رئيس التحرير
عصام كامل

عندما تصبح الخيانة وجهة نظر


الحقائق التي تتكشف يوما بعد يوم تقول إن واحدا من قادة الجماعة قال على الهواء مباشرة "إن جماعته تستطيع أن توقف فى ذات اللحظة التي يعود فيها مرسى إلى الحكم الأعمال الإرهابية فى سيناء"، فإننا أمام حالة خيانة مكتملة الأركان، وأمام حالة خيانة معترف بها على الهواء مباشرة، ومع ذلك يخرج علينا من هم من أهلنا ليقول إن المصالحة أصبحت حلا ، أى أن الحوار مع عميل باع وطنه للإرهابيين، وأسهم فى قتال جيشه وقتل جنوده يصبح من الأعمال التي يجب على المصريين أن يتبعوها لكي يخرجوا من المأزق!


وتشير الوقائع إلى أن نفس الجماعة استأجرت مواطنا، وألبسته زيا عسكريا، وصورته بالفيديو ليقول أمام الكاميرات "إنه منشق عن الجيش المصرى، وإنه ورفاقه يشكلون الجيش المصري الحر" على غرار الجيش السوري الحر، ثم نكتشف الفضيحة المدوية لجماعة محمد بديع التي خططت بليل لشق صفوف جيشنا الوطنى، وصنع الفرقة بين أبنائه لتحقيق مصالح لم تستطع إسرائيل طوال تاريخها تحقيقها، ويخرج من بيننا من يقول إن المصالحة طريق النجاة!

وتمضى بنا الأيام تأكلها أيام، ويكبر ويهلل نفر من بيننا، لأن الأسطول الأمريكي يدق أبواب مصر، ويقول فينا قائل منهم ومن جماعتهم إنه يطالب أمريكا وحلف الناتو بالتدخل فى مصر، ولا يزال فينا من يقول إن المصالحة طريق نجاة لمصر والمصريين .. يختطفون مواطنين مصريين داخل اعتصامهم ويعذبونهم بالنار والحديد، ويختطفون آخرين ويقتلونهم تحت وطأة التعذيب، ويشاركون بالدعم والتمويل فى التخطيط لاغتيال شخصيات مصرية، ليخرج من بيننا نشطاء وسياسيون، يقولون المصالحة منهجا للخروج من الأزمة!

وتسكن الضبابية بيوتنا بعد أن تتكشف خرائط بيع الوطن من حلايب وشلاتين إلى فيروز مصر، وأرضها المباركة فى سيناء هدية ممن لا يملك لمن لا يستحق، ولا يخجل فريق منا أن يخرج على الملأ ليفرض علينا الحوار مع البائع، ويسميه فصيلا مصريا، وهو المفرط، وهو البائع، وهو المتاجر بالوطن، وهو الصامت على ضياع أراضينا!

ولا ينتهي المشهد بعد، بل تخرج جماعة من رحمهم داعمة للبائع محمد مرسى، ليأمروا جنودا عزل بالنوم على الأرض ويقتلوهم كما لم يفعل بني صهيون إلا وقت حرب حزيران، وتمضي بنا الحياة، ونعود نجتر الذكرى المريرة، عندما كان أبناؤنا يتناولون إفطارهم بعد صوم يوم طويل، قاس، مبارك، ليموتوا غدرا برصاصات فلسطينية .. نفس الوجوه المصرية التي غادرت الحياة دفاعا عن أشقائهم فى الأرض المحتلة تقتل اليوم برصاصات الشقيق .. وقبل أن تمضي التحقيقات في طريقها لكشف الحقيقة يساهم محمد مرسى وجماعته فى طمس معالمها، ثم يخرج من بين أبناء الوطن من يطالبنا بالحوار مع القتلة والخونة والغدارين!

عندما يتحول منبر الجزيرة الصادر من دولة قطرائيل إلى سهام وسموم بألسنة مصرية، لينال من عزتنا، ومن ثورتنا، ومن سيادتنا، ساعيا إلى القضاء على جيشنا الوطنى القوي، القادر، الرابض على الحدود.. حدود النار واللحظة الفارقة.. ساعتها وفي ظل هذا التآمر يخرج من بين أبناء الوطن من يقول إن الحوار سبيل لبناء وطن أبى كريم.

الحوار مع تلك الجماعة يشبه إلى حد التطابق مع من لديه قدرة أن يضاجع زوجته بعدما رآها بأم عينيه، وهي تضاجع غريبا مستمتعة بما تفعل، والحوار مع الإخوان أشبه بمن تصور أن الخيانة وجهة نظر، وأن الحوار مع باعة الوطن جدل سياسي مقبول.

حوار من هذا النوع هو مضاجعة مع عاهرة تمارس الجنس دون تمييز، بل واعتراف ببنوة الجنين.. الحوار مع جماعة إرهابية اختارت الخيانة سبيلا هو زواج تبضع، ولمن لا يعرف تاريخ أمته العربية أن يدرك أن زواج التبضع هو أن تأتى امرأة بعشرة رجال يتناوبون عليها الواحد تلو الآخر، فإذا حملت اختارت واحدا منهم لتخبره بأنه الأب الشرعى، ولا مناص ولا مهرب من هذا القدر، عليه أن يعترف ويعايشها زوجة مصونة، شريفة، عفيفة!!

ولأن الحقيقة تمرض ولا تموت، ولأنها الشمس تغيب من أجل أن تشرق، فإن الوقائع التى تتكشف يوما بعد يوم، تؤكد أننا كنا نحكم من اسطنبول أو الاستانة، ويتآمر أردوغان لخوض حرب ضارية ضد بلادنا، طالبا من العالم التدخل وسحق الجيش المصرى كما فعلوا فى ليبيا، وكما فعلوا فى العراق، وكما يفعلون يوميا فى دمشق .. تتكشف الحقائق ليبدو وجه بديع قبيحا، مخزيا، ملوثا بلون الخطيئة الكبرى .. لتبلغ خطاياهم عنان السماء لا تطهرها أمطار الدنيا، ولا يمحوها حوار لا نراه إلا عارا علينا، وعلى تاريخنا، وعلى ريادتنا التى نستعيدها، بعد أن استعدنا بلادا كان البعض قد أقسم على اغتصابها، ودعوة الغرباء على حفل "استربتيز" يشهدون فيه مصر عارية من دون ستر.

وقبل أن ننادى مثل غيرنا بما هو مناقض لكل ماهو إنساني ومنطقي، فإننا نذكر الناس بقتل أبنائنا يوميا على الحدود.. قتل أبنائنا بتضليلهم في القرى والنجوع.. باستقوائهم بالخارج لتحطيم جيشنا.. محاولة شق صفوف الجيش المصرى العظيم.. الاتفاق مع العدو الصهيوني على حماية أمنه بنشر حساسات الصواريخ على الحدود.. وعد الأمريكان بحل القضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية..استدعاء مقاتلى حماس للحرب ضد العزل المصريين.. وبعد كل هذا تقولون مصالحة .. يا أخى...!!
الجريدة الرسمية