أيام فى الخارج «٤»
وصلت واشنطن في ذات يوم اليوم الذي اجتمع فيه الكونجرس لمناقشة طلب الرئيس الأمريكى باراك أوباما، توجيه ضربة عسكرية لسوريا.. ورغم الاهتمام الإعلامي بهذه المناقشة.. وأيضًا بخطاب الرئيس الأمريكى الذي وجهه لمواطنيه ليقنعهم بضرورة هذه الضربة، إلا أن الرأى العام الأمريكى لم يكن منشغلا بذلك، وإنما كان انشغاله مثلما كان دائما بما تتخذه إدارته من قرارات وإجراءات على حياته، وما سيقررره الكونجرس تجاه رفع سقف الاقتراض الحكومى والموازنة التي لم تقر في أمريكا منذ خمس سنوات مضت حتى الآن.
هذه المفارقة تعكس حقيقة النفوذ والتأثير الأمريكى في العالم كله وليس في منطقتنا وحدها.. فالأوضاع الداخلية لها تأثيرها بالقطع على مدى فعالية وقوة السياسة الخارجية.. لذلك لم يكن غريبًا أن يخصص أعضاء لجان الكونجرس مناقشاتهم مؤخرًا لبحث أسباب تراجع النفوذ الأمريكى في منطقة الشرق الأوسط.
إذن هذا يجعلنا لا نكترث كثيرًا بغضب الأمريكان لما قمنا به في ٣٠ يونيو حينما أطحنا بحكم كان ينال رضاءهم، وبضغوطهم علينا لعدم محاسبة ومحاكمة قادة الإخوان والرئيس السابق على ما اقترفوه من جرائم في حق بلدهم ومجتمعهم، خاصة جرائم العنف التي مازال الإخوان يصرون على ارتكابها حتى الآن.
أمريكا حتى وإن زاد غضبها وتمادت في ضغوطها علينا فإنهم ليسوا الآن من القوة التي تخشى كثيرًا.. بل هم الآن في حالة ضعف دولى وإقليمى.. وكل ما ستقوم به من أجل بناء دولتنا الديمقراطية العصرية لن يرضيهم.. سوف يغضبون عندما تبدأ محاكمة مرسي وإخوانه وتصدر ضدهم أحكام قضائية، وسوف يغضبون أيضًا عندما نقر دستورًا ديمقراطيًا لنا لا يرضى الإخوان وحلفائهم الذين يبحثون الآن دعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة ولن يقبل الأمريكان أيضا بأن ننتخب مرشحًا للرئاسة لا يروق لهم، خاصة إذا كانت خلفيته عسكرية.. لذلك فلنركز على ما يحقق مصالحنا ويرضينا نحن وليذهب من لا يعجبه ذلك إلى الجحيم.