رئيس التحرير
عصام كامل

هل يفرح التليفزيون؟


أتحدث هنا عن التليفزيون الحكومي، الذي هو الإعلام الحكومي، وأنا أستخدم كلمة حكومي هنا مضطرا وعلى مضض، لأن السياسة العامة للحكم هي التي تحركه، وهي التي تحرك من خلالها وزير الإعلام ومن ثم القطاعات المختلفة لجهاز التليفزيون، لقد ظل التليفزيون أربعين عاما يرفع شعار الحزب الحاكم، الحزب الوطني وبعد انفجار ثورة يناير تصور العاملون به أنه قد آن أوان الحرية.


لكن المجلس العسكري الأسبق كان له رأي آخر، وللإخوان المسلمين بعد ذلك كان رأي آخر شديد السوء، وهكذا ظل في التليفزيون وبين جدرانه حوار صاخب بين العاملين فيه يصل لدرجة الاعتصامات والإضرابات والمظاهرات وغيرها من صور الاحتجاج، الآن تغير الوضع كثيرا لكنه أيضا سيظل تليفزيون الحكم والحكومة ما دامت هناك وزارة للإعلام تعمل في إطار خطة الدولة، والوزيرة المحترمة دكتورة درية شرف الدين كانت لها تجارب خارح التليفزيون وكانت ضد سياسة الإخوان قاطبة ومن ثم سيكون للجرأة في العمل تواجد ووجود، وهكذا أجد نفسي في الحقيقة بعد هذه المقدمة وأريد أن أبتعد عن السياسة، أريد من الوزيرة التي كان لها في الماضي أجمل الأعمال الإذاعية – تحت العشرين مثلا – ونادي السينما، والتي هي – الوزيرة طبعا – أقرب إلى الثقافة منها إلى الإعلام بحكم تكوينها الفكري ودراساتها واطلاعها. أريد إذن من الوزيرة أن تفكر مع مستشاريها كيف يعود الفرح إلى التليفزيون والإذاعة في أشكاله الثقافية الرفيعة التي كانت في الستينات والسبعينات.

وكانت هي أحد منفذيها وأحد طلائعها كما أوضحت، برامج قديمة رائعة مثل العالم يغني وفن الباليه والموسيقى العربية والموسيقى العالمية ونادي السينما وأوسكار وحصاد العالم الثقافي والفني وغيرها، لا تقل لي إن هناك قناة ثقافية. قل لي إن القناة الثقافية ليست بقوة إرسال القنوات الأخرى كما أنها من اسمها يذهب إليها النخبة للفرجة أكثر من الإنسان العادي كما أن تقسيم القنوات على هذا النحو لا يلغي الثقافة من القنوات الأخرى، باختصار هل يفرح التليفزيون المصري بالتحول الذي جرى في مسار الثورة وتخلصت فيه من أكبر عوائق الشعب المصري عبر التاريخ الحديث وهو جماعة الإخوان المسلمين وما يخرج عنها من جماعات إرهابية؟ 

سهل جدا ومطلوب برامج عن تاريخ الإرهاب وتاريخ الجماعة وشهادات ممن اقتربوا منها ثم ابتعدوا. لكن معه إن لم يكن أهم منه أن يعبر التليفزيون عن الفرح بهذه البرامج القديمة بأسمائها أو بأسماء أخرى مع برامج أخرى كثيرة للفرح، برامج عن السينما في العالم والمسرح في العالم وعن الفرق الموسيقية في الطرقات في أوربا وفي المصايف وبرامج عن الشواطئ العالمية وعن الحدائق وعن الفرق الشعبية العالمية وعن أوبرات العالم وبرامج عن المتاحف العالمية من الداخل وعن غرائب الطبيعة في الدنيا كلها وعن الأعياد المختلفة للشعوب وكل عنوان من هذه العناوين وغيرها يكفي عاما كاملا من الحلقات الأسبوعية.

في الوقت متسع للمشاهد أن يرى هذا كله كما يتابع برامج التوك شو أو السياسة. بل هناك الكثيرون الآن يريدون أن يشعروا بطعم الراحة ويريدون برامج تليفزيونية تحتفل بالحياة. ولا يتم الانتقاء من بينها، فكما أن هناك مناسبات للرقص في الطرقات والحدائق هناك مناسبات للإقبال على الحياة بكل تجلياتها، ويمكن جدا لمشاهد اللوحات والتماثيل بالمتاحف أن تكون فواصل بين البرامج ومعها الموسيقى العالمية.

الجريدة الرسمية