امتلاك القوة
الحياة صراع لا يفوز فيها إلا الأقوياء، الذين امتلكوا أسباب القوتين "المادية والمعنوية"، أما الذين انتصروا بالقوة المادية وحدها فيكون انتصارهم محدودا، والتاريخ يشهد على أخبار الأمم التى طغت فى البلاد، وعاثت فى الأرض فسادا، وحاربت دعوة الأنبياء، وقد قصَّ القرآن الكريم علينا أنباءهم الماضية، كقوم عاد وثمود وفرعون، فهؤلاء وأشباههم قد أخذوا بالقوة المادية وتخلوا عن القوة الروحية والمعنوية، فكانت عاقبتهم الهلاك والعذاب، أما الذين امتلكوا أسباب القوة الروحية والمعنوية وتخلوا عن القوة المادية، فلا سبيل لهم لتحقيق النصر، ومصيرهم الهزيمة أمام الأقوياء بأجسامهم، لأن الحياة تتطلَّب القِراع والنِّضال.
والسبيل الصحيح لتحقيق النصرة الحقيقية والحياة الكريمة، أن يمتلك الإنسان القوتين معا؛ المادية والمعنوية، وأن تتَّحد قوة الجسد مع قوة الروح فى توازن لا يطغى فيه أحدهما على الآخر.
فالإنسان الذى ينتصر فى معركة الشهوات والملذات، قد جمع بين القوتين المادية والمعنوية، وبين قوة فى جسمه تحميه من الأمراض والعلل، وقوة فى روحه تمنع نفسه عن الشهوات والملذات، بقوة الصبر وقوة الطاعة، وقوة الامتثال لله اختيارا لا خوفا ولا رهبة من عقاب.
والمسلم الذى امتلك القوتين معا قد امتلك أسباب الانتصار فى معركة الحياة، والذى نجح فى أن يصمد أمام جوعه وعطشه وملذاته، لقادر على أن يصمد فى قلب المعركة أمام الشدائد والمحن، والذى نجح فى أن يمتنع عن شهواته وعاداته السيئة وطبائعه المخالفة للفطرة السليمة فى ساعة أو يوم أو موسم من مواسم الطاعات، امتثالا لله ولرسوله ، صلى الله عليه وسلم، لقادر على أن يمتنع عن الحرام فى سبيل هذه الطاعة فى كل ساعاته وأيامه، فالله سبحانه يريد أن يجعلنا أقوياء أشداء على الكفار رحماء بيننا، وحين ننجح فى تحقيق هذا التوازن بين القوتين معا، فلابد وأن نستعيد رفع لواء الحضارة من جديد!!..