رئيس التحرير
عصام كامل

المصالحة الفلسطينية شوكة فى ظهر الانتخابات الإسرائيلية.. باحثة أمريكية: الانتفاضة الثالثة هاجس يثير قلق الإسرائيليين.. ستاينبرج: "مدينة الخيام"السلمية تكسب تأييدا دوليا

ميشيل ستاينبرج، الباحثة
ميشيل ستاينبرج، الباحثة الأمريكية المتخصصة في شؤون الشرق ال

أكدت ميشيل ستاينبرج، الباحثة الأمريكية المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط، أن من بين المحركات الأساسية بالنسبة لغالبية المؤسسة السياسية والعسكرية فى إسرائيل، وهم يتابعون التصويت على الانتخابات الإسرائيلية، هو إلى أى حد يمكن أن يكون الفلسطينيون فى الضفة الغربية وغزة على وشك القيام بانتفاضة ثالثة؟ وهل يمكن أن يتعاطف المجتمع الدولى مع الفلسطينيين فى انتفاضتهم المنتظرة؟.


وتشير ستاينبرج إلى أن الإجابة عن السؤال تقع ما بين تحالفين، أولهما تحالف صهيونى يمينى متطرف يتألف من كتلة الليكود وحزب البيت اليهودي، برئاسة نفتالى بينيت، والذى يطالب بضم كامل للضفة الغربية، والثانى تحالف بنيامين نتنياهو، والذى يناور بقوة من إزالة االفلسطينيين بالقوة حتى لو كانوا أطفالاً.

وأضافت أنه "فى شتى أنحاء العالم، فإن صور مدينة الخيام الفلسطينية السلمية فى المنطقة الجديدة التى يخطط الصهاينة لمصادرتها تكسب تأييدا جديدا للفلسطينيين، وعلى الرغم من أن المحاكم الإسرائيلية قالت إن الفلسطينيين لهم حق فى أن يكونوا هناك، لكن حكومة نتنياهو لا تزال تستخدم القوة فى مناورات لم ولن تنتهى".

وتقول ستاينبرج: إنه "فى الأسابيع الأخيرة، شنت قوات الأمن الإسرائيلية حملة واسعة ضد الناشطين الفلسطينيين فى الضفة الغربية،بعد أن وقعت حادثة فى منتصف ديسمبر كانت تذكيرا مرعبا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول مدى هشاشة سيطرتها على المناطق المحتلة فى واقع الأمر. فريق مدرب بشكل جيد من الناشطين الفلسطينيين هاجم مستوطنين وقوات أمن إسرائيلية، حرفية الهجوم فاجأت الجيش الإسرائيلي، وأثارت توقعات بين محللين أمنيين إسرائيليين بأن خلايا سرية جديدة تم تدريبها فى الخارج وهى تستعد الآن لشن هجمات معقدة داخل الأراضى المحتلة".

وأشارت ستاينبرج إلى أن "القلق فى إسرائيل تصاعد بسبب مؤشرات جديدة بأن التقارب بين حماس وفتح يقترب، وما يجعل الأمر أسوأ هو حقيقة أن الإخوان المسلمين يحكمون مصر الآن، وهم الوسطاء الأساسيون فى التقارب بين حماس وفتح، وإدارة أوباما فى واشنطن تشير بصمت إلى دعمها للمصالحة الفلسطينية. ليس سراً فى إسرائيل أن أوباما أقام علاقة جيدة مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وفتح خطا وديا من التواصل مع الرئيس المصرى محمد مرسى".

وأوضحت أنه "فى 16 ديسمبر، سمحت السلطة الفلسطينية لحماس بأن تقيم تجمعاً كبيراً فى الخليل للاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس الحركة الإسلامية، وفى بداية يناير، سمحت حماس لحركة فتح بالاحتفال فى غزة بمناسبة تأسيس المنظمة، كما أن حوالى نصف مليون شخص شاركوا فى الاحتفال الذى خطب فيه الرئيس محمود عباس، ومن الواضح أن هناك تغييرات بناءة فى الحركة الفلسطينية، بل أن التبادل بين حماس وفتح فى السماح بإقامة احتفالين كبيرين، هو أوضح مؤشر علنى بأن العلاقات بين الفصيلين الفلسطينيين المتنافسين يتم إصلاحها، وهناك حاجة لجبهة فلسطينية مشتركة الآن للاستفادة من تصويت الأمم المتحدة بقبول فلسطين بصفة مراقب".

وواصلت الباحثة الأمريكية المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط: "كما أن زعيم حماس خالد مشعل يتنقل بين القاهرة والدوحة بشكل منتظم، كما زار غزة، إذ قوبل بحماس كبير، وعقد مشعل لأول مرة منذ عدة سنوات اجتماعاً مباشراً مع محمود عباس فى القاهرة، وقبل أن يلتقيا، التقى كل منهما بشكل منفصل مع الرئيس المصرى محمد مرسي، فهناك دبلوماسية إقليمية جديدة تحدث، وإسرائيل هى الطرف الشاذ، لأول مرة تتوصل جميع الفصائل الفلسطينية إلى إجماع بأن الحصول على دولة فلسطينية لا يمر عبر تل أبيب وواشنطن، فالقاهرة، الرياض، إسطنبول، والدوحة، أصبحت مراكز القوى الجديدة".

وترى ستاينبرج أن فقدان إسرائيل لكثير من التأييد على الساحة الدولية يعد سبباً آخر لوجود خوف كبير داخل المؤسسة الإسرائيلية حول احتمال حدوث انتفاضة ثالثة، مضيفة أن "المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين يعتقدون أن هناك ثلاثة مسارات محتملة لانتفاضة فلسطينية جديدة.

وهذه المسارات هى: "الأول" هو قرار مشترك من قبل حماس وفتح لشن حملة جديدة من العصيان المدنى وعمليات عسكرية موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلى فى الضفة الغربية، "المسار الثانى" هو انفجار تلقائى من الاحتجاجات من الشعب الفلسطينى، أى سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات الكبيرة التى حدثت مؤخرا فى الخليل ومدن أخرى فى الضفة الغربية، بعد ممارسات وحشية من الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين، أثارت توقعات بأن انتفاضة ثالثة قد بدأت بالفعل، أما "الثالث" هو ظهور شخصية كاريزماتية جديدة من خارج صفوف حماس وفتح، سواء حدثت مثل هذه الانتفاضة الثالثة (أو أنها بدأت بالفعل) أم لا، فإن الوضع بين إسرائيل والفلسطينيين تغير بشكل كبير".

وأشارت ستاينبرج إلى أنه داخل المؤسسة الإسرائيلية، هناك شخصيات بارزة من جميع الفصائل تنادى بعقد صفقة حقيقية مع السلطة الفلسطينية، ربما يكون الدافع لذلك هو محاولة منع مصالحة كاملة بين حماس وفتح أو الاعتراف بأن إسرائيل لم تعد تملك الخيار فى تجميد عملية السلام إلى الأبد.

وأوضحت "فى جميع الأحوال فإن مزيدا من المسؤولين السياسيين والأمنيين الإسرائيليين بدأوا يلاحظون أنهم قد يكونون على الطرف الخاسر من التاريخ"، مشيرة إلى أنه فى أواخر أكتوبر 2012، خلال نقاش فى المؤتمر السنوى للمجلس الوطنى للعلاقات الأميركية – العربية، قال المؤرخ وناشط حقوق الإنسان مارك بيرى أمام جمهور يتعدى 1000 مسؤول من الدبلوماسيين وصانعى السياسة من الشرق الأوسط، إن من الخطأ الاعتقاد بأن المكاسب التى حققتها حركة الحقوق المدنية الأمريكية تحققت كلها من خلال اللاعنف. رغم أن الدكتور مارتن لوثر كينج كان يقود مسيرات احتجاجية سلمية واعتصامات فى الجنوب، شهدت أحياء فى مناطق حضرية سنوات من الشغب وأعمال العنف الأخرى. الطريق إلى العدالة غالبا ما يكون دمويا. القتال من أجل الحقوق الفلسطينية ليس استثناءً.
الجريدة الرسمية