رئيس التحرير
عصام كامل

عن تصريحات د.عصام العريان (2)


ثانياً : إسرائيل :



بشكل أساسى كانت إسرائيل ترغب فى استحضار اليهود العرب إلى أراضيها .. كى يشكلوا اليد العاملة لتأسيس البلاد (و لا يمكن إنكار أنها يد عاملة رخيصة أيضاً) و لهذا فنجد أن الموساد حين قام بتدبير عملية سوزانا أو فضيحة لافون (عملية التفجيرات الحمقاء الفاشلة التى قام بها جواسيس مجندين من اليهود المصريين) لم يكن لها هدف فى واقع الأمر سوى زيادة تأزم الوضع ليهود مصر ورفع حالة الكراهية ضدهم لكى تدفعهم للرحيل .. خاصة بعد طمأنة محمد نجيب لهم فى أكثر من مناسبة وكذلك عبد الناصر الذى لم يكن قد أظهر أى موقف سلبى بعد ضد اليهود فى ٥٤ ..

أما عن دخول إسرائيل فى حرب ٥٦ كطرف موالٍ لإنجلترا وفرنسا فكانت تلك هى الطامة الكبرى والتى حركت مشاعر سلبية من عموم المصريين لم تفرق بين إسرائيل ويهود مصر ولحق بها ما ارتكبه النظام مما يعد فى رأيى الخاص جرائم فى حق الطائفة، وإحقاقاً للحق فوجهت ضد الأجانب بجانب اليهود المصريين من يونانيين وإيطاليين وإنجليز ولكن هؤلاء فى نهاية الأمر كانوا أبناء جاليات و ليسوا كيهود مصر – لا أبرر طردهم ولكنى أشرح الفرق  .

أما عن مقولة بن جوريون عن دور الإخوان فى هجرة يهود مصر لإسرائيل والتي انتشرت حالياً منذ تصريحات العريان فلا أهتم بها كثيراً فلم يكن بن جوريون قادراً أن يخرج ويشكر الموساد على عملية لافون مثلاً والتى طالها تحقيقات وقلبت الرأى العام حتى داخل إسرائيل ..

إذن فنحن أمام ثلاثة عناصر ساهمت فى الخروج : إخوان .. رأى عام متصاعد يخلط بين اليهود وإسرائيل .. إسرائيل التى تتهافت على الهجرة إليها وتدبر تآمرات لإجبار يهود مصر على الهجرة .. وأيضاً نظام عبد الناصر فى ٥٦ لا يمكن إخراج أى منهم من المعادلة وإلا كنا مسطحين ..

أما عن تأثير هذا على دعاوى استرداد الأملاك .. و النواح الذى يقوم به الناس حالياً فمازلت أظن أن القضية ليست قضية رأى عام وإنما قضية تخص القضاء الذي يستطيع الفصل إذا كانت الممتلكات تعود ملكيتها إليهم أم لا (ولابد أن نستوعب كذلك أنه الهراء الإسرائيلى وتدخلها كطرف فى القضية هو نوع من الغباء الشديد .. فالممتلكات إن ثبتت ملكيتها تخص أفراداً لا الدولة .. وكذلك الممتلكات إن ثبتت ملكيتها تخص أفراداً، كثير منهم لا يعيشون فى إسرائيل .. والممتلكات التى نتحدث عنها ليست كياناً واحداً بل هى عدد كبير من القضايا لكل ظروفه وأوراقه المختلفة ولا يمكن جمعها فى وعاء واحد سواء بالنسبة للرأى العام أو حتى للقضاء .. أما فكرة التعويض عما ارتكبه نظام ناصر فى حقهم .. فأعتقد أن الأستاذ إبراهيم عبد المجيد لخص تلك القضية بشكل جيد فى حوار سابق جمعنا عن حكم المحكمة الدولية برفض قضية تعويض ضد الحكومة الإيطالية عن جرائم النظام الفاشى وذلك لأن النظام الحالى لا يمثل بأى شكل من الأشكال النظام الفاشي المذكور.(

ولهذا بعيداً عن الهرى فأنا لا أهاجم الدكتور عصام العريان على مناداته بالنظر فى حقوق اليهود المصريين ولكنى أتشكك فى الدوافع بناء على قراءتى لنص ما قاله والذى همش فيه عدة قضايا منها تخصيص كلامه عن اليهود المصريين فى إسرائيل متناسياً العدد الأكبر فى العالم كله .. وإلقاؤه بلوم الخروج كله على عبد الناصر (وهو ما يخطئ فيه كثيراً الإعلام الغربى كذلك ولكنها نظرة استشراقية زائفة ولا تليق بفرد يعيش فى مصر لا باحث مستشرق) ومتناسياً أن جماعته وإسرائيل شخصياً كانوا طرفاً في المعادلة .. وأخيراً فى ربط هدف رجوعهم بإفساح مجال لعودة الفلسطينيين .. فمع احترامى للقضية الفلسطينية وتمنياتى بعودة جميع الفلسطينيين إلى أرض وطنهم فلا أعتقد أن هناك خطاباً سياسياً ينادى بحل لقضية إنسانية فقط لوسيلة لحل قضية أخرى .. فأنا أريد أن يكون ليهود مصر الذين طردوا وحرموا من جنسيتهم حق الرجوع .. وأريد للفلسطينيين أن ينالوا حقوقهم فى أرض فلسطين .. ولكنى لا أرى علاقة بين الاثنين ..

الجريدة الرسمية