د.سعد الدين هلالي لـ «فيتو»: الدستور القادم يلغي الوصاية الدينية.. ولا كهنوت في الإسلام
- سأعمل جاهدًا على تضمين مادة تجرم المتاجرة بالأديان وحماية الفتوى من السياسة
- أقترح تضمين مادة تعترف بثورة 30 يونيو
- المادة 219 الخاصة بتفسير الشريعة غامضة ومتناقضة وتستوجب حذفها
- لهذه الأسباب يجب حذف المادة الرابعة المتعلقة بالأزهر
- جاء ترشيح الدكتور سعد الدين هلالى أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن وعضو مجمع البحوث الإسلامية من قبل الدولة لما يتمتع به من غزارة في العلم وحكمة في تفسير الأمور الفقهية ووضعها في النصاب الصحيح حتى يكون في مواجهة مع من يريد التلاعب في بعض مواد الدستور بشكل فقهى حتى إن كان ذا خلفية إسلامية، ولذلك كان لـ «فيتو» هذا الحوار معه..
- لن يكون هناك مجال لأن تكون بالدستور مواد من أجل تيار معين أو فصيل دون آخر ولن نراعى أحدًا إلا الله تعالى ثم الشعب المصرى، والدستور القادم لن يكون به مواد معيبة كما بالدستور السابق الذي كرس فيه لدولة الإخوان والمتاجرة بالدين.
> هل ترى أن الدستور المعطل كان يحتوى على مواد معيبة؟
- بالتأكيد، فالمواد المعيبة التي تضمنها الدستور السابق عديدة ويجب أن تتم مناقشتها وتصحيحها لأنها وضعت من أجل تخليد دولة لا مجال لها في الواقع وتقوم على الكهنوت الذي رفضه الإسلام منذ فجر الدعوة الإسلامية، وهذه المواد تضمنت نصوصًا تسيء للإسلام إساءة بالغة عند فهمها خاصة أنها جعلت هناك وصاية على الدين ولا وصاية في الدين على أحد، فكل شخص حسابه على الله تعالى.
> تعددت وجهات النظر في تفسير الهوية الإسلامية للدولة فهل ستبقى في الدستور أم ستتم مناقشتها؟
- لا يجوز تضمين الدستور مصطلح الهوية الإسلامية لأنك بذلك تعطى مجالًا لوجود هويات أخرى كالهوية العلمانية أو الليبرالية وهو ما يخلق جدلًا كبيرًا ومشاكل عديدة فيما بعد وهذا ما كان يتحدث به الإخوان في عهدهم بأن جعلوا هناك هويات عديدة يلقون بها على من يخالفهم.
> وماذا عن المادة 219 الخاصة بتفسير الشريعة الإسلامية؟
- المادة 219 تقول إن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة وللأسف جاءت مفسرة للمادة الثانية للدستور المعطل، وهى مادة بها ظلم وغموض وتناقض وتلبيس وهو ما يستوجب حذفها واعتبارها كأن لم تكن لأنها جاءت في الدستور الإخوانى المعطل السابق لتخدم أغراض هؤلاء الإسلاميين، بالرغم من أن مبادئ الشريعة الإسلامية معروفة للجميع وهى معلومة من الدين بالضرورة ويعرفها الجميع، فلا أحد يجهل مبادئ الإسلام المتمثلة في العدل والمساواة والحرية وحفظ الضرورات الخمس من الدين والنفس والعقل والعرض والمال، والحقيقة أن كل ما ورد بهذه المادة تعقيد بمصطلحات وشروط فقهية خلافية غامضة وسوف تكون من أولى المواد التي سوف تتم مناقشتها وتعديلها أو حذفها وستكون على رأس أولوياتى في الدستور الجديد.
> هل في هذه المادة تناقض يؤيد حذفها ؟
- في هذه المادة التي تفسر الشريعة الإسلامية تناقض واضح وهو ما يؤيد حذفها، حيث إنها أدخلت المجالس التشريعية في مسائل فقهية شديدة التعقيد وهذا ما كان يسير إليه الإخوان حتى يقطعوا الطريق على مناقشة المواد مناقشة بناءة وهذه الأوجه تشمل ثلاثة أشياء متناقضة، أولها الأدلة الكلية للشريعة الإسلامية ثم القواعد الأصولية والفقهية للشريعة الإسلامية ثم المصادر المعتبرة للشريعة الإسلامية في مذاهب أهل السنة والجماعة، وسبب تناقضها أن المصادر المعتبرة هي نفسها الأدلة والقواعد، والفقهاء لا يعبرون بمصطلح أهل السنة والجماعة، وإنما هو تعبير علماء العقيدة عندما تكون الأمور في مواجهة الفكر الإلحادى، لكن الفقهاء يعبرون بالمذاهب السنية في مقابلة المذاهب الشيعية ولا يعرفون لفظ الجماعة أبدا، لكن بالنظر للمذاهب السنية سنجد أنها متقاربة ومتداخلة مع المذاهب الشيعية في أكثر من تسعين في المائة في مسائل الفقه من العبادات والمعاملات إضافة إلى أن أكثر الأدلة الكلية محل خلاف في الاعتبار عند فقهاء السنة، أما أهم ما يتناقض مع هذه المادة هو أن دليل الكتاب والسنة وإن كان محل إجماع إلا أن دلالته ظنية في المسائل العملية بالاتفاق، بمعنى أنه لا يوجد نص إلا وله أكثر من دلالة، والمعروف أيضًا أن القواعد الأصولية والفقهية محل خلاف عند فقهاء السنة ومع ذلك فقد أجمعوا على أن قاعدة القواعد هي أنه لا اطراد في قاعدة بمعنى أن كل قاعدة لها استثناء يقدره كل فقيه بحسب سعة اطلاعه أو تقديره في موازنة الأمور وكل هذه أمور فقهية كان يجب أن تؤخذ في الاعتبار.
> وماذا عن المادة الرابعة المتعلقة بالأزهر الشريف؟
- يجب حذف المادة الرابعة المتعلقة بالأزهر الشريف لما تحتويه من بعض العبارات التي تفتح باب الكهنوت، حيث لا كهنوت في الإسلام وتخالف القانون الطبيعى للحياة الإسلامية وبخاصة عبارة أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، حيث إن هذه جملة خاطئة من الأساس وصحتها أن الأزهر هيئة مستقلة في العلوم الإسلامية وليس الأزهر هيئة دينية وإنما هو هيئة علمية يؤخذ منها ويرد عليها، كما أن هناك عبارة أخرى التي تنص على أن يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، فهذه العبارة لا محل لها في الواقع، خاصة بعد اعتراف الشعب المصرى وحكوماته بجامعات مصر التي تدرس علوم الشريعة الإسلامية بمثل دراسة الأزهر ومن ذلك كليات الحقوق ودار العلوم، لكن أرى أن هناك تصويبًا لها متعلقا بها وهو أخذ رأى أهل الاختصاص من فقهاء وشيوخ القضاة في المحكمة الدستورية مع هيئة كبار العلماء، أيضا عبارة أن شيخ الأزهر مستقل وغير قابل للعزل تعنى في تفسيرها استقلال شيخ الأزهر عن مؤسسته المستقلة وهو الأزهر الشريف لتكرار لفظ الاستقلال، في حين أن شيخ الأزهر الذي هو شيخ المؤسسة المستقلة، وتصحيحها حذف لفظ الاستقلال وسوف نطرح هذا التعديل على هذه المادة لتكون واضحة وصحيحة.
> هل ستعمل على تقنين الفتوى في الدستور الجديد؟
- سنطرح هذه الفكرة وسيتم السعى لها بأن يكون هناك تقنين للفتوى وأن تكون لمن هو أهل لها للقضاء على فوضى الفتاوى التي انتشرت كثيرا واختلطت بأمور سياسية واستخدمت لأغراض أخرى في غير محلها كالمتاجرة فيها.
> كان لكم رأى حول تضمين الدستور الجديد مواد تجرم المتاجرة بالدين.. فما هو؟
- سأعمل جاهدًا على تضمين مادة بالدستور الجديد لمصر تجرم المتاجرة بالأديان وإنشاء أحزاب على أساس دينى، فبالرغم من وجود مادة خاصة بذلك وهى المادة السادسة من الدستور المعطل التي تنص على عدم قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، فإن بعض الأحزاب تجهر بممارساتها السياسية على أساس دينى وتحتمى بالدين، لكن سوف يكون هناك طرح لهذا الشأن تتم مناقشته بشكل إيجابى وسوف يختص السياسيون بطرح رؤية عدم إنشاء حزب على أساس دينى حتى يتم قطع الطرق على من يتاجر باسم الإسلام.
> وماذا عن حق المواطنة في الدستور الجديد؟
- هذا حق للجميع مسلمًا كان أو قبطيًا، فكلنا مصريون ولا مجال للتفرقة فيما بين الجميع على أساس الدين، فالكل مواطنون مصريون ولا خلاف في ذلك.
> هل سيتضمن الدستور الجديد مادة تعترف بثورة الثلاثين من يونيو؟
سوف أقترح أن يضاف عبارة (وقد قامت ثورة الثلاثين من يونيو 2013م لرفض كل صور المتاجرة بالدين) في نهاية المادة السادسة من الدستور إيمانًا بأن يكون الدين لله، وليرفع كل إنسان يده عن عقيدة صاحبه لقول الله تعالى (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ولا يكون إلزامًا بين الناس إلا في الحقوق الأساسية.