رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل جماعة الإخوان والتيارات المتأسلمة


ما هو مستقبل جماعة الإخوان؟ هذا هو السؤال الرئيسي الذي يسعى المرء لوضع إجابة له، ويمتد السؤال لكل الأحزاب والجماعات الدينية التي تعمل بالسياسة ابتداءً بحزب بالنور مرورا بحزب البناء والتنمية والحزب الإسلامي والتي أنشئت في غفلة من الزمن في أعقاب ثورة يناير، وتسعى المجموعات التي أنشأت هذه الأحزاب سواء سلفية أو جهادية لاحتكار الدين ووضع هالة من التقديس الديني حول برنامجها السياسي، ولا تخجل من تكفير المخالفين لها في التوجهات والرأي السياسي.


بعد السقوط المزري لحكم الجماعة بعد عام فقط، وانكشاف أداء الجماعة أمام الشعب المصري والأمة العربية بشكل كاف، قد يكون ما حدث في مصر مقدمة لسقوط تيارات الإسلام السياسي المتاجرة بالدين على المستوى العربي في تونس وليبيا وسوريا.

وأظن أن الجماعة تلقت ولا تزال ضربة أمنية كبرى قد تعوق تقدمها لفترات طويلة، كما واجهت رفضا شعبيا هائلا بعد انكشاف شعاراتها ما قبل 25 يناير وبعدها وما قبل تولي مرسي مقعد الرئاسة وما بعده، وكذبها في كل الوعود التي أعطتها للرأي العام وتراجعت عنها بكل بساطة ويسر !!

الواضح، أن سيناريوهات وخيارات الجماعة السياسية باتت محدودة جدا،  خاصة أن مسألة تقديم المبادرات بالوكالة من أطراف لها علاقة بالجماعة أصبحت مرفوضة شعبيا وسياسيا.

ما هي سيناريوهات التعامل مع الجماعة المحظورة على المستوى الحكومي وغير الحكومي من جانب القوى والأحزاب السياسية المختلفة؟

هناك جماعة تم حلها عام 1954 وأصبح وجودها منعدما طوال هذا الفترة، ومع ذلك لعب معها نظام مبارك لعبة القط والفأر، وهناك جمعية أُشهرت بليل عام 2012 في ظل حكم الإخوان في ساعات وقبل استكمال الإجراءات المطلوبة للشهر والقيد.

وهناك انفصال كامل بين الجمعية بأوراقها والجماعة بكل أجهزتها وبنيانها الاقتصادي والسياسي ونظامها الخاص.

هل إذا تم حل الجمعية الأهلية نكون قد حلينا المشكلة ؟

بعض القياديين المقبوض عليهم في جماعة الإخوان وفي نفس الوقت في حزب الحرية والعدالة أنكروا أي علاقة بالجماعة أو توليهم مسئوليات تنظيمية بمكتب الإرشاد أو بمجلس شوري الجماعة ، وأنهم فقط يتولون مناصب تنظيمية بالحزب مثل البلتاجي وسعد الكتاتني وغيرهما.

طبعا هم يستفيدون من وضعية الحزب السياسي الذي سمح به بالتوازي مع استمرار الجماعة.

إذن يبقى الحزب السياسي، هل تسمح الحكومة والنظام السياسي الجديد الذي جاء في أعقاب ثورة 30 يونيو باستمرار حزب الحرية والعدالة وهو مجرد واجهة علنية للجماعة بدخول الانتخابات مرة أخرى ؟ وهل سيسمح للتيارات السلفية والجماعة الإسلامية بدخول الانتخابات القادمة؟ هل يعول البعض على نظام انتخابي يمكن أن يقلم أظافر هذه التيارات؟

أم يمكننا التعويل على الأداء الشعبي الرائع في رفض كل القوى المنتمية للتيارات الإسلامية؟

ما يجب أن يتم هو حظر الحزب قانونا، خاصة لو تم حظر الأحزاب الدينية في الدستور القادم سواء على مرجعيات أو أسس أو شعارات أو مبادئ أو برامج دينية وإقرار العزل السياسي لقيادات تلك الجماعة وأعضائها ممن قاموا بالعنف أو التحريض عليه.

المشكلة، أن الحكومة ترمي بالكرة في ملعب القضاء كما حدث في أعقاب ثورة 25 يناير وتباطأت حكومة شرف كثيرا في التعامل مع ملف الحزب الوطني، حتى صدر حكم قضائي بحل الحزب.

وإذا تم ذلك فما هو رد فعل الجماعة؟ من الواضح أن الجماعة ضعف أداءها السياسي كثيرا، وضعفت حشودها الجماهيرية، وأصبحت تظاهراتها مجرد محاولات من بعض شباب الجماعة لإثبات التواجد فقط.

وما تقوم به جماعة الإخوان في ظل غياب قياداتها من الصف الأول وراء الأسوار هو محاولات لإرباك الوضع الأمني والسياسي، من خلال الدعوات الإعلامية المتكررة وشبه اليومية بتعطيل المترو أو بتعطيل الطرق الرئيسية، والقيام بمزيد من شغل الناس بما تقوم به وقدراتها والتي وضح محدوديتها بشكل كبير، هي تركز على الإعلام لتضخيم الدور الذي يمكن أن تقوم به الآن أو في المستقبل تجاه تعديلات الدستور على سبيل المثال.

هناك خيار للجماعة أن ترجع للعب دور تحت الأرض، لكن هناك تحديات في حالة ظهورها بمظاهرات ترتكب العنف ضد المواطنين أو ضد الشرطة أو ضد الجيش.

طبعا هناك ما يحدث في سيناء كمحاولة لاستنزاف القوى الأمنية وقوات الجيش بعيدا عن التركيز بالقاهرة .

هناك تخويف بمحاولات الاغتيال المباشر لمسئولين مثلما حدث مع وزير الداخلية، وإلقاء قنابل ضعيفة التصنيع في أماكن حكومية لزرع الرهبة والخوف في قلوب المواطنين.

أسئلة كثيرة ومهمة، وعلى النظام السياسي القائم والذي يحظى بدعم من القوات المسلحة والقوى السياسية المدنية والدعم الشعبي الواضح أن يجيب عليها حتى لا نفاجأ في الانتخابات القادمة بتكرار نفس النموذج سواء من الإخوان أو من تيارات دينية أخرى .
الجريدة الرسمية