رئيس التحرير
عصام كامل

«النفيس» مهاجما «صلاح الدين»: الأيوبى «فرفور».. «سكير».. «مجهول النسب».. «جندى مرتزق».. ومؤسس «القاعدة».. و«البارودى» ير

الدكتور أحمد راسم
الدكتور أحمد راسم النفيس المفكر الشيعي

اختار القطب الشيعى المعروف الدكتور أحمد راسم النفيس، طواعية أن يدخل في حقل ألغام ربما تنفجر في وجهه، عندما أصدر كتابه الجديد «المصريون.. والتشيع الممنوع»، والذي أفرد صفحاته للهجوم على القائد الإسلامى الكبير صلاح الدين الأيوبى قاهر الصليبيين وبطل موقعة حطين..


هجوم النفيس لم يقتصر على مواقف الأيوبى السياسية أو الأخطاء التي وقع فيها إبان حكمه للدولة الأيوبية السنية التي قامت على أنقاض الدولة الفاطمية الشيعية في مصر، وإنما امتد للهجوم على شخصه وقال "إن صلاح الدين كان سكيرا عربيدا ولا نسب له.. ولا يزيد على كونه جنديا مرتزقا".. مشددا على أنه يعد المؤسس الحقيقى للإرهاب في العالم، وما تقوم به القاعدة في أفغانستان وغيرها من المنظمات الإرهابية المتطرفة، هو امتداد لسياسات الأيوبى الظالمة التي مارسها تجاه المصريين حينما قتل الآلاف منهم وهجَر آلافا أخرى من بيوتهم"..

"فيتو"، حصلت على نسخة من الطبعة الثالثة لكتاب أحمد راسم النفيس الجديد وفى السطور التالية تستعرض أهم ما جاء فيه من سلبيات في حياة الناصر صلاح الدين الأيوبى من وجه نظر المؤلف.

سخونة كتاب «المصريون والتشيع الممنوع» بدأت مع تعريف "النفيس" لـ "صلاح الدين" حيث قال: تبدأ الأحداث عام 559 للهجرة، تلك الأعوام الأخيرة من عمر الدولة الفاطمية حيث كان العالم الإسلامي منقسما بين الولاء الظاهري للدولة العباسية ومقرها بغداد، والخلافة الفاطمية ومقرها القاهرة.. أما السلطة الحقيقية فكانت بأيدي العبيد -أو المماليك- الذين شكلوا القوة العسكرية الضاربة لتلك الدول التي انهارت أو أوشكت على الانهيار تحت وطأة الصراعات الداخلية والغزو الصليبي الأجنبي القادم من أوربا".

أضاف: الدولة الفاطمية اعتمدت في بداية أمرها على القوة الضاربة للمغاربة من قبيلة "كُتامة" وما زال اسم المغربي من بين الأسماء الأشهر في مصر وما زالت قرية كُتامة قابعة على مسافة أميال قليلة بالقرب من مدينة المنصورة التي أسكن فيها في الشمال المصري وما زال الكثير من أبنائها يحملون لقب المغربي من دون أن يعرفوا الآن سر التسمية حتى دب إليها الوهن ولجأت للاستعانة بالمرتزقة من أمثال صلاح الدين الأيوبى".. وتساءل: فمن هو صلاح الدين إذًا؟

ويرد "النفيس" مجيبا: "إنه يوسف بن أيوب بن شاذي، ثم وقف النسب فلا حسب ولا نسب وكما قال أبو شامة في كتاب الروضتين، نقلا عن ابن أبي طي الحلبي عن أبيه نجم الدين (هو الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي ولا يعرف في نسبه أكثر من والده شاذي وقد ادعى ابنه سيف الإسلام "ابن صلاح الدين يوسف" لما ملك اليمن أنهم من بني مروان بن محمد الجعدي المعروف بالحمار آخر خلفاء بني أمية، قال وقد نقبت عن ذلك فأجمعت الجماعة من بني أيوب أن هذا كذب وأن جميع آل أيوب لا يعرفون جدا فوق شاذي".

ويستطرد "النفيس" واصفا "صلاح الدين الأيوبي": هذا الفرفور يبقى دائما صاحب الذنب المغفور لأنه قضى على الشيعة والتشيع وسحق الدولة الفاطمية ومحا "حي على خير العمل" من الأذان، ومنع المصريين من إظهار ولائهم لأهل البيت تماما مثل حفيده التكريتي صدام حسين الذي دخل جيشه إلى ضريح الإمام الحسين بن على وضربه بالمدفعية، ولكن لم يحالفه الحظ لتحقيق النصر على إفرنج آخر الزمان من الأمريكان ولو تحقق له ذلك النصر لكان هذا بوابة العبور للإبادة النهائية لشيعة العراق وربما لشيعة العالم أجمع".

وتحت عنوان "آل أيوب في طريقهم لحكم مصر"، يقول "النفيس" في كتابه: "لما هلك أسد الدين جرى تعيين صلاح الدين يوسف بن أيوب وزيرا (فقرب أهل الفضل وتاب من الخمر (!!) وعدل عن اللهو وتيقظ للتدبير وسها عن السهو وتقمص بلباس الدين وحفظ ناموس الشرع المبين)!! أي أن السكير قد أصبح صلاح الدين!!.. وهذا يؤكد أننا لم نكن أمام قديس أو ولي من أولياء الله الصالحين تربى في مدارس (الإخوان المسلمين)، أو في محاضن الإسلام والدين بل أمام مملوك يقتل حسب الطلب ويشرب الخمر سرا ويقلع عن شربها في العلن لما آلت إليه الوزارة في الدولة الفاطمية "لزوم الشغل" وليس "لزوم الدين" وهو في هذا يستوي مع بقية مماليك المرحلة ممن أصبحوا أعمدة لتلك النظم المهترئة".

ويسرد "النفيس" بعد ذلك قصة استيلاء "صلاح الدين" على حكم مصر فيقول: لما توفي العاضد حاكم مصر، جلس صلاح الدين للعزاء واستولى على قصره وجميع ما فيه وكان قد رتب فيه قبل وفاة العاضد بهاء الدين قراقوش وهو خصي لحفظه فحفظه، حتى تسلمه صلاح الدين ونقل أهل العاضد إلى مكان منفرد وجعل أولاده وعمومته وأبناءهم في الإيوان في القصر وجعل عندهم من يحفظهم وأخرج من كان للقصر من العبيد والإماء فأعتق البعض ووهب البعض وباع البعض وأخلى القصر من أهله وسكانه.

يضيف: وقد بقي أبناء الخليفة العاضد في الحبس حتى عام 628 أي أقل قليلا من ستين عاما ولا يعلم بالطبع هل أطلق هؤلاء الوحوش سراحهم أم أنهم ماتوا في ذلك الأسر حيث يقول: (أخبرني الأمير أبو الفتوح بن العاضد وقد اجتمعت به سنة 628 وهو محبوس مقيد بقلعة الجبل بمصر أن أباه استدعى يوسف بن أيوب في مرضه وأوصاه بنا ونحن صغار فالتزم إكرامنا واحترامنا".. ويتساءل المؤلف ساخرا: "أي إكرام هذا الذي يحرم الناس من أبسط حقوقهم ويبقيهم في الحبس لعقود طويلة؟".

وتحت عنوان "أهل السنة ينكلون بالمصريين" يقول "النفيس": عفوا أيها القارئ العزيز فهذا العنوان هو مجرد صياغة لما كتبه ذلك المؤرخ المهووس فنحن لا نؤاخذ أحدا بجريرة غيره، قال: "ولما قطعت خطبة الجمعة للخليفة العاضد استطال أهل السنة على الإسماعيلية وتتبعوهم وأذلوهم وصاروا لا يقدرون على الظهور من دورهم وإذا وجد أحد من الأتراك مصريا أخذ ثيابه وعظمت الأذية بذلك، وجلا أكثر أهل مصر عنها إلى الأقطار وتحدث به السمار".

وأضاف: "هل قرأتم قبل هذا مثل هذه الكارثة وهل أخبركم أحد بمثل هذا الحادث الجلل وهو جلاء أكثر أهل مصر عنها وتفرقهم في البلدان؟، هل حدثكم أحد عن هذه الهيستيريا الجماعية التي أشعلها صلاح الدين والتي وصلت إلى أن يسلب الإنسان ثوبه وينتهك عرضه وربما كان هناك ما هو أسوأ!".

يواصل "النفيس" وصفه لما ارتكبه "صلاح الدين الأيوبي" ورجاله في حق مصر وأهلها ويسهب في ذكر قيامهم بحرق المكتبة الفاطمية ومكتبة دار الحكمة ويصف ذلك بالجريمة الشنعاء في حق البشرية.. ويؤكد أن صلاح الدين الأيوبي عدو الحضارة الإنسانية قائلا: لا نرى فارقا كبيرا بين الأيوبي يوسف وجماعات طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، التي قامت بهدم تماثيل بوذا بالديناميت والحمد لله أن صاحبنا ولد ومات قبل اكتشاف المتفجرات والأسلحة الكيماوية وبقية أسلحة الدمار الشامل.

ولفت إلى أن المقريزي روى في خططه ما فعله هؤلاء الحمقى بآثار مصر فيقول: "أعلم أن الأهرامات كانت بأرض مصر كثيرة جدا منها بناحية بوصير شيء كثير بعضها كبار وبعضها صغار وبعضها طين ولبن وأكثرها حجر وبعضها مدرج وأكثرها مخروط أملس وقد كان منها بالجيزة تجاه مدينة مصر عدة كثيرة كلها صغار هدمت في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على يد قراقوش وبنى بها قلعة الجبل والسور المحيط بالقاهرة والقناطر التي بالجيزة".

وتحت عنوان "حامي حمى السنة يمنع صلاة الجمعة في الجامع الأزهر"!! يقول "النفيس": يذكر المقريزي أن السلطان صلاح الدين استولى على ما بالجامع الأزهر من فضة قدر ثمنها بخمسة آلاف درهم ثم استولى على كل ما وقعت عليه يداه من فضة في بقية المساجد وبقي المسجد الأزهر معطلا لا تقام فيه صلاة الجمعة مائة عام "ولا تلقى فيه دروس العلم من باب أولى" حتى أعادها الملك الظاهر بيبرس.

الدكتور رضوان البارودي، عضو اتحاد المؤرخين العرب أستاذ التاريخ الإسلامى، علق على كتاب النفيس قائلا "إن المؤلف من أقطاب الشيعة في مصر والعالم، ومن الطبيعى أن يتعمد الهجوم على الناصر صلاح الدين، باعتباره هو الذي قضى على الدولة الفاطمية الشيعية في مصر، وأسس الدولة الأيوبية السنية. 

وأضاف: "الدولة الأيوبية ذات أياد بيضاء على الإسلام والعروبة ومصر، كما أن صلاح الدين الأيوبي لا يمكن لأي شخص أن ينكر دوره في نصرة الإسلام والمسلمين، ويكفي أنه استعاد بيت المقدس من أيدي الصليبيين الذين استولوا عليه".

البارودى أضاف أن صلاح الدين وخاله أسد الدين، كانا يعملان تحت ولاية السلطان عماد الدين زنكي، ومن بعده ولده نور الدين محمود، وقد أرسلوا إلى مصر جيوشا لمقاومة الصليبيين، مشيرا إلى أن الدولة الأيوبية يحسب لها أنها نشأ عنها الدولة المملوكية، التي كان لها كثير من الآثار الطيبة على مصر، فلا ننسى أن المماليك كانوا في الأساس عبيدا عند الأيوبيين وأن تربيتهم هي التي أفرزت سيف الدين قطز والظاهر بيبرس، اللذين حاربا التتار في عين جالوت، كما أنجبت أشرف خليل قلاون الذي قضى على الصليبيين تماما.

وقال: "صلاح الدين الأيوبي أسقط الدولة الفاطمية بتعليمات من نور الدين محمود، بعد أن ضعفت ووهنت وبلغت مبلغا من الانحدار لا يمكن إصلاحه.. حيث طلب من الأيوبى وكان وزيرا للخليفة الفاطمى العضد بالله، أن يسقط اسم الخليفة من خطبة الجمعة، كشكل من أشكال إسقاط الخلافة الفاطمية وسيادتها على مصر.. ونفذ صلاح الدين الأمر وتحول الدعاء في خطبة الجمعة باسم الخليفة الوالى العباسى، وبعد عشرة أيام مات الخليفة العاضد، وقيل إنه توفي حسرة على ما حدث، إلا أن النتيجة كانت واحدة، وهي انتهاء الخلافة الفاطمية الشيعية رسميا وعودة مصر إلى المذهب السنى".

البارودى أكد أن راسم النفيس، وقع في خطأ واضح بتأكيده أن المصريين أجبروا على ترك المذهب الشيعى والتحول إلى السنى قائلا: "السواد الأعظم من الشعب المصري طوال حكم الدولة الفاطمية لم يعتنق المذهب الشيعي أساسا، فقد ظل هذا المذهب مقتصرا على خواص الدولة وليس العوام، كما أن الفاطميين لم يضغطوا على المصريين من أجل التشيع، وهو ما جعل المصريين يحبونهم ويقدرونهم.

وأوضح أن الدولة الأيوبية كانت دولة عظيمة، ليس كما يصورها النفيس في كتابه، فالإقطاع الذي تحدث عنه لم يكن في العهد الأيوبي بقدر ما كان في العهد الفاطمي، والدولة الأيوبية كان بها العديد من الجوانب الحضارية، وخرجت من رحمها دولة المماليك التي تركت العديد من الآثار لا تزال شاهدة على عظمتها، فيكفي قلاع صلاح الدين في القاهرة وسيناء والبحر الأحمر".

وردا على ما ذكره النفيس في كتابه المثير للجدل، من أن صلاح الدين الأيوبى، دمر مكتبة القصر الفاطمى، بما فيها من كتب تعد ذخائر ونفائس وكنوزا لا تقدر بثمن يبلغ عددها نحو 3 ملايين كتاب ومخطوطة قال البارودى: "مسألة تدمير كتب القصر هي رواية لا يمكن التأكد من مدى صحتها، والمؤكد أن صلاح الدين لم يحرق كتب الحضارة والفقه، وإنما قد يكون عمد إلى حرق الكتب المتعلقة بأصول المذهب الشيعي، فلم يثبت أن مكتبة القصر كان بها إلا كتب أصول وفقه المذهب الشيعي.

وأضاف أن ما فعله صلاح الدين كان منطقيا، لأن دولته حلت مكان أخرى، وكان من الطبيعي أن يلجأ إلى تطهير البلاد من الدعوة والفكر الشيعي، غير أن هذا التصرف يعتبر أحد أخطاء صلاح الدين، لأنه من المرفوض إحراق أي تراث فكري يخص الإنسانية، ولكن المبرر الوحيد لذلك هو أننا نتحدث عن العصور الوسطى التي لا يمكن مقارنتها بالعصور الحديثة".

ويؤكد البارودي أن صلاح الدين كان أشجع القادة العرب، ويتمتع باحترام ليس فقط في العالم العربي، بل في الغرب أيضا، ومازالت فروسيته محل تقدير الجميع، رغم أنه مدفون في دمشق بمقبرة لا تليق بمكانته كبطل من أبطال المسلمين. 

وعن نسب صلاح الدين يؤكد البارودي أن نسبه معروف، وهو من أكراد شمال العراق، ولم يكن سكيرا، والرجل كان صالحا، وحينما اقترب أجله أوصى بأن يدفن بجانبه سيفه الذي كان يجاهد به في سبيل الله، وكلام النفيس لا يتعدي كونه انتقاما من صلاح الدين لإسقاطه الدولة الفاطمية الشيعية .

الجريدة الرسمية