الأسرار الكاملة لوقف التدخل في سوريا.. إيران تحسم المعركة.. رسائل سرية بين طهران وأمريكا تحذر من عمل عسكري ضد دمشق.. روسيا نقلت الرسائل وأبرمت مع واشنطن اتفاقا بعدم التدخل مقابل تسليم "الكيماوي"
رغم أن الضربة العسكرية الأمريكية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد لم تقع، إلا أنها "أشعلت" خطوط الهواتف بين العواصم المعنية في المنطقة والعالم، وأفضت إلى نفض الغبار عن الترسانات العسكرية في ميادين المواجهة، قبل أن تلوح في الأفق مبادرة وضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية، وهو التطور المفتوح على الكثير من المناورات وشد الحبال.
وفي "كواليس" الضربة الأمريكية و"كوابيسها" نشطت الدبلوماسية "السرية"، التي دار أحد أبرز فصولها بين طهران وموسكو، كلاعبين استراتيجيين يتقاسمان الأدوار والمصالح في مواجهة الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط.
وعن تفاصيل مداولات أحد اللقاءات السرية لوفد دبلوماسي، عسكري إيراني مرموق زار موسكو "على جناح السرعة" ووسط تكتم شديد، واجتمع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تعاطى باهتمام بالغ مع ضيوفه، تكشف صحيفة الرأي الكويتية أن مصادر موثوقة في القيادة الإيرانية قالت لـها إن طهران فوجئت، كما فوجئ الجميع، بالموقف الروسي الذي عبّر عنه وزير الخارجية سيرجي لافروف مع بدء قرع طبول الحرب الأمريكية يوم أعلن أن بلاده لن تكون جزءًا من المواجهة العسكرية، كاشفة عن أنه إثر هذا الموقف أرسل المرشد الأعلى السيد على خامنئي وفدًا رفيع المستوى من القيادة الإيرانية، ضمّ شخصيات دبلوماسية وعسكرية للقاء الرئيس بوتين، وهو ما تمّ بسرية تامة.
وتحدثت المصادر الإيرانية عن أن الوفد أبلغ الرئيس الروسي أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستدخل الحرب بكل ثقلها، عند انطلاق أول صاروخ أمريكي على سوريا، حتى لو سقط في الصحراء، موضحة أن الرئيس بوتين سمع كلامًا حاسمًا بأن القرار الإيراني لا يضمر أي مناورة ولا رجوع عنه، وهو قرار مصيري اتخذته الجمهورية الإسلامية وستتحمّل نتائجه أيا كانت، لأن سوريا جزء من الأمن القومي الإيراني، ومن غير المسموح ضربها وإضعافها أولًا ولأن الضربة التالية ستكون في قلب إيران ثانيا.
ونقلت المصادر الإيرانية الرفيعة عن الوفد الذي التقى بوتين أن "سيد الكرملين" فوجئ بجدية ضيوفه، وتصميم القيادة الإيرانية على الاندماج المصيري مع سوريا حتى لو كانت النتائج كارثية على المنطقة برمّتها، مشيرة إلى أنه عندما لمس بوتين عزم طهران الدفاع عن الأسد، عدّل موقفه السياسي على النحو الذي يمكّنه من لعب دور متوازن لتجنيب المنطقة حربًا ستطال الخليج العربي والشرق الأوسط.
وخلصت هذه المصادر إلى قول إنه لا يمكن الآن ترجيح كفة الحرب ولا ترجيح كفة اللاحرب، لكن إيران ما زالت تتصرّف على أساس أن الحرب واقعة، وقرار المرشد على خامنئي هو الدفاع عن سوريا مهما كلف الأمر.
كشف موقع "ديبكا" التابع لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية النقاب عن التراجع الأمريكي الكبير في القرار الذي يتعلق بتوجيه ضربة عسكرية إلى دمشق، لافتا إلى الخطة التي أبرمت بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تقضي بعدم مهاجمة واشنطن لسوريا والسماح لموسكو بتوريد الأسلحة لنظام الأسد مقابل تسليم الأسلحة الكيماوية مما يضمن عدم وجود خسائر للطرفين.
ولفت الموقع الاستخباري إلى أن الهدف من الاتفاق السري بالنسبة للإدارة الأمريكية هو القضاء على الأسلحة الكيماوية في سوريا أما هدف موسكو من الاتفاق فهو إنقاذ نظام الأسد من السقوط أو التعرض لضربة عسكرية أمريكية، لافتة إلى أن الضحية الوحيدة في هذا الاتفاق هم المتمردون السوريون الذين يعانون منذ أكثر من عامين ونصف، حيث كانت رغبتهم في التدخل الأمريكي في سوريا تكمن في إضعاف قوة الأسد العسكرية.
والجدير بالذكر أن "ظريف"، و"علي أكبر صالحي" وزير الخارجية الإيراني السابق، تحدثا الأسبوع الماضي عن إرسال رسائل إلى واشنطن بواسطة السفارة السويسرية الراعية لمصالح أمريكا في إيران بشأن السلاح الكيماوي، وأن إيران أبلغت واشنطن نهاية العام الماضي بدخول كميات من غاز السارين السام إلى سوريا.
وأشارت التقارير إلى أن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله خامنئي، رفض جميع الوساطات التي تقدمت بها الولايات المتحدة، وفي مقدمتها وساطة السلطان قابوس وعدد من الدول الأخرى، حول الشأن السوري في ظل حديث عن توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بعد استخدامه الكيماوي في الغوطة بدمشق.
وحذر "خامنئي" من أن النار ستطول الجميع في الشرق الأوسط، إذا قامت الولايات المتحدة بأي عمل عسكري في سوريا.
كما شدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني في كلمة ألقاها على أن جهود إيران برمتها تتركز حول منع وقوع هذا العدوان على سوريا، مشيرًا إلى أن الأزمة في سوريا تشكل الأولوية في السياسة الخارجية الإيرانية، ولها اهتمام خاص باعتبار أن سوريا تقع في الخط الأمامي للمقاومة ولكونها من ركائز محور الممانعة.
وأكد روحاني أن الأمل بعدم وقوع العدوان الذي تهدد الولايات المتحدة الأمريكية بشنه على سوريا قد تعزز إلى حد ما خلال الأيام الأخيرة، محذرًا من أنه لو حدثت الحرب على سوريا فإن مثيريها سيدفعون ثمنًا باهظًا.