رئيس التحرير
عصام كامل

شمهورش هو الحل !

فيتو

المكان: غرفة مظلمة إلا من شعاع ضوء خافت يخرج من (منقد) ينطلق منه دخان كثيف.. ورجل أشيب ذو لحية كثيفة يضع على رأسه غطاءً أبيض اللون.. وأمامه يجلس رجل يرتدي بدلة آخر شياكة.. وبالقرب منه يقف فحلان ضخما الجثة عريضا المنكبين...


صوت يتسرسب همسا.. يا حوت يا منحوت يا كابس الياقوت حنن القوت يا دار يا مهمندار إمسك الأسعار وعقل الطماطم وكتر الخيار يا قوق يازعقوق يا محمر البرقوق كلبش السوق..

يعلو صوت الرجل العجوز وهو يطلق مزيدا من البخور إحضر حالا يا «شمهورش» يا زعيم الجن الأحمر، ولو كانت المسألة صعبة هات معاك قبائل الجن الأخضر والأصفر والمارد الجبار حاكم السوق وظابط الأسعار.. تمر ثوان ويشعر المسئول بشعره يقف مثل أسلاك الكهرباء التي زاد الفولت عليها..

ينزل من السماء مارد جبار تنطلق من عينيه النيران ويخرج من فمه دخان غطي على دخان البخور وصرخ قائلا: إيش تريد شمهورش كلامه أكيد..

أشار إليه مولانا الشيخ قائلا: تقب وتغطس وتحقق أمنية الباشا فيه تلاتة قبلك راحوا وموش عارف غاروا على فين، الأسعار ترخص والسوق تتظبط وعايز البلد تبقي رايقة انت شمهورش موش عيل محضره من بلاعة.. طلبات البيه تتنفذ..

رد شمهورش في ثقة: دي حاجة بسيطة.. وانصرف وبعد عدة ساعات والمسئول وعمنا الشيخ يذرعان الحجرة ذهابا وإيابا..

وبعد محاولات فاشلة للاتصال بـ«شمهورش» قرر مولانا الشيخ والمسئول الكبير البحث عن الجان المفقود..

في لحظات كان أسطول من السيارات يتحرك في شوارع القاهرة.. وبعد فترة لمح مولانا الشيخ شمهورش يحمل فانوسا وحوله مجموعة من الأطفال وهو يقول وحوي ياوحوي إيوحا..

نظر المسئول الكبير إلى الشيخ دحروج قائلا: الحق مش ده شمهورش..

بسرعة نزلا واتجها ناحيته.. سأله دحروج: إيه اللي عمل فيك كده؟ تلعب مع العيال وأنا اللي صرفت 100 ألف جنيه بخور علشان أحضرك؟

جلس شمهورش باكيا..وقال: يا عم دحروج احنا اتفقنا أظبط الأسعار واحكم السوق.. وأنا لسه بافكر.. قابلني واحد ماسك ورقة وقلم وقاعد يحسب.. قربت منه وسألته: انت بتحسب إيه؟

فطلب مني أن أساعده وقال: أنا مرتبي 600 جنيه.. وعندي عيلين وإيجار الشقة 300 جنيه.. ومطلوب مني أدفع مصاريف المدارس واشترى ملابس المدارس وأجيب كمان ملابس العيد وأعيش انا والعيال ناكل ونشرب وندفع الكهربا والميه ونركب مواصلات ونتعالج ونتنيل بستين نيلة..

فأخذت الورقة والقلم.. والكلام مازال لـ «شمهورش».. وحاولت أن أحسبها فلم أستطع.. نظرت إلى الشارع فوجدت الناس كلها تطلب مني أن أساعدها في نفس الحسبة.. وكلما حاولت وجدت عقلي يسخن ويسخن حتي شممت رائحة شياط عقلي..

ذهبت إلى السوق.. حاولت أن أقنع الطماطم بالعقل بدلا من أن تكون مجنونة.. فوجدت الخيار أصيب بالهبل.. واللحوم بالعبط.. والفراخ أصبحت دماغها بالوظة.. يا عم دحروج أسعار مين اللي تتظبط.. البلد دي تجنن الجن..

شعر المسئول بالخجل من الجن... وفجأة راح شمهورش يرقص قائلا: البلح البلح البلح البلح.. يا دحروج البلح..

وعندما رآه الشيخ دحروج كاد يسقط مغشيا عليه.. وقال للمسئول: حرام عليك.. كله إلا ده.. ده كبير الجن واتهبل.. واقترب برفق من شمهورش وسأله: إيه يا حبيبي اللي عمل فيك كده؟

فأجاب: قلت لك البلح البلح البلح.. قال عايزين مني أظبط الأسعار يا راجل.. عيب كل ما آجي أظبط سلعة ألاقي التانية شعللت..هو مين بيضحك في البلد بتاعتكو على مين؟

ثم أخذ يقفز في الهواء وهو يغني: البلح البلح البلح...

نظر دحروج إلى المسئول الكبير وخلع ملابسه إلا شيئا يستر عورته.. وصرخ في وجهه: يا راجل أنتم جننتم الجن...حتي شمهورش اتهبل..طيب الشعب يعمل إيه يا راجل؟!
الجريدة الرسمية