رئيس التحرير
عصام كامل

تصاعد الحرب مع الإرهاب


في واقع الأمر لم يكن يتخيل الكثيرون بأن فض اعتصامي رابعة والنهضة يمكن أن يكونا بداية لمعركة موسعة ضد الإرهاب، إذ أن سوء التقديرات لحجمهم ولطبيعة أهدافهم التي تجاوزت بالفعل الوصول إلى سدة الحكم إلى أبعاد دولية لمخطط قديم حتى وإن لم يفهم ذلك هؤلاء الذين يسقطون الآن في الشوارع والذين يقومون بعمليات الإرهاب والقتل وسفك دماء الأبرياء من خلال محاصرتها المدن والقرى وإرهاب أهلها وقتل ذويها، والذين أصبحوا بالفعل بمثابة ميلشيات تقوم بحرب عصابات وهى بالفعل حرب مخططة ولا تتم على نحو عشوائى.

وأنها تتم على أكثر من محور والغرض من ذلك هو تبديد جهود الجيش والشرطة وتشتيت انتباههم يمكن أن يحققوا ما يصبون إليه وهو "الفوضى" وعدم الاستقرار والإيحاء بأن مصر تعيش في حالة عدم استقرار وأن ما حدث فيها بالفعل لم يكن ثورة ولكنه انقلاب عسكري والدليل هو أن المواجهات تتم مع الجيش.

بيد أن الأمر بالفعل هو واجهة مع إرهاب منظم لم يكن متوقعا وأن مصر مع الإخوان كانت بالفعل مشروع مؤامرة كبرى كانت العناية الإلهية لها بالمرصاد وقد أنقذت مصر منها.. والدليل على ذلك أن هذه الميليشيات وعمليات العنف والقتل والتدمير والتفجيرات وسلسلة الاغتيالات لا يمكن أن تأتى من جانب أناس لديهم ولاء لذلك الوطن أو أن ذلك الوطن يشكل بالنسبة لهم أية أهمية، والوطن لا يعنى فقط الأرض بل "الناس والشعب"، وقد رأينا كيف يتعاملون مع الشعب وكيف يقتلون وكأنهم أعداء الداء لهم وهنا يثور التساؤل هل هؤلاء هم الذين قد ملكناهم علينا في يوم من الأيام ونحن تحت وطأة حالة اليأس من النظام السابق وقد أتوا إلينا ونحن لم نستيقظ بعد من صدمة النظام السابق لنا وتهميشه لقطاعات كبيرة من الشعب والذي أوصلهم إلى حد ما بعد خط الفقر وكان العوز يسحق عظامهم والمرض يلتهمهم.

لقد جاءوا إلينا وهم يقولون أنهم من سيرعون حق الله فينا وأنهم الأمناء علينا وهم حملة الخير وأن الله هو الذي بيننا وبينهم.. فأين هم مما يحدث الآن ؟ هل هم نفس الناس والأشخاص الذين يهددون ويتوعدون والذين يحتلون القرى وينكلون بأهلها والذين يحرقون الزرع والضرع ويقتلون العزل ويهجمون على أقسام الشرطة..

إنهم هم نفس الناس الذين قالوا، إنهم يحملون الخير لمصر فإذ بهم يحملون لها الموت والدمار، إذ بهم قد عزموا على بيعها والتضحية بها لآخرين، وذلك بزعم حكم الخلافة حلم ووهم لا يوجد إلا في رءوس مريضة.. إن مصر الآن تخوض حربًا شرسة ضد الإرهاب وهى حرب قد تكون من أصعب الحروب، وإن تكلفتها وخسائرها سوف ترتفع على نحو كبير.. ولكنها مرحلة حسم تضع مصر ومستقبلها على المحك ومن المؤكد أن مصر لن تحذو حذو الدول التي حولها والتي يريدون لها أن تسلك في ذلك المسلك ويرون أن الباب مفتوح أمامها على مصراعيه.

ولكن كما قلنا، إن مصر سوف تتجاوز هذه المحنة ورغم أن الإخوان يراهنون على الأزمة الاقتصادية في مصر وذلك بتصعيد أعمال العنف حتى تتوقف الحياة ولا تستطيع الحكومة الانتقالية أن تحقق أية إنجازات إذ كيف لها أن تخطط وتضع خطط سريعة الأجل لتنشيط وتحريك الاقتصاد القومى وهناك عنف وصراعات دموية وأخبار تنشرها الصحف وكافة وسائل الإعلام بعضها بغرض يسعى إلى توظيف الأحداث والتهويل منها، وذلك كجزء من خطة الإخوان في عدم تحريك مصر وجعلها حبيسة مشاكلها.. 

هم يعرفون أن الاقتصاد مكبل بالقيود ويعرفون أنه لابد وأن يتم تحريكه وأن تجلب الاستثمارات الخارجية والعملات الصعبة لكى ما تضخ دما فيه فتحيا وتتحرك ولكنهم يعلمون أن ذلك لن يتحقق طالما هناك عنف وقتل وتفجيرات واغتيالات كما أن تركيز انتباه الحكومة على مواجهة العنف لن يجعلها تلتفت إلى هذه المسائل الحيوية التي لا تقل من حيث الأهمية عن مواجهة العنف. 

ولكن ما لا يعرفه الإخوان أن ما يفعلونه قد بدأ يتلاشى وأن الشعب المصرى قد أحق على مقاومة الإرهاب وأنه لن يسلم مصر فالذي ثار وضع ثورة 25 يناير وأزاحهم من الحكم لن يغلب في أن يطاردهم ويقصيهم طالما يحملون السلاح في وجه المواطنين ويرعون الأمنين فلن يكون لهم مكانًا بيننا ولكن إذا تابوا ورجعوا عن طرقهم المردية فالوطن يسع الجميع.
الجريدة الرسمية