ترميز المقاومة
لكل أشكال الغزو جبهات عدة للصد والمقاومة، منها ما هو رمزى، ورغم قوته المعنوية والروحية وإيحاءاته الفكرية إلا أنه يبقى ممنوعاً من الصرف الميدانى، خصوصاً حين يكون هذا الغزو استيطانياً على غرار ما يحدث فى فلسطين الآن، وما قضمه الاستيطان من الأرض أصبح يهدد ما تبقى منها، لأنه يتمدد سرطانياً وعبر متواليات قد يتعذر وضع حد لها فى المدى المنظور، والاستيطان ليس من نتائج الاحتلال فقط، كما فى المثال الفلسطينى، إنه الاحتلال ذاته، لأنه بدأ استيطانياً وإحلالياً، وهذا هو الفارق بين الاستعمار بمعناه التقليدى والاستيطان كما هو الآن، فالأول له أرض يعود إليها إذا اضطر إلى ذلك، لكن الثانى لا خيار أمامه إلا البقاء حيث هو، وحيث يستوطن ويتكاثر . وما تقدمه المخيمات والقرى الرمزية فى فلسطين من مضادات معنوية للاستيطان لا يكفى، إذا بقى وحده، معزولاً عن ديناميات أخرى، على صعيدى الداخل والخارج، ويبدو أن العالم الآن مشغول بأولويات سياسية واقتصادية ليست مقاومة الاستيطان منها، فالشجب لا يتخطى المواقف النظرية وبعض الإشارات الأخلاقية، والمستوطن لم يعد يعبأ بهذه المضادات غير الفاعلة، وأسوأ ما يمكن أن يحدث فى هذا السياق هو أن يدرك المعتدى حجم وحدود ردود الأفعال المتوقعة على عدوانه، بحيث يألف ذلك، ويدرجه فى عداد الثرثرة الإعلانية .
ومنذ بداية المقاومة كان للبعد الرمزى دور لا يستهان به، شرط أن يضاف إلى أنماط أخرى من المقاومة، وقد تسارع الاستيطان فى الآونة بحيث تضاعف خلال فترة قصيرة، كأنه عثر هو الآخر على ربيعه فى وقت ضاعت فيه الحدود بين الفصول وأوشكت أن تضيع بين القضايا .
كم تبقى من القدس وما حولها خارج هذا الأخطبوط الاستيطانى؟ سؤال قد لا تصلح الأميال والأمتار المربعة للإجابة عنه، لأن استراتيجية حصار المدينة تستهدف عزلها أولاً ومن ثم الشروع فى تهويدها حتى آخر حجر فى السّور .
والنيران التى يشعلها مقاومو الاستيطان فى ليالى هذا الشتاء البارد تصبح مجرد رماد إذا بقى الشجب فى نطاقه الرمزى، فقبل أسبوعين كانت قرية “باب الشمس” رمزاً تاريخياً وروائياً مشتعلاً ثم زحفت إليها الجرافات المحروسة بالدبابات، وهذا ما سوف يتكرر لأن جبهة المقاومة المكرسة لتمدد الاستيطان يجب أن تتجاوز الرمزى من دون أن تتخلى عنه لتشمل العالمين العربى والإسلامي، والرأى العام العالمى أيضاً .
إن ما يحدث هو استفراد فى غياب أية روادع دولية جادة، وهو أيضاً استثمار لانشغال العالم، وتلك استراتيجية أعلن عنها نتنياهو فى كتابه “مكان تحت الشمس”، حين قال إن أهم ما انجزته الدولة العبرية كان متزامناً مع أحداث دولية ملتهبة، فالأنظار تكون منصرفة عما يجرى تحت الاحتلال وفى ظلامه .
لقد بلغ الاستيطان الآن المرحلة الرابعة، وهى مرحلة السعار والتسابق الماراثونى مع الزمن لخلق أمر واقع لا رجوع عنه .
-نقلاً عن الخليج الإماراتية-
ومنذ بداية المقاومة كان للبعد الرمزى دور لا يستهان به، شرط أن يضاف إلى أنماط أخرى من المقاومة، وقد تسارع الاستيطان فى الآونة بحيث تضاعف خلال فترة قصيرة، كأنه عثر هو الآخر على ربيعه فى وقت ضاعت فيه الحدود بين الفصول وأوشكت أن تضيع بين القضايا .
كم تبقى من القدس وما حولها خارج هذا الأخطبوط الاستيطانى؟ سؤال قد لا تصلح الأميال والأمتار المربعة للإجابة عنه، لأن استراتيجية حصار المدينة تستهدف عزلها أولاً ومن ثم الشروع فى تهويدها حتى آخر حجر فى السّور .
والنيران التى يشعلها مقاومو الاستيطان فى ليالى هذا الشتاء البارد تصبح مجرد رماد إذا بقى الشجب فى نطاقه الرمزى، فقبل أسبوعين كانت قرية “باب الشمس” رمزاً تاريخياً وروائياً مشتعلاً ثم زحفت إليها الجرافات المحروسة بالدبابات، وهذا ما سوف يتكرر لأن جبهة المقاومة المكرسة لتمدد الاستيطان يجب أن تتجاوز الرمزى من دون أن تتخلى عنه لتشمل العالمين العربى والإسلامي، والرأى العام العالمى أيضاً .
إن ما يحدث هو استفراد فى غياب أية روادع دولية جادة، وهو أيضاً استثمار لانشغال العالم، وتلك استراتيجية أعلن عنها نتنياهو فى كتابه “مكان تحت الشمس”، حين قال إن أهم ما انجزته الدولة العبرية كان متزامناً مع أحداث دولية ملتهبة، فالأنظار تكون منصرفة عما يجرى تحت الاحتلال وفى ظلامه .
لقد بلغ الاستيطان الآن المرحلة الرابعة، وهى مرحلة السعار والتسابق الماراثونى مع الزمن لخلق أمر واقع لا رجوع عنه .
-نقلاً عن الخليج الإماراتية-