مفتى سوريا لروبرت فيسك: طلبت من القاضي العفو عن قتلة ابني ولكنه رفض.. العصابة أرسلت لي " مش محتاجين عفوك".. كل قاتل حصل على 350 جنيهًا استرلينيًا.. المصالحة في سوريا تقي الأمة من الحرق
التقي الكاتب البريطاني روبرت فيسك بمفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون في دمشق، وجلس أمامه بعمته البيضاء النقية التي توضع في قمة رأسه، ووجهه يشع منه النور والنقاء والذكاء ولكنه كان مضطربًا.
وأشار فيسك في مقاله اليوم الثلاثاء إلى مقتل الابن الأصغر للشيخ حسون الطالب الجامعي، على أيدي المعارضة في العام الماضي.
وقال الشيخ حسون إن ابنه سانيا "21عاما" الطالب في الصف الثاني بجامعة حلب قتل وأطلق النار عليه وهو في سيارته ..وإنه التقي بمن قتلوه ولكنهم قالوا له انهم لم يعلموا من الذي قتله.
وأشار الشيخ إلى أن الشابين اللذين قتلا ابنه اعترفا في المحكمة بأنهما تم تزويدهما برقم لوحة سيارة ابنه ولم يعلما من هو الشخص الذي قتله إلا عند مشاهدتهم نشرة الأخبار ولم يبلغا إلا بأنه شخصية مهمة، مضيفًا أن القتلة اعترفوا أن نحو 15 شخصًا متورطون في التخطيط لتصفية ابنه سانيا.
ووصف فيسك حالة الشيخ وهو يروي ويبكي ويضع يديه على عينيه ويشير الشيخ قائلا " سامحهم الله على ما فعلوه" ويؤكد أنه طلب من القاضي مسامحتهم، إلا أن القاضي رفض وقال له إنهم مذنبون وارتكبوا عشرة أضعاف عمليات القتل واغتالوا من قبل سوريين من ضواحي دمشق ويتلقون أوامرهم من تركيا والسعودية ويدفعون لهم 50 ألف ليرة سورية.
وكشف حسون أن ابنه طالب كلية سياسة واقتصاد كان على وشك الخطوبة من طالبة بكلية الطب، وأزهقت روحه مقابل 700 جنيه استرليني أي كل قاتل حصل على 350 جنيها استرلينيا، وأصبح الآن له أربعة أبناء بدل خمسة أبناء بعد مقتل سانيا.
وقال الشيخ إنه بعد مسامحته للقتلة وصلته رسالة من المعارضة بأنهم ليسوا بحاجه لعفوك .. وقال زعيم العصابة على إحدى القنوات الإخبارية إنه يجب الحكم على المفتي أولا ثم يسمح له أن يسامحنا.
وأوضح فيسك أن الشيخ حسون بدا على أنه مقرب من الرئيس بشار الأسد بعد ظهوره وهو يصلي بجانبه في دمشق، على الرغم من أن حقيقة الأمر ليست كذلك .. ولقد عاني الشيخ حسون الأمرين من المخابرات السورية، فلقد جردت المخابرات الشيخ من منصبه كمفتٍ للبلاد عام 1972 حتي عام 2000 ومنعته من إلقاء خطبة يوم الجمعة وإلقاء المحاضرات في مناسبات مختلفة.
وأشار الشيخ حسون إلى أن طبيعة أجهزة المخابرات هي نفسها في جميع أنحاء العالم، اهتمامهم بالدرجة الأولى ليس بالجانب الإنساني بل بالدولة، كما أنه يمكن أن يتخذ قرارات ضد رئيس البلاد إن اقتضى ذلك، وحتي المخابرات الأمريكية تتجسس على الأمريكان وكل أوربا على هذا النمط.
ووجه حسون رسالة لبلده سوريا "التاريخ شهد بناء العديد من الكنائس والمساجد لكن لنقم ببناء الإنسان، ودعونا نكف عن لغة القتل، ألم تكلفنا هذه الحرب الكثير؟"، مشيرا إلى أن المصالحة ضرورة لكي لا تحرق الأمة السورية والتي لن تقتصر على سوريا فقط بل ستمتد إلى الدول المجاورة التي تسعي لمنع المصالحة وهى السعودية وتركيا والعراق ولبنان، فلقد جاء مقاتلون من العراق وتركيا تلبية للموت أو الإطاحة بالرئيس بشار الأسد .. فيجب أن نقضي على الأيدي الخارجية ونسعي لطريق واحد وهو المصالحة.