رئيس التحرير
عصام كامل

غدر الوطن


"حمادة عبد الرشيد"،مواطن مصرى مقهور،حكمت عليه الأقدار، بأن يفقد 4 من أطفاله، فى حادث قطار أسيوط، قبل شهرين، فى مُصاب جلل، لا يحتمله بشر، فما أقسى أن تنتزع منك الأقدار فلذة كبدك، فما بالك إذن بـ 4 أطفال، راحوا ضحية غدر الوطن وإهماله وتخاذله؟.

احتمل الشاب الأسيوطى، مصيبته، واحتسب أطفاله الأربعة عند الله، صبر، وصابر، ولم يقل ما يغضب الله، واحتبس آلامه فى صدره، ودفنها فى صدره مثلما دفنهم فى التراب، لكنه لم ولن ينساهم.

حكومة الإخوان، لم تتعاطف مع الرجل، لأنه ليس إخوانياً، الرئيس لم يفكر فى تقديم واجب العزاء له، ولم يبعث السيدة "زوجته"، كما بعثها لأسرة "ضحية إخوانية"، ولم يذهب إليه "المرشد"، كما ذهب لنفس الأسرة الإخوانية، ولم يحصل الأب المنكوب، سوى على 30 ألف جنيه، جراء قتل أولاده.

هكذا رأت حكومة "هشام قنديل"،أن هذا الرقم يكفى "عبد الرشيد"، فهنيئاً له بالآلاف الثلاثين، فهذه ثروة طائلة، تكفيه هو وزوجته وأطفاله الثلاثة!

حمادة عبد الرشيد، لم يأنس لتعويض الحكومة، المتواضع مثلها، ولم ينتظر أن يمنحه رجل أعمال بضعة آلاف من الجنيهات، قد ينفقها على عاهرة فى ليلة واحدة، فرجال الأعمال والأثرياء، فى مصر، لا يبخلون على العواهر والغوانى، أما الفقراء، فلا قيمة لهم، عندهم.

ربما يكون "حمادة عبد الرشيد" سخر من تعويض الحكومة، فأموال الدنيا كلها، أقل من أن تبدد أوجاع قلبه المكلوم، فقرر أن يتبرع بها لتطوير مزلقان أسيوط، حيث قُتل أولاده.

اعتزم الأب الحزين أن يشترى أجراساً للمزلقان، فلم يجد فى أسيوط، فقرر السفر إلى القاهرة، بحثاً عنها، ليهديها إلى هيئة السكة الحديد، التى صارت معقلاً للموت، وموطناً للقتل.

"حمادة عبد الرشيد"،ليس إلا ضحية لغدر وطن، يأكل أولاده، يقهرهم، يذلهم، لكنه مثل غيره، لن يستسلم لقهر، ولن يخضع لذل.

قطار الموت مزق جثث أبناء "حمادة عبد الرشيد"، ولكنه لم يمزق قلبه، ولم يدهس ضميره، ولم يقتل نخوته، بل منحه قوة خرافية، مكنته من صفع الوطن الغادر، على وجهه.

الجريدة الرسمية