رئيس التحرير
عصام كامل

تامر منصور "سفير مصر بالإمارات" يكشف في حوار لـ"فيتو": الإخوان هدموا علاقات مصر التاريخية مع الإمارات بسبب 14 من أعضائهم

فيتو

  • المعزول لم "يلبى" دعوة أبوظبى لزيارتها وزار دولا أخرى دون دعوة
  • المؤسسة الدبلوماسية تعرضت لتجاوزات ضخمة من قيادات الجماعة
  • الإخوان هم من بادروا بالعداء مع الإمارات
  • لا علاقة بين وجود شفيق في أبوظبى وخلاف الإخوان مع الإمارات
  • مشكلة الإخوان مع الدول العربية "بنيوية" تتعلق بتنطيم دولى يحارب الدولة الوطنية
  • الحداد والشاطر زارا الإمارت بهدف الإفراج عن أعضاء التنظيم
  • حكمة القيادة الإماراتية تجاوزت تصريحات العريان "الفجة"

اعتبر السفير تامر منصور سفير مصر لدي دولة الإمارات العربية الشقيقة، والذي تنتهى مهمته في هذا المنصب خلال أيام، أن فترة عمله بدولة الإمارات خلال تاريخه الوظيفى في العمل الدبلوماسي لمدة تزيد على 33 عاما، من أخصب الفترات على كافة الأصعدة، خاصة أنه السفير المصري الوحيد الذي عمل بالإمارات خلال أربع مراحل متباينة من السياسية المصرية، قبيل ثورة 25 يناير وصولا إلى المرحلة الانتقالية الحالية.
وأكد منصور، خلال حواره لـ"فيتو" أن جماعة الإخوان اختزلت العلاقات مع دولة عربية شقيقة في قضية أمنية تتعلق بـ 14 فردا من أعضائها ممن تم القبض عليهم في خلية التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، مشددا على أن جماعة الإخوان دخلت في خصومة مع محيطها العربي ومع الشعب المصري نفسه كون فكرته الأساسية تنحصر في خدمة التنظيم ولا تعترف بالأوطان.
وشدد السفير المصري لدي دولة الإمارات، أنه خلال فترة الرئيس المعزول محمد مرسي، تجاوزت قيادات الإخوان المسلمين المؤسسة الدبلوماسية المصرية وكشفت بطريقة صريحة وواضحة عدم ثقتهم في الدور الذي تقوم به السفارات المصرية في الخارج، كاشفا عن أن هجوم عصام العريان وغيره من قيادات الإخوان على دولة الإمارات جاء عقب زيارة عصام الحداد وخيرت الشاطر للضغط على النظام الإماراتى فيما يتعلق بأعضاء الجماعة المعتقلين، معتبرا أن القيادة الرشيدة للإمارات نجحت في احتواء الأزمة التي طرأت على العلاقات التاريخية بين البلدين.. معتبرا أن منحه وسام الاستقلال من الدرجة الأولى من قبل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، بمثابة تكريم للدبلوماسية المصرية..فإلى نص الحوار.


- أيام وتنتهى فترة عملك كسفير لمصر في دولة الإمارات، بماذا تصف الأعوام التي مرت من تاريخك الوظيفى داخل الشقيقة الإمارات؟

أمضيت في العمل الدبلوماسى أكثر من 33 سنة، ويمكن الجزم بأن فترة عملى في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، هي أخصب فترات عملى الدبلوماسى على الإطلاق، حيث كانت أكثرها خبرة وثراء على كافة الأصعدة، وقد شاءت الأقدار أن أكون السفير المصرى الوحيد الذي عمل في دولة الإمارات في أربع مراحل زمنية وسياسية مختلفة ومتباينة وشديدة الحساسية، فقد كنت هنا قبل ثورة 25 يناير، ثم جاءت مرحلة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وما صاحبها من قلاقل واضطرابات، ثم مرحلة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، والتي حملت تحديات جسيمة على مسيرة العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات، وأخيرا جاءت المرحلة الرابعة والتي بدأت فور قيام ثورة 30 يونيو، تلك الثورة التي أعادت هذه العلاقات إلى سيرتها الأولى من التعاون المطلق في كافة المجالات دون استثناء.

- بماذا شعرت عندما قام رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بمنحك وسام الاستقلال من الدرجة الأول؟

جاء منح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان -رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله- وسام الاستقلال من الدرجة الأولى لشخصى، بمثابة تكريم للدبلوماسية المصرية، وحرص هذه المدرسة العريقة على توطيد ودعم العلاقات مع الأشقاء العرب، خاصة في أوقات الشدة والمحن، مثل التي عاشتها العلاقات المصرية – الإماراتية طوال العام الماضى، وفى الواقع كانت لحظة استلامى الوسام من أهم وأغلى لحظات حياتى الدبلوماسية على الإطلاق، فبالغ الشكر وخالص العرفان والامتنان للقيادة الإماراتية الرشيدة على تفضلها بمنحى هذا الوسام الإماراتى الرفيع، كما أن التكريم عندما يأتى من قيادة عربية بحجم ووزن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله، فهو بالطبع تقدير رفيع القدر وعالى المقام، ويضفى على النفس كل مشاعر الفخر والاعتزاز.

- جماعة الإخوان تتهم دولة الإمارات بمحاربتها ودعم النظام الحالى، بهدف إجهاض مشروع قناة السويس خوفا على مصالحها الاقتصادية، فما هي صحة هذه المزاعم؟

هذا غير صحيح على الإطلاق، فالإخوان هم أول من بدأوا بالعداء مع الإمارات، فمن المعروف أن الإمارات احترمت اختيار الشعب المصرى وفوز الرئيس المعزول في الانتخابات، وأرسلت القيادة الإماراتية خطاب تهنئة له، ثم قام سمو الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات بزيارة مصر وتقديم دعوة رسمية للرئيس المعزول لزيارة الإمارات، ولكنه أصر على عدم تلبية الدعوة في حين قام بجولات في دول عديدة أخرى دون أن تقدم له دعوة لزيارتها، وبالرغم من ذلك وفي ظل العلاقة المتوترة منحت الإمارات الدكتور أحمد الطيب شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد لمواقفه الوسطية، وتبرع الدكتور الطيب لجامعة الأزهر بقيمة الجائزة تقديرا للدور الذي يلعبه الأزهر على الصعيد الدولي، وبجانب الجائزة تبرعت الإمارات بمبلغ 250 مليون درهم لجامعة الأزهر كمنحة عاجلة، كما صدر مرسوم على غير العادة تزامنا مع وجود شيخ الأزهر واحتراما لمكانته بالإفراج عن 103 من المساجين المصريين في قضايا مالية، حيث قام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بالسداد عوضا عن المتعسرين.. وأخيرا فمعروف لدى الجميع أن المشكلة بين الإخوان والإمارات والدول العربية بل مع الشعب المصرى نفسه، تنحصر في أممية التنظيم وعدم ولائه الوطنى.

- عقب إعلان الفريق عبدالفتاح السيسي، قرار الانحياز لمطالب ثورة 30 يونيو، من أول مسئول إماراتى قام بالاتصال بك، وماذا قال لك حينها حول مستقبل العلاقات بين مصر والإمارات؟

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول العربية والأجنبية، التي أعلنت عن دعمها المطلق لجميع مطالب الشعب المصرى، التي خرج من أجلها في ثورة 30 يونيو المجيدة، وكان الموقف الرسمي الإماراتى من ثورة 30 يونيو مدركا جيدًا لعمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، فالقيادة الإماراتية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وسائر المسئولين الإماراتيين، تنطلق من النهج الذي أرساه الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي كان لمصر مكانة كبيرة في قلبه ووجدانه وفكره، لإدراكه أن مصر تشكل القلب النابض للعالم العربى.. ففى أول رد فعل إماراتى رسمى على نجاح ثورة 30 يونيو في عزل الرئيس مرسي، قال وزير خارجية الإمارات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في 4 يوليو 2013: "إن جيش مصر العظيم يثبت من جديد أنه بالفعل سياج مصر وحاميها ودرعها القوى الذي يضمن لها أن تظل دولة المؤسسات والقانون التي تحتضن كل مكونات الشعب المصري الشقيق"، وأضاف الوزير الإماراتي في بيان أصدرته وزارة الخارجية الإماراتية: "إن دولة الإمارات تتطلع على الدوام لتعزيز علاقاتها مع مصر الشقيقة حكومة وشعبا والمضي بها قدما إلى المزيد من التعاون الوثيق في مختلف الميادين وبما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الشقيقين"، وقال البيان "تتابع الإمارات العربية المتحدة بارتياح تطورات الأوضاع في جمهورية مصر العربية الشقيقة انطلاقا من العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين"، ونقل البيان عن الوزير الإماراتي قوله "إن الإمارات على ثقة تامة بأن شعب مصر العظيم قادر على تجاوز اللحظات الصعبة الحالية التي تمر بها مصر الشقيقة وأن ينطلق بها إلى مستقبل آمن وزاهر"، وأضاف: "إن تاريخ مصر العريق ومساهماتها الأساسية في الحضارة الإنسانية ودورها المحوري على الصعيدين العربي والإسلامي كل ذلك كفيل بأن يوفر لشعبها ركيزة قوية لبناء مستقبل مزدهر يقودها إلى ما يتطلع إليه شعبها الشقيق من تقدم واستقرار".

- عندما كان يتهجم قيادات الإخوان على الإمارات، وخاصة تصريحات عصام العريان، بماذا كنت تشعر كمواطن عربي أولا، ودبلوماسي ثانيا؟

خلال فترة الرئيس المعزول تجاوزت قيادات الإخوان المسلمين المؤسسة الدبلوماسية المصرية وكشفت بطريقة صريحة وواضحة عدم ثقتهم في الدور الذي تقوم به السفارات المصرية في الخارج... فلم أتعرض لمثل هذه التجاوزات طوال مسيرتى في العمل الدبلوماسي، وأؤكد على أن تفهم الجانب الإماراتي ووعيه بطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر بعد ثورة 25 يناير وطبيعة الحكم فيها خلال العام الماضي خفف من حدة تلك التجاوزات الخطيرة.. وللاسف بعد كل زيارة قام بها قيادي من الإخوان للإمارات مثل عصام الحداد أو خيرت الشاطر، كانت تصدر تصريحات لعدد من قيادات الإخوان داخل مصر تهاجم دولة الإمارات كوسيلة ضغط على الجانب الإماراتي في قضية الموقوفين المصريين من المنتمين لخلية الإخوان المسلمين، التصريحات الفجة لم تغير من موقف الإمارات الحيادي والعادل في التعامل مع قضاياها أو حتى ينال من طبيعة العلاقات المصرية - الإماراتية، ومن المؤسف أن الإخوان المسلمين اختزلوا واختصروا التاريخ العريق بين البلدين في القضية الأمنية للموقوفين البالغ عددهم 14 فردا دون النظر للمصلحة المشتركة وعمق العلاقة بينهما.

- ومامدى صدق المعلومة التي روجت حينها حول نية الإمارات ترحيل العمالة المصرية ردا على تصريحات قيادات الإخوان؟

لقد التقيت مسئولين في وزارة الخارجية الإماراتية رغم سخونة التصريحات الإخوانية كما التقيت قيادات إماراتية لتوضيح الأمور بعد أن وصلت حدة التصريحات إلى اتهام الإمارات باختطاف الرئيس المعزول محمد مرسي إلى قطر وادعاء ترحيله إلى الإمارات، وهذه القيادات أكدت على أن الإمارات قيادة وشعبا تتعامل مع مصر وشعبها بتقدير بالغ دون النظر لفصيل سياسي بعينه وأن العلاقات بين البلدين لا يمكن لها أن تتأثر أو تهتز بهذه التصريحات غير الواعية.

- وجود الفريق أحمد شفيق بدولة الإمارات، هل كان السبب في الخلافات؟

كما قلت سابقا المشكلة بين الإخوان والشعب المصرى والدول العربية بما فيها الإمارات هي مشكلة بنيوية، تتعلق بانتماء الإخوان لتنطيم دولى يحارب الدولة الوطنية.. فالقضية ليست الادعاءات الخاصة بقناة السويس أو وجود الفريق شفيق، أو غير ذلك.

- في النهاية ما هي رسالتك إلى الحكومة الإماراتية وأنت تودعهم، وكلمتك إلى الشعب الإماراتى ؟

وأنا أودع الإمارات أشعر بكل مشاعر الفخر كعربى يرى دولة عربية شقيقة تجعل من الإنسان محور جهدها التنموى، حتى صار الإنسان فيها ينعم بالرخاء والأمن والأمان، ويحظى بالرعاية الأمينة، والخدمة المتميزة؛ دولة صارت منصة عالمية لأهم وأشهر المعارض الدولية، والمؤتمرات الكبرى، والمهرجانات والمتاحف الثقافية والفنية المختلفة، وجدت هنا الإسلام الحضارى والتنموى في اسمى معانيه، من عمران في الأرض، إلى النظافة والمحافظة على البيئة، إلى احترام الآخر وقبوله، والتسامح اللا محدود مع كافة بنى البشر دون تفرقة في اللون أو الجنس أو العرق أو الدين أو العقيدة، وجدت احترام العمل وتقديس الوقت والانضباط المجتمعى في الشارع وكافة مؤسسات الدولة، كل ذلك إلى جانب التقدم المذهل في تقديم كافة الخدمات الحكومية للمواطن والمقيم بصورة سريعة وإنسانية راقية، بطريقة تثير الإعجاب والتقدير، وقد شاءت الأقدار ألا أترك الإمارات إلا وقد عادت العلاقات بينها وبين مصر إلى أحسن مما كانت عليه، فها هو موقف الإمارات الشقيقة في دعم مطالب الشعب المصرى الذي خرج من أجلها في ثورة 30 يونيو يدشن لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين ترتقي إلى مستواها التاريخي وتليق بأصالة وكرم الشعبين اللذين يرتبطان بعلاقات أخوية وإنسانية راسخة تمثل لكل منهما ضرورة أمن استراتيجي وضرورة تنموية مشتركة ومصالح متبادلة ودائمة.
الجريدة الرسمية