رئيس التحرير
عصام كامل

الردع الأمريكي لسوريا واحتياجات إسرائيل


منذ أسبوعين كتبت مقالاً ملخصه أن إسرائيل لا ترغب في أن توجه الولايات المتحدة ضربة لنظام بشار الأسد. فالضربة الأمريكية لن تسمن ولن تشبع جوع إسرائيل والتي ستتضرر مما قاله الأسد.

فبشار الأسد هدد بقيام حلفائه بالرد على أي ضربة أمريكية على سوريا. والظاهر للعالم أن إسرائيل تؤيد توجيه ضربة لبشار الأسد وبقوة، رغم ما قد يجلبه ذلك على إسرائيل من صواريخ محتملة من سوريا وحزب الله.

الواضح أن الاقتراح الروسي، بوضع الأسلحة الكيميائية لسوريا تحت الرقابة الدولية، تمهيدا لتدميرها والذي أيدته فرنسا سيلقى تأييد أوباما ومن خلفه إسرائيل. لكن يبقى السؤال ما الذي ستنجزه الولايات المتحدة وإسرائيل، غير وضع الأسلحة الكيميائية لسوريا تحت الرقابة- هذا إذا لم تتمكن سوريا من تهريبها إلى حلفائها. 

ضرب سوريا سيكون مهما لإسرائيل طالما أن إسرائيل جاهزة لأن توجه ضربة عسكرية لإيران حيث يمكن لإسرائيل أن توسع من نطاق الحرب لتوجه خلالها ضربة لإيران خلال الأيام القادمة وبخاصة، إذا ما هوجمت إسرائيل من جانب حزب الله الذي قد يرد على ضرب سوريا. كما أن قنبلة الأسلحة الكيمائية التي انفجرت في وجه الأسد ستشل يده في حال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران. فإذا كان الأسد على استعداد لأن يتخلى عن أسلحته الكيميائية حتى يتجنب مجرد ضربة أمريكية سريعة، حتى وإن كانت موجعة، فالشكوك كثيرة في أن يدافع بشار الأسد عن إيران في حال تم توجيه ضربة لها، وأغلب الظن أن الأسد سيقف متفرجاً. 

ولكن، هل هناك مكاسب أخرى لإسرائيل من توجيه ضربة أمريكية لإسرائيل؟ وهل ستحقق مكاسب في حال وافق أوباما على المبادرة الروسية؟ إسرائيل كسبت الكثير من الصراع بين أوباما والأسد. ففي حال نجحت المبادرة الروسية في وقف الضربة المحتملة على سوريا، فإن كسبت الوقت، ولن تضطر إلى الإسراع في ضرب إيران. وإسرائيل لم تكسب الوقت فحسب، لكنها اختبرت أيضا الموقف العربي من ضربة غربية لسوريا. والأهم، من ذلك أنها لم تعد تريد إذنا من أحد لضرب إيران. فنتنياهو الذي وقف في الأمم المتحدة شارحاً على رسم توضيحي لقنبلة المستوى التكنولوجي الذي وصلت إليه إيران قبل أكثر من عام، لم يعد يهمه أن يعيد الشرح نفسه مرة أخرى. فالطريق لضرب إيران مفتوح أمامه. 

فإسرائيل اختبرت في شهر يوليو صاروخ "أريحا" العابر للقارات والذي يصل مداه إلى 5000 كيلومتر. التجربة التي أجرتها إسرائيل في البحر المتوسط تعنى أنها تفكر في توجيه ضربة لإيران عبر صاروخ عابر للقارات وبخاصة إذا عرفنا أن المسافة بين تل أبيب وبوشهر تقل عن 2000 كيلو متر، كما أن صاروخ "أريحا" قادر على حمل رؤوس نووية وكيميائية.

تجارب إسرائيل لاختبار أنظمة الدفاع الجوي لا تتوقف كان آخرها التجربة التي أجرتها في بداية هذا الشهر. 

إسرائيل لا تكترث بإسقاط الأسد حاليا، فتوجيه ضربة أمريكية له قد يساعدها على الإسراع في توجيه ضربة لإيران حتى وإن كانت غير راغبة في الدخول في معركة مع حزب الله الوكيل العسكري لنظام الأسد، ولكنها ستتمكن من اختبار أنظمة القبة الحديدية المضادة للصواريخ. 

الضربة الأمريكية لسوريا، لن تردع الأسد في جميع الأحوال لكنها ستكون مناورة جيدة لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ونجاح المبادرة الروسية، يعني أن على إيران أن تتبع المنهج نفسه إذا أرادت تجنب ضربة إسرائيلية. 

كما أن المعارضة الواسعة لكثير من الأمريكيين لضرب سوريا أعطت صورة لنتنياهو عن الرأي العام الأمريكي الرافض لحشر أمريكا في حرب في الشرق الأوسط، حتى وإن كانت ضد إيران وما يعني أن على إسرائيل أن تأخذ المباردة في جميع الأحوال.

يظن البعض أن نجاح روسيا في نزع فتيل الضربة الأمريكية على سوريا سيقى الشرق الأوسط حربا قادمة، ولكنهم لا يعلمون أن الحرب قادمة لا محالة.

الجريدة الرسمية