حينما يتوقف الزمن
على الرغم من مرور أكثر من شهرين ونصف على اليوم الذي شهد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين، وإعلان خارطة الطريق، إلا أنني أشعر بأن الزمن قد توقف عند هذا اليوم، فما زالت الأجواء هي الأجواء، والحديث هو الحديث، لا يتغير، عن الأخطاء التي ارتكبتها جماعة الإخوان في حق الوطن على مدار العام الذي حكمت فيه مصر.
فقد شاهدنا خلال الشهرين ونصف الماضيين تركيزا على أعلى مستوى من جميع الأطراف الفاعلة داخل الوطن، على أحداث الماضي، مقابل تجاهل تام لمشاكل الحاضر وتطلعات المستقبل، وكأن المشاكل التي ثار الشعب بسببها على الإخوان قد تم حلها، وكأن كافة الآمال التي عبر عنها يوم 30 يونيو قد تم تحقيقها.
فعلى المستوى الإعلامي، شاهدنا خلال الفترة الأخيرة توحد الخطاب الإعلامي علي قضية واحدة فقط، وهي كيفية شحن الشعب ضد الإخوان، من خلال عرض تقارير شبه يومية عن الجرائم التي ارتكبوها خلال فترة حكمهم، مقابل تجاهل تام للعديد من القضايا الأخرى الهامة التي تتطلب اللحظة الراهنة الاهتمام بها ومناقشتها، مثل التوعية بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، والمشاركة الشعبية في كافة المشاهد الانتخابية المقبلة، وأخير الضغط على الحكومة الحالية من أجل حل بعض الأزمات مثل قضية غياب الأمن، ومشكلة ارتفاع الأسعار، التي لم أرى أي قناة تليفزيونية تحدثت عنها.
أما على المستوى الحكومي، فنجد أيضا أن الحكومة لم تتبن أي رؤية حول أي قضية، باستثناء رؤية واحدة انتقامية ضد كل ما هو إخواني، فعلى الرغم من أنني أعلم تماما أن معاقبة الإخوان على ما ارتكبوه في حق هذا الوطن أمر لا بد منه، ولكن حينما يكون هذا العقاب بشكل مبالغ فيه، ويقوم على أساس انتقامي ضد الإخوان لمجرد أنهم إخوان، وليس لمجرد ارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون، فلا بد من الوقوف عند ذلك، ومواجهته.
وعلى مستوى القوى والأحزاب السياسية، فالأمر أيضا لا يختلف كثيرا، فعلى الرغم من وجود العديد من المعارك الانتخابية المرتقبة، إلا أننا لم نشاهد أي وجود لأي حزب سياسي في الشارع، ولم نسمع أيضا عن أي مشروع أو رؤية بديلة لهذه الأحزاب، تستطيع بها فرض نفسها على المشهد الحالي، وكأنها مصرة على عدم التعلم من الأخطاء التي وقعت فيها من قبل، وتسببت من خلالها في وصول الإخوان للسلطة.
وأخيرا أود أن أشير إلى أن استدعاء الماضي يجب أن يكون من أجل التعلم من أخطائه فقط، وتجنبها عند حل مشاكل الحاضر، وتحقيق آمال المستقبل، وليس من أجل أي هدف آخر، تحريضي أو إنتقامي، فالجميع يدري جيدا أن عودة الإخوان مرة أخرى للسلطة، على الأقل خلال العشر سنوات المقبلة، أصبح أمرا أشبه بالمستحيل، وخاصة في ظل الرفض الشعبي لهم، ولذلك فعلى جميع الأطراف النظر للأمام، وتنحية الماضي والخوف من عودته جانبا.
nour_rashwan@hotmail.com