مخاطر عودة الجماعة الفاشلة!
الخلاص من حكم الإخوان المسلمين الاستبدادى، الذي كاد أن يؤدى إلى هدم الدولة وتفكيك المجتمع يمثل معجزة سياسية بكل المقاييس!
من كان يتصور أن حركة "تمرد"، التي نظمتها مجموعة من شباب الثوار والتي استطاعت بناءً على جهود ثورية حقًا جمع ملايين التوقيعات الموثقة بالاسم والرقم القومى أن تحدد موعدًا هو 30 يونيو للنزول الشعبى إلى الميادين والشوارع في ريف مصر وحضرها على السواء لإسقاط حكم الإخوان المسلمين؟
ومن كان يتصور أن تنبرى القوات المسلحة، درع الوطن وسيفه بقيادة الفريق أول "السيسى"، لتنتصر للإرادة الشعبية وأن تنزل بجسارة إلى الميدان السياسي لتبدأ عملية التعبير الثورى والتي بدأت بقرار عزل "محمد مرسي" وإعلان خارطة طريق تنظم المرحلة الانتقالية لتحقيق ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية مزيفة ترفع شعار الشرعية الكاذبة والصندوق المزيف؟
لقد أعلن "السيسى" خارطة الطريق في اجتماع تاريخى حضره الممثلون الحقيقيون عن مختلف طوائف الشعب المصرى.
وبدأت الخطوة الأولى المعلنة وهى صدور قرار عن رئيس الجمهورية المؤقت المستشار "عدلى منصور" بتشكيل لجنة من عشرة خبراء قانونيين لإدخال التعديلات الدستورية الضرورية على نص دستور 2012 الإخوانى المزيف لرفع النصوص المنحرفة التي صاغتها اللجنة التأسيسية الإخوانية، واقتراح ما تراه من تغييرات أساسية أخرى.
وسرعان ما بدأت الخطوة الثانية من خارطة الطريق وهى تشكيل خمسين عضوًا يمثلون كل الأطياف السياسية وتم انتخاب رئيس لها وهو السياسي المخضرم "عمرو موسى".
وبغض النظر عن الجدل الذي ثار في بداية عمل اللجنة حول هل المهمة هي وضع دستور جديد أم إدخال تعديلات على دستور 2012، فإن هناك علامات مبشرة على أن هذه اللجنة ستنجح في وضع نص دستورى يترجم بدقة شعارات ثورة 25 يناير، وموجتها الثورية الثانية ونعنى حركة 30 يونيو.
غير أن خارطة الطريق قررت أن تبدأ الانتخابات البرلمانية عقب الاستفتاء على النص الدستورى الجديد، وتعقبها الانتخابات الرئاسية.
وفى تقديرنا أنه كان من الأصوب أن تجرى الانتخابات الرئاسية أولًا لأن رئيس الجمهورية الجديد – أيًا كان- هو الذي سيسمح لنا بأن نعرف ما هو الاتجاه السياسي الأساسى الذي سيحكم البلاد.
وبغض النظر عن هذا الاختلاف في الرأى، فما نريد أن نثيره هو أن جماعة الإخوان المسلمين التي تم القبض على العشرات من قياداتها لكى يساءلوا قانونيًا عن الجرائم التي ارتكبوها في مجال التحريض على العنف وممارسته في الاعتصامات المسلحة المختلفة، والانتقال من العنف إلى الإرهاب جماعة منظمة تنظيمًا حديديًا.
وأقصد بذلك على وجه التحديد أن هناك تنظيمًا إداريًا هرميًا يحدد العلاقات بين القيادات الرئيسية والقيادات الوسيطة والقيادات الجماهيرية، والجماعة لديها تقليد قديم هو أنه إذا اختفت قيادة ما نتيجة لاعتقالها -على سبيل المثال- تنبرى القيادة التالية لها مباشرة لإدارة العمل دون انتظار أوامر من أحد.
ولعل الذي يدل على صدق هذه الملاحظة، أنه بالرغم من اعتقال عشرات من القيادات الرئيسية إلا أن التظاهرات الإخوانية مازالت نشطة في العديد من المدن سواء في الحضر أو الريف.
وخلاصة ذلك، أننا أمام خطر محتمل حين تتم كل خطوات خارطة الطريق وخصوصًا إجراء الانتخابات النيابية.
يتمثل هذا الخطر أنه – في ضوء الضعف المعروف للأحزاب السياسية الليبرالية والثورية وعدم وجودها في الشارع السياسي بشكل فعال- يمكن لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين من غير القيادات المعروفة أن ينجحوا في الانتخابات.
ولو حدث هذا – وهذا في نظرنا أمر محتمل- كيف سنتصرف في هذا الموقف؟
في تقديرنا، لابد قبل أي انتخابات من قرارات قانونية بحل جماعة الإخوان المسلمين، كما أنه لابد من التفكير في مسألة العزل السياسي لطوائف متعددة من جماعة الإخوان المسلمين، وخصوصًا للقيادات حتى لا نفاجأ بأوضاع سياسية غير مقبولة.
أعرف تمامًا حجم الكراهية الشعبية المتنامية ضد جماعة الإخوان المسلمين، غير أن الانتخابات البرلمانية لها دهاليزها وتحكمها في المجتمع المصرى -بحكم ارتفاع معدلات الأمية وانخفاض مستوى الوعى الاجتماعى والفكرى- ظواهر متعددة قد تؤثر سلبًا فى اتجاهات تصويت المواطنين.