رئيس التحرير
عصام كامل

فضح الإخوان عالميًا


صار معتادًا الآن أن نوجه سهام النقد لأنفسنا لأننا مقصرون في مخاطبة الرأى العام العالمى وإعلامه بحقيقة ما يحدث في بلادنا وتبصيره بالجرائم التي ارتكبها وما زال يرتكبها الإخوان، خاصة جرائم العنف ممارسة وتحريضًا عليه.. ويتصور البعض منا لفرط سذاجته أن تغييرًا في رئاسة هيئة الاستعلامات أو ترجمة بالإنجليزية والفرنسية لبرامج التوك شو المصرية كافٍ لتعديل الموازين وتغيير الصورة السائدة عالميا عنا وهى في الأغلب الأعم صورة ليست إيجابية، أو بكلمات أكثر دقة لا تعكس حقيقة واقعنا الذي يصر الإخوان فيه على العنف.


لكن من يرى الصورة من خارج مصر، وهو ما أتيح لى خلال زيارة لبضعة أيام لباريس تلتها بضعة أيام أخرى لواشنطن، سوف يستنتج بالقطع أن الأمر ليس بهذه السهولة وأنه أصعب من ذلك، وبالتالى فإننا نحتاج لجهد أكبر من مجرد تنشيط هيئة الاستعلامات أو ترجمة برامجنا التليفزيونية، ولوقت يتجاوز كل وقت المرحلة الانتقالية التي لا تقل عن تسعة أشهر.

فنحن إزاء مخطط أمريكى كان معدا سلفا منذ أيام حكم المحافظين الجدد وجاء أوباما لينفذه.. وهذا المخطط كان يقوم على تمكين ما يسمونها بجماعات الإسلام المعتدلة، وتحديدًا الإخوان، من حكم بلاد المنطقة، سواء في مصر أو تونس أو ليبيا أو غيرها.. وكلفت تركيا بالمساندة السياسية ومنح الخبرات اللازمة للحكام الجدد بوصفها تمثل نموذج الحكم المستهدف في بلادنا، بينما كلفت قطر بإنفاق الأموال على تنفيذ هذا المخطط ودعم هؤلاء الحكام الجدد لكى يرسخوا أقدامهم في الحكم.

وفي إطار تنفيذ هذا المخطط، ارتبطت تركيا وقطر بجماعات مصالح ومراكز صنع وطبخ القرارات في أوربا وأمريكا، فضلا عن معاهد ومنابر إعلامية وصحفية.. بل إن قطر تنفق بالفعل من حر مالها على بعض هذه المراكز البحثية والمنابر الإعلامية داخل أمريكا، كما أنها اشترت منشآت ومباني بل وأندية في عدد من الدول الأوربية.

وبعد أن تعرض هذا المخطط لضربة قاسمة بسقوط حكم الإخوان في حكم مصر، فإن الأمر لم يقتصر على الخسارة السياسية والاستراتيجية التي لحقت بأمريكا فقط في منطقتنا، وإنما الخسارة امتدت أيضا لتلحق بكل من تركيا وقطر.. فها هو أردوغان يفقد حلمه الأثير بتغيير الدستور ليأتى رئيسًا للجمهورية يملك كل السلطات، ويهتز حكمه أمام مظاهرات المعارضين، وها هو أيضا أمير قطر يدفع الثمن بإجباره على التنازل عن حكمه لابنه.. لذلك لم يكن غريبا أن تظل كلتا الدولتين تحاربان حتى الآن الوضع الجديد في مصر وبقوة وفاعلية أكبر من أمريكا ذاتها!

وفي هذه الحرب التي يشنها الأتراك والقطريون علينا استخدموا كل ما استثمروه في الغرب، سواء في أوربا أو في أمريكا، واستغلوا علاقاتهم بالمراكز البحثية المشاركة في طبخ وصنع القرارات وأيضا علاقاتهم بالمنابر الإعلامية التي يرتبطون بها والتي يمولونها أيضا.. وهذا ليس متوفرًا لدينا.

إذن.. معركتنا السياسية في أوربا ليست سهلة أو يسيرة، وكذلك معركتنا الإعلامية ليست هينة.. وهيئة الاستعلامات وحدها ليست قادرة حتى لو توفرت لها قيادة نشطة وفاعلة أن تصنع من الفسيخ الإعلامي الأوربي والأمريكى شربات.

لذلك يتعين هنا ألا نكتفى بجهدنا وحدنا في مصر رغم أهميته وضرورته، وإنما يتعين هنا أن نستعين بصديق.. وهذا الصديق يمكن أن تجده في الإمارات تحديدًا التي بدأت منذ وقت تنهج ذات النهج القطرى أي نسج علاقات مع مراكز أبحاث أمريكية وأوربية لتقديم يد العون لنا في هذا الصدد، لأنهم مثل السعوديين يرون في حكم الإخوان كارثة لهم قبل أن تكون كارثة لنا.. وهكذا بتعاون الخبرة المصرية مع المال الإماراتى والنفوذ السعودى يمكننا أن نصنع الكثير لنفضح الإخوان عالميًا.
الجريدة الرسمية