأنهم لم يفعلوا سوى الصواب وأن ما قاموا به ليس أمرا شاذا أو غريبا أو يتعارض مع الدين ولكنه يعد من صميم الدين وأن قيامهم بذلك يعبر عن مدى صلاحهم ومدى التزامهم بعقيدتهم وقد استشهدوا وقت ذاك بما فعله أبناء سيدنا يعقوب فى أول مذبحة لهم فى التاريخ والتى يحدثنا عنها سفر التكوين أصحاح (34) وذلك عندما أحب ابن حاكم مدينة شكيم ابنة سيدنا يعقوب دينا وتقول كلمات التوراة إن أبناء يعقوب عندما سمعوا ذلك غضبوا واغتاظوا واعتبروا ذلك متاحة فى إسرائيل وأن ذلك ما كان يجب أن يحدث، وقد طلبها الحاكم أن تكون زوجة لابنه لأن نفسه تعلقت بها ولكنهم قد خدعوا الرجل ووافقوا واشترطوا أن يختنوا حسب عادة اليهود أى كل المدينة بما فيها ابنه لكى ما يصيروا شعباً واحداً وهم يضمرون لشرعهم، وتقول الكلمات فى العدد (25) فحدث فى ذلك اليوم الثالث إذا كانوا متوجعين ( يقصد سكان هذه المدينة ) أن ابنى يعقوب شمعون ولاوى أخوى دينه أخذ كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمان وقتلا كل ذكر وقتلوا حمور وشكيم ابنه بحد السيف كانت هذه أول مذبحة فى التاريخ، فالناس الذين استضافوهم وأرادوا معاهدتهم ودعوهم للعيش معهم وأمنوا لهم وصدقوهم قاموا بالمكر لهم وقتلوهم ذلك هو الشعب الذى تريد دعوته للعودة إلى مصر مرة أخرى هم شعب لا يأمن عقباه وليس له ولاء لأحد إلا لمعتقداته ومورثاته التى تؤكد على أنه الشعب النقى الشعب المنتقى من الله والمخير على سائر الشعوب الأخرى وأنه يطلق عليه بأنه شعب يسكن وحده مع الشعوب لا يحب وأن اختلاطه بالشعوب يعد رحابة وإثم كبير لذلك فهم يقبلون مثل هذه الدعوة ويثنون عليها ويجلون فيمن دعاهم إليها ولكنهم يضمرون الشر لذلك بنبذهم جميع الشعوب التى عاشوا بينها وقد عاشوا فيها بكراهة نفوسهم ومحل للاضطهاد والقتل وصارت هناك عقدة بينهم وبين هذه الشعوب التى تمالقهم الآن ولكنهم سيأتى الوقت الذى فيه سينتقضون عليها لأنهم يرون أن هذا العالم وليس وطن أو بلده وملك لهم ولابد وأن يسودوا عليهم هؤلاء هم الشعب الذى ندعوه لكى ما يقيم بيننا وكأننا حديثى العهد به هم شر على كل من يتعامل معهم أو يدخل فى علاقة معهم وتوراتهم الذى بين أيديهم لا يكذب وهو دليلنا ومرشدنا.
الجريدة الرسمية