أين ثورتى؟
لست من هواة الإضرابات والاعتصامات والتظاهر.. لست من أنصار الرئيس بل أحسبنى من معارضيه للعديد من الأسباب منها أنه لم يثبت لى حتى الآن أنه رئيس مصر بجد، بل إننى حتى الآن لم أرَ قرارا يصبّ فى مصلحة مصر -المواطن البسيط- لا مصر الوطن، فالرئيس دائما يتحدث عن مصلحة الوطن ، لكنه لا يفعل شيئا لمصلحة المواطن.. لم أشعر كمواطن بسيط بأن شيئا تغير فكل شيء فى البلد كما هو إلا الوجوه تغيرت!
كأى شاب مصرى عانى ويعانى حتى الآن من السلطة المطلقة خرجت ثائرا أولا على بيئتى الصعيدية التى تعانى حتى الآن من شظف العيش والفقر والإهمال ، بل والنسيان ، وارتميت فى أحضان القاهرة الواسعة الفضفاضة الممتلئة ؛ رغبةً منى فى تغيير واقع رتيب عاش ويعيش فيه أمثالى ، بعد أن بدت وتبدو لغيرى الأمل الموعود لما فيها من سعة الرزق، وكثرة فرص العمل، أو على الأقل حياة أفضل من تلك التى يحياها جموع قاطنى الصعيد.
جئت إلى القاهرة متوكلا على الله، إذ لم يكن بها أحد من أهلى وكغيرى جذبتنى النداهة فالتحقت بفرصة عمل بدى الأمل لى فى حياة أفضل، وليتنى ما فعلت إذ أضعت ثمانية أعوام من عمرى بلا جدوى، إذ ظلَّت الحياة كما هى رتيبة بلا تغيير حتى ضقت بها ذرعا، ودفعتنى ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى الثورة مرة أخرى على العمل الذى كنت أراه طوق النجاة، الذى بدا لى فى حياتى الجديدة بقاهرة المعز.
كانت ثورة الشباب فى الخامس والعشرين من يناير دافعا لى ، ولِمَ لا ؟ فقد رأيتهم وهم يتقاذفون للموت الواحد تلو الآخر وهم كانوا مثلى يحلمون بحياة أفضل ، لقد دفعنى هذا الشباب دفعا للثورة .. على حياتى الجديدة .. فقررت ترك عملى أملا فى حياة جديدة وتغيير أفضل.. لكن ذلك لم يحدث حتى الآن فقد تركت العمل لألتحق بعشرات الأعمال التى دفعتنى إلى واقع مرير لا زلت أحاول تغييره وليت ذلك يتحقق.
أيام تفصلنا عن العيد الثانى لثورة الشباب، التى كنا نتمنى أن تنمو وتكبر وتزدهر، ويبارك لنا الله فيها ..باختصار كنا نتمناها مباركة ميمونة، لكن يبدوأننا أفرطنا فى الأحلام، أو أننا لم نكن بدون غطاء، أو كما يقول العامة "ماكنتش متغطى"، نعم يبدو أننا لم نكن تحت الغطاء فقد التحفنا السماء.. وكنا نظن أنها ستكون لنا غطاء، ولكن خاب ظننا، وها نحن نعود من جديد إلى نقطة البداية، بعد دعوات البعض بالتظاهر والخروج يوم العيد الثانى للثورة؛ لإسقاط دولة الإخوان وإعادة بناء الدولة المصرية.
ولا أدرى ماذا سنفعل.. لكن الواضح جدا أننا نتخبط ونتعثر، فمنذ قيام الثورة الأولى التى لم تعد مباركة، لم يتغير شيء على أرض الواقع ولم تتحقق حتى أقل أمنياتنا التى نادينا بها فى ثورة الخامس والعشرين ، والمتمثلة فى " العيش والحرية والكرامة الإنسانية" ، بل خرج بعضنا ليؤكد أن الشعب المصرى غير مؤهل للتغيير ، وأنه يحتاج إلى عشرات السنين حتى يحدث التطوير المأمول ، ولا أدرى هل سنحيا لتحقيق هذا المأمول ، أم تقوم الساعة ونحن فى انتظاره!