قناة الجزيرة ومصداقية الإعلام
قناة الجزيرة كانت من أوائل القنوات الإعلامية التي رسخت منهجا جديدا في صناعة الأخبار وجذب المشاهد بدءا من اختيار شخصيات المذيعين الذين تتميز أصواتهم بالوضوح والقوة وشخصياتهم بالثقة والمظهر ومرورا بسرعة ودقة متابعة الأخبار وكثرة مراسليها والتي تنقلك إلى موضع الحدث وانتهاء بالتقارير السياسية والاقتصادية المتخصصة وبذلك أصبحت قناة الجزيرة كما قالوا آنذاك "قناة الجزيرة منبر لا منبر له".
أعلم أنه من المستحيل أن نقوم بتحييد الاتجاهات الفردية والتي تتاح لها حرية جمع الأخبار وتحليلها فنيا لتشبع رغبة المشاهد في استنشاق هواء المعرفة والاستزادة من الاتجاه نحو الحقيقة التي نسعى جميعا إليها بل ونعيش ونحارب من أجلها.
يقول البعض عنها، إنها فقدت المصداقية وآخرون يقولون، إنها تنقل الحقيقة إلا أن الحق هو دائما مثل الشمس واضحة جلية والمعلوم أن كل الاتجاهات الفردية وعملها لتحقيق ما تراه من نتائج لا يطغى على الاتجاه الكلى للقناة، إذ أن محصلة عدة قوى تعادل بعضها البعض هي أن الجسم لا يتحرك ويبقى ثابتا وهو ما يعادل الحياد في الرأي الذي يعرض الحقائق ويقوم بتحليلها دون إظهار نوايا شخصية، حتى وإن وجدت. إلا أن حيادية الإعلامي هي أكثر إقناعا حين يترك للمشاهد حق تقرير مصير فكره بالاستعانة بما يطرح دون زيف أو خداع.
إن ما قامت به قناة الجزيرة، أطاح بماض طويل من الاحترام والمصداقية، لجهد على مر سنوات طويلة لدى وجدان المواطن العربى وأفقدها مكانتها التي كانت ثروة لا تقدر بمال انتهت وقتما خرجت القناة عن حياديتها وأججت الفتن في سورية الشقيقة، ومصر، لاتجاهات غير محايدة ومصالح ظاهرة ونسوا أن المشاهد لديه عقل ولديه من الحواس ما يستطيع بها أن يستشعر أين الكذب ويبتعد عنه ولا شك أنه ذنب لا يغتفر إذ يمكن أن تغفر لغيرك ما فعل متى تشاء إلا من يستهين بعقلك.. فلن تنسى له إهانته أبدا.
أننى وكثيرون مثلى نشفق على ما انحدر إليه مستوى الصدق في مجتمعاتنا حتى لو حلف المتحدث على الشاشات بالله فلم يعد الكثيرون يقتنعون بالقسم فلم يعد ينتهك في الشارع فقط، وإنما أصبح منتهكا أيضا على وسائل الإعلام التي تشكل الرأى العام فبدلا من أن توجهه نحو الحق والعدل قامت بتوجيهه للأسف نحو الباطل وأعانت عليه.