"أوباما" جيت
كلنا قد سبق أن قرأنا وسمعنا عن فضيحة وتر جيت، والتي كان بطليها اثنان من الصحفيين ضد الرئيس الأمريكى نيكسون والتي قلبت الدنيا رأسًا على عقب في هذه الأيام، ولكنها على الرغم من ذلك قد تكون من ضمن الأمور العادية التي تجرى في هذه الأيام، والسبب أن الظروف الدولية قد اختلفت عن ذى قبل ولكن ما يحدث الآن في موقف أوباما فيما يجرى ويحدث في مصر، ورغم أن ذلك قد لا يقلقنا كثيرًا ولكن مصر كدولة محورية عليها أن تتعامل مع ذلك الموقف بقدر عن الحرفية الدبلوماسية ليس فقط مع المجتمع الدولى ولكن أيضًا مع الولايات المتحدة، على الرغم من غلاظة الأسلوب التي تتعامل به والذي يجافى المنطق والحقيقة وذلك يعد أمرا ليس بالغريب لأنه بعيد كثيرا عن نهج الحركة في النظام الدولى والعلاقات الدولية والتي تعتمد في المقام الأول على المصالح، أي أن التي تملكها هي المصالح وليس الصراعات وهناك مبدأ مهم وهو أن أمام المصالح تتغير الصداقات ومن ثم فإن البعد النفسى في المواقف الدولية قد لا يهم كثيرًا وأن الدول الكبرى الفاعلة في النظام الدولى عادة ما تستخدم الإطار المؤسسى للنظام الدولى، وهو أسلوب قديم ومتعارف عليه وليس هناك أي شىء جديد في ذلك الموضوع وعلينا أن نراجع كل قرارات الأمم المتحدة سواء الصادرة من الجمعية العامة أو مجلس الأمن والتي كانت كلها تدين إسرائيل ولكنها كلها لم تفعل في شىء رغم الإدانة الدولية لإسرائيل ورغم الجرائم الشنعاء التي يرتكبونها في حق الشعب الفلسطينى على مرأى ومسمع من العالم.. ومعروف أيضًا أن مجلس الأمن كأحد الأجهزة الأساسية في الأمم المتحدة والمنوط بها تحقيق السلم والأمن الدوليين إلا أنه قد يكون إحدى الأدوات والوسائل التي تستخدمها الأمم المتحدة في إثارة الحروب وتعكير صفو العلاقات الدولية وتوقيع العقوبات عليهم وتلك تعد حقيقة وأن ذلك قد أدى إلى زيادة معدل الصراع في العلاقات الدولية وعلى نحو كبير في منطقة الشرق الأوسط.. لذلك فإن أوباما قد يتصرف من ذلك المنطلق ولكنه عليه أن يعلم أن للعالم عيونا وأن هناك ما يعرف بالرأى العام الدولى غير الرسمى يوجد به العديد من المؤسسات والجهات غير الرسمية التي تراقب المجتمع الدولى والتي لها دور فعال ومؤثر على الدول، وكما قلت إن الإعلام له دور مؤثر في السياسات الدولية ورأينا كيف أنه السبب في فضيحة "وتر جيت" الشهيرة كان اثنان من الصحفيين الشباب لذلك فإن فضيحة "وتر جيت" يمكن أن تكون مرة أخرى ولكن على نحو أكبر إذ أنها قد كشفت عن تلك الصفقة المريبة التي تعبر عن فشل وإخفاق السياسة الأمريكية وأن فشلها هذه المرة يتسم بالسفه والغباوة التي لا حدود لها، إذ أن أمريكا قد انساقت وراء إسرائيل وقد تورط أوباما وأراد أن يخرج من مأزقه وأن يحقق بعض الإنجاز لحزبه ولكنه لم يكن يعلم بحقيقة الموقف ولم يعلم بخصائص منطقة الشرق الأوسط ولم يعمل بنصيحة مستشار الأمن القومى الأمريكى المعروف اليهودى الأصل هنرى كيسنجر وهى أن منطقة الشرق الأوسط منطقة شراك خداعية سرعان ما تنزلق إليها الأقدام إن لم تتوخى الحذر وهذه حقيقة وقد انزلقت أقدام أوباما بالفعل عندما انساق وراء اللوبى الصهيونى ورأى أنه يمكن أن يحقق قدرا من النجاح بالتعاون مع الإخوان المسلمين والتيارات الدينية المتشددة إذ ظن أنه من خلالها يمكن أن يفرغ القضية الفلسطينية ويغلق ملف الصراع العربى الإسرائيلى أو على الأقل تحويله إلى صراع عربى – عربى ولكنه لم يدرى أن شعب مصر مختلف عن كل الشعوب وأنه قد قطع عليه الطريق ولعل ذلك هو سبب حالة الحيرة التي تعيش فيها الإدارة الأمريكية وذلك الموقف الخائب ولكن عليه أن يعلم أن شعبه يمكن أن ينقلب عليه وهو يراه يدافع عن الإرهاب الذي قسم العالم إلى نصفين وها هو يتصرف كما لو أنه لا يعلم شيئًا عن السياسة الخارجية الأمريكية وثوابتها.