رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. "الداخل مفقود والخارج مولود" في مستشفى الأحرار بالزقازيق.. الاستقبال بلا أطباء والعيادات الخاصة السبب.. قسم الجراحة إهمال طبى وبطاطين قذرة.. القمامة والمخلفات الطبية صداع في رأس المرضى

فيتو

مستشفيات كثيرة في مصر تعانى من الإهمال بشكل ينعكس وبدرجة خطيرة على صحة المرضى، منها مستشفى الأحرار بالزقازيق، أحد المستشفيات الحكومية التي تم افتتاحها في 2006 في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وماتت إكلينيكيا بحكم الفساد والإهمال كغيرها من مستشفيات الشرقية. 

" فيتو " رصدت أبرز المخالفات بالمستشفى من إهمال الأطباء‮ ‬وأكوام القمامة على الأرض‮ ‬وانعدام النظافة داخل المستشفى، ‬والإهمال في أرواح الناس‮، بشكل يوحى أن الداخل مفقود والخارج مولود. 

البداية كانت في قسم الاستقبال وبدون مبالغة فالقسم يعتبر مقبرة لمحدودى الدخل الذين أصبحوا ضحية الإهمال والفساد داخل المستشفيات الحكومية، ومنعتهم ظروفهم الاقتصادية من الذهاب للعيادات الخاصة التي صارت لا تدرك البعد الاجتماعى للطب كمهنة سامية. 

محمد عاطف، 21 عاما طالب جامعى قال: " عمي أصيب في مشاجرة بطلق ناري بالبطن وأحضرناه لمستشفى الأحرار ولم نجد أي طبيب في قسم الاستقبال وسألنا الممرضة عن السبب فقالت لنا: الأطباء تركوا المستشفى وذهبوا لعياداتهم الخاصة وطلبت منا الانتظار نصف ساعة فانتظرنا دون جدوى، بعدها قررنا الذهاب إلى مركز الشرطة لتحرير محضر. 

وتابع عاطف: ولكن عندما سمعت الممرضة منا ذلك قامت بإبلاغ بعض الأطباء فحضروا بعد ما يقرب من 45 دقيقة من إبلاغهم وأخذوا عمى إلى غرفة العمليات ولكنه فارق الحياة بسبب إهمال نوعية من الأطباء تهتم بالشكل الخارجى في مقابل عدم الاهتمام بالمرضى. 

مواطن رفض ذكر اسمه قال إن زوجته سيدة مريضة وذهب بها إلى مستشفى الأحرار وهى في حالة خطيرة في وقت متأخر من الليل ولم يجد أطباء لتوقيع الكشف الطبى عليها. 

وأكد انهم عندما سمعوا من الممرضة أن كل الأطباء مشغولون بمشاهدة مباراة كرة قدم جن جنونهم وكادوا أن يحطموا قسم الاستقبال بأكمله. 

ويظهر حجم الإهمال بوضوح في عدم نظافة الغرف، إذ رصدت" فيتو " حجم القمامة داخلها، إلى جانب وجود بعض المخلفات الطبية، وعلب العصير الفارغة وبقايا الأطعمة بجوار الأجهزة الحساسة، وسوء نظافة الفرش الخاص بأسرة المرضى وندرته.

أما عن دورات المياه فحدث ولا حرج فهى غير نظيفة بالمرة ولا تصلح للاستخدام الآدمى وتملأها القمامة، فالأدوات المستخدمة للطعام ملقاة بدورات المياه في صورة سيئة للغاية، وسور المستشفى محاط بأكوام من القمامة والمخلفات الطبية التي تؤثر بالسلب الشديد على صحة المرضى. 

وفى هذا السياق قال محمد غريب مواطن كان يرافق والدته في عملية جراحية:"إن رائحة الغرف لا يستحملها أحد ورائحة بطاطين السرير قذرة وعندما طلبت من الممرضة تغييرها رفضت وقالت: "ما فيش غيرها" .

وأثناء تجول "فيتو " بالمستشفى لاحظنا أنه لا يوجد في جميع الأدوار كراسي لاستقبال مرافقي المرضى، والأهالي يفترشون الأرض بالبطاطين للجلوس عليها، ولفت نظرنا مشهد ‬أسرة بأكملها تجلس على الأرض في طرقات القسم وولد صغير يجلس على كرسي متحرك وبجانبه باقي أفراد أسرته جالسين على الأرض يتناولون الطعام في مشهد‮ ‬غريب يعكس الواقع المأساوى للمستشفى. 

كما أن العديد من‮ غرف المرضي لا توجد بها الاستعدادات اللازمة لاستقبال المرضى ويوجد في الدور الأخير من المستشفى غرف خالية لا يوجد بها أي شىء سوى الزبالة والقطط، ولا أحد يعلم لماذا هي طاقة مهدرة في وقت تتعلل فيه إدارة المستشفى في بهدلة المرضى وذويهم بعدم وجود أماكن أو أسرَّة. 

وفى قسم الجراحة شاهدت "فيتو"‮ ‬مرضى بالغرف يتألمون دون وجود أي من الأطباء لمتابعة حالاتهم‮، و‬القمامة ملقاة في كل ركن من أركان القسم وغرفه وبعض الأشخاص يدخنون السجائر دون وجود من يراقبهم أو ينبههم إلى منع التدخين ووجود مرضى في حاجة إلى الهدوء والراحة. 

ووجدنا رجلًا يجري في كل أرجاء القسم وعندما سألناه قال: زوجتى تنزف وأستغيث بالأطباء ولا أحد يسعفنى "، وظل الرجل يصرخ "يارب ارحمنا" ولا أحد يجيبه وقال " انتوا بتعاملونى كدة عشان نروح العيادات والمستشفيات الخاصة". 

ويكتظ المستشفى بباعة جائلين يبيعون مختلف أنواع الشاي والقهوة والبيبسي، يسير البائع داخل المستشفى وينادى بأعلى صوته (حاجة ساقعة بيبسي)، وكلهم يتجولون داخل المستشفى بلا ضابط أو رابط‮. ‬

ويضاف إلى قلة الرعاية والإهمال نقص الأدوية والمستلزمات الطبية ويضطر البعض من المرضى إلى شراء أدوية أو شاش طبي،‮ ‬أو خيوط جراحية من الصيدليات الخارجية لعدم توافرها بصيدلية الاستقبال،‮ ‬فنقص الدواء بالمستشفى مشكلة أخرى يواجهها المرضى الذين هم في أمس الحاجة إليه‮، وهذه ‬ المشكلة عجز مسئولو الصحة عن حلها .

وبالحديث مع بعض المرضى أكدوا على سوء المعاملة داخل المستشفى من قبل الأطباء والمرضات ووصفوها بأنها معاملة لا تليق بالبنى آدمين وقالوا بسخرية إنها معاملة على طريقة "اخلص علشان أشوف غيرك". 

أما من الناحية الأمنية فلايوجد تأمين للمستشفى مما يعرض حياة المرضى للخطر في ظل حالة الانفلات الأمنى الذي نعيشها فمن الممكن أن يتم سرقة أي شىء من المستشفى بكل سهولة، خاصة وأن المستشفى شهد العديد من حالات التعدي على الأطباء والممرضات خاصة خلال الوردية المسائية، في الفترة الأخيرة. 

وبسؤال الدكتور محمد سرحان، مدير مديرية الصحة بالشرقية قال إن مستشفى الأحرار هي من أكبر المستشفيات على مستوى الشرقية وبها إمكانيات ضخمة ولكن أسىء استخدامها خلال الفترة الماضية وأنه جارى العمل على الاهتمام وتشديد الرقابة على المستشفى خلال الفترة المقبلة مؤكدًا أن أي طبيب أو عامل بالمستشفى يثبت تركه المستشفى في فترة العمل سوف يحال إلى التحقيق، مشيرا إلى أنه سيتم التعاقد مع بعض شركات الأمن والحراسة لتشديد الراقبة على المستشفيات خاصة بعد تكرار حالات التعدى على الأطباء. 

الجريدة الرسمية