"على غنوج".. فى جبهة الإنقاذ
يعانى المُجتمع المصرى "من ضمن عيوبه الكثيرة"، من انعدام "روح الفريق" فى العمل العام.. ويتضح هذا أكثر، حينما يعمل الكثير ممن يرى الناس فيهم "الزعامة" معاً، ولو كانوا لا يمتلكونها فى واقع الأمر.. فكل واحد منهم يشعر بذاته، ويريد أن يقتنص الكعكة لنفسه، أو هكذا يفكرون بعقلهم الباطن، وفى النهاية يصعدون على أكتاف بعضهم البعض ثم يكون الفراق.. ولذا، فإن أغلب التحالفات السياسية فى مصر، لا تستمر كثيراً، ولكى ينجح العمل "بروح الفريق"، يجب أن يُزرع كثقافة فى المجتمع، قبل أن يُطبق كسياسة!!.
ويعانى سياسيو مصر ونخبهم المدنية وسواها بوجهٍ عام، من كونهم لا يقرأون الشارع المصرى إلا وفقا لرؤى ضيقة من منطلق مصالحهم ويعدون الناس بالعكس، فتتضارب الأقوال مع الأفعال، وتظهر الحقيقة فى النهاية جلية للجميع.. وهو الأمر الذى اكتشفه مؤخراً شباب الثورة المعتصمون فى الميادين، من وجود فجوة كبيرة مع نخبة "جبهة الإنقاذ الوطنى"، مما جعلهم يدشنون "جبهة شباب الثورة" تحت شعار "جبهة الإنقاذ لا تُمثلنى"!!.
وبدايةً، فإننى أتساءل حول سبب وصف جبهة الإنقاذ لنفسها "بالمُنقذة".. فمن ماذا تُنقذ الوطن!!، إن كانت هى نفسها ترى وفقاً لتصريحات قادتها، أن مرسى رئيساً شرعياً ولا تستهدف إسقاطه (وبالتالى لا مُشكلة مع الإخوان)، وقد جهزت قوائمها لخوض الانتخابات القادمة، مانحةً شرعية للدستور الإخوانى؟!.
إن أغلب من فى جبهة الإنقاذ تلك، من سابقى التحالف مع الإخوان، بل منهم من كان "مُدمناً" للتحالف معهم قبل 25 يناير 2011 وبعده أيضاً، كما أن أغلب أعضاء الجبهة، كانوا من مؤيدى انتخاب مرسى للرئاسة، وهكذا يظهر وكأن الجبهة هى "وسيلة" ولو صورية، لكى "يغسلوا أيديهم" مما قاموا به فى حق مصر والمصريين، بتشجيعهم انتخاب الإخوان المسلمين لرئاسة مصر، ويظهر واضحاً أيضاً أنهم يستغلون تلك الجبهة، التى لا تنقذ أحداً سواهم، للعودة إلى الساحة، ليصبحوا أبطالاً فى نظر الناس وينسونهم ما جنوه فى حق هذا الوطن!! إن أغلب أعضاء تلك الجبهة، هم ممن يبحثون عن "دور مفقود"، ويقومون بعمل "شو" إعلامى لاستعادته، ليس إلا!! .
وتجد أن هناك تضارباً فى التصريحات بين شخوص الجبهة، وهى تُترجم فوراً على أنها انعكاس "لخلافات داخلية" عميقة.. ولن يحل تلك المشاكل، أى بيان موحد، مهما بلغت قوته، لأن الأساس فى الداخل مفقود، ويدُل على أن المصالح الشخصية غالبة وأن تلك الجبهة ستنفض مع أقرب خلاف بداخلها!!.
ولا يبدو، مع طول الخبرة الحياتية (وليس مجرد السياسية)، لهؤلاء الشخوص من أعضاء الجبهة، أنهم يعتقدون بقُدرتهم على التخلص من مرسى أو دستوره، بالوقفات فى الميادين، لأن ما ننشده اليوم، هو دولة المؤسسات وتطبيق القانون وليس دولة "وقفات" و"مُظاهرات"!!، وبالتالى فإنهم يُمارسون "الوعود" لمؤيديهم وفقط!!، ليظهروا فى النهاية وكأنهم قد حاولوا وفشلوا، بينما يعرفون منذ البداية أنهم سيفشلون لا محالة، إنهم يمارسون نفس فعل الإخوان فى خداع الجماهير، بديلاً عن المُكاشفة والمُصارحة بما يهدفون لتحقيقه بالفعل من البداية!!.
وفى النهاية.. ومع الأخبار حول جلوس أعضاء الجبهة مع محمد حسان أو محمد حسين يعقوب أو مع سلفيين آخرين أو رغبة حزب "الحرية والعدالة" فى الانضمام إليهم، يدل الأمر على أن المسألة أصبحت "سمك لبن تمر هندى"!!، وهذا الخلط والتداخل بين الأهداف المُعلنة والأفعال المخالفة، يذكرنى بنكتة كنا نسمعها صغاراً، حيث تقول إن "أم على" تزوجت من "بابا غنوج"، فكان لهم مولود سمياه: "على غنوج"!!.
من الواضح أن "على غنوج" مستوطن فى جبهة الإنقاذ، وأنها ما هى إلا حبر على ورق، لصناعة أبطال وهميين على خلاف مع بعضهم، وهم ليسوا ضد الإخوان أو الأخونة أو مرسى أو دستوره كما يدعون، وما الذى يقولونه إلا ادعاءات فارغة من أى مضمون مهم، لكى يعودوا إلى الواجهة، بينما فقدوا الأرضية فى الشارع ولدى من يناضلون حقاً ضد فساد الدولة وأخونتها بدستور لا يمثل أحداً إلا الجماعة الحاكمة، وما هم إلا بديل مدنى مُماثل للإخوان!!.
إن من سيقتلع الإخوان، هم البُسطاء من الناس، الذين يُعانون ليل نهار، من تردى أوضاعهم، وسينتصر لهم القانون، وليس غيره، لأن مصر يجب وأن تكون دولة قانون، ولذا فإن القضاء العادل، هو غايتنا الأساسية، وليس جبهة من "الديناصورات" السياسية، التى فقدت مصداقيتها فى الشارع السياسى، وتشعر معها وكأنها تُخاطب سُكان القمر!!.
الله أكبر.. والعزة لبلادى
وتبقى مصر أولاً.. دولة مدنية