رئيس التحرير
عصام كامل

قرارات حكومية فى غير توقيتها


لا شك أن وضع حد أدنى وحد أعلى للأجور هو أمر ضرورى وحتمى، وأنه خطوة كبيرة في اتجاه العدالة الاجتماعية التي طالب بها الثوار، ونحن نرى أن إقراره سيكون من أعظم الإنجازات، ونرى أيضا أن إقراره الآن يأتى في غير توقيته، وأن تنفيذه يكون بعد عودة المصانع والشركات المتعثرة إلى الإنتاج وتصدير منتجاتها وبالتالى تحسن ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى الامتناع عن الوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية والتفانى في زيادة الإنتاج وتحسين مستواه.


والقرارات العظيمة تفقد قيمتها عندما يتم اتخاذها في التوقيت الخاطئ، بل وقد تأتى بنتائج عكسية.. ويبدو أن الحكومة قد استشعرت ذلك وعدلت الفكرة ليكون الحد الأدنى للدخل وليس للأجر، وهذا يعنى أن يشمل الحد الأدنى الراتب الأساسى والإضافى والحوافز وسائر المكافآت.. وحتى ذلك قد يمثل خطورة أيضا على الحركة الافتصادية في ظل الاضطراب الأمنى وتراجع الإنتاج واستمرار المطالب الفئوية وارتفاع نسبة البطالة وتعثر شركات ومصانع القطاع الخاص التي تمثل أكثر من سبعين في المائة من الناتج القومى.

وفرض حد أدنى للأجور الآن لن يشجع على الاستثمار، وقد يدفع بعض المستثمرين المصريين إلى الاتجاه للاستثمار في الخارج والاكتفاء بالتبرع بنسبة من أرباحهم لمصر بدافع من وطنيتهم.

ويحسب للحكومة الحالية عدم استسلامها لما وقعت فيه حكومات سابقة تمسكت بأنها مجرد حكومات تسيير أعمال أو حكومات مؤقتة، ونحن نقدر للحكومة الحالية قيامها بوضع أسس اقتصادية يمكن للحكومات التالية البناء عليها واستكمال تنفيذ مشروعاتها، فضلا عن اهتمامها بإنقاذ الشركات والمصانع المتعثرة ومواجهة البطالة وهو ما يظهر واضحا في أفكار وقرارات الاقتصادي المخضرم حازم الببلاوي الذي يرأس هذه الحكومة وبعض وزرائه المجتهدين ومنهم الوزير زياد بهاء الدين ومنير فخرى عبد النور وزير التجارة والصناعة.

ونرى أن تسارع الحكومة الحالية باتخاذ قرارات شجاعة في شأن آلاف المستشارين الذين أتى بهم الإخوان ومن قبلهم الحزب الوطنى، والذين ينحصر نشاطهم في قبض الألوف المؤلفة من الخزينة الخاوية، وكان الأولى بحكومة الدكتور الببلاوى تأجيل مشروع الحد الأقصى والحد الأدنى ليصدر به قانون من البرلمان القادم ويكون صدوره في الوقت المناسب بعد أن تستقر الحالة الأمنية وتعود المصانع إلى الإنتاج ويستأنف القطاع الخاص نشاطه ويتنافس المستثمرون على إقامة مشروعات ناجحة وتشغيل عمالة جديدة والمساهمة في مواجهة البطالة والاستجابة لأصحاب المطالب الفئوية في ظل الأمن والاستقرار المنشود الذي نطمع أن يكون قريبا..
نقلا عن جريدة فيتو
الجريدة الرسمية