رئيس التحرير
عصام كامل

تسونامى الطلاق


هذا الإعصار الذى يطيح بأمن وسلام أسرة، ويحصد معه الأخضر واليابس؟ ولماذا يحدث أصلًا؟ للأسف الشديد بات الطلاق موضة العصر، لدرجة أنَّ هناك حفلات طلاق تقام على شرفه، وعلى أعلى مستوى عندما تنال المطلقة حريتها. وكأنَّها منحت صك الحريَّة والبراءة. رحم الله أيام زمان؛ حين كانت هذه الورقة بمثابة نذير الشؤم للأسرة كلها عندما تطلق الابنة، وتكون بمثابة شهادة وفاتها.

المشكلة المثيرة للتأمل هى أسباب الطلاق التى بدأت تأخذ منحى مختلفًا تمامًا. فالزوجان لا يطلقان لعدم التوافق أو لاختلاف الطباع. أصبحت هناك ظاهرة، وهى الطلاق فى الشهور الأولى للزواج وليس بعد عام أو أكثر.
الدراسات تؤكد أنَّ 60 % من حالات الطلاق تحدث فى سنة أولى زواج، والأسباب واضحة: حداثة الزواج والتجربة الزوجيَّة، ولأسباب غاية فى التفاهة تدل على عدم نضج مبالغ فيه، عدم الشعور بالمسئوليَّة الملقاة على عاتق الزوج والزوجة الشابة؛ لأنَّ “دادى” اشترى المنزل وأثاثه، وأقام الأفراح والليالى الملاح، وأشرف على السفر لقضاء شهر عسل وغيره من تفاصيل الزواج، يعنى أن هذا زواج بلا مسئوليات، وبالتالى «زيجة تفوت ولا حد يموت». الطلاق والانفصال أبسط وأسهل شىء لشاب يستطيع “دادى” أن يزوجه بغيرها. فى أى وقت يحدث الطلاق عندما تنعدم الرؤية، ويغيب الحوار، وتنعدم فرص التفاهم، وعند الإغراق فى تفاصيل المشاكل اليوميَّة البسيطة التافهة التى بالإمكان تجاوزها والتغاضى عنها، يحدث عندما يتدخل الأهل بداعٍ وبغير داعٍ، عندما تنعدم فرص التصالح أو المبادرة. فكل واحد ينتظر من يبادر الآخر بالصلح؛ لتتحول المشكلة التافهة البسيطة إلى أزمة يغذيها الأهل والشقيقات والصديقات بدافع الكرامة والكبرياء وضرورة تربية الطرف الآخر، كذلك الضغوط الاجتماعية والحياتيَّة التى تهاجم الحياة الزوجيَّة الوليدة، أو ما يحيط بها من عوامل ماديَّة أو بشريَّة.

ويلعب السلوكُ الخاطئ فى التعامل لكلا الطرفين والطباع الحادة لأحد الطرفين. مسألة الطباع أهم ما فى الزواج الناجح أن تتعامل مع شخص طباعه مختلفة عنك، تتعامل معه كل يوم، تتكيف معه، إنَّه يحتاج لذكاء ليس إلا. المسئوليَّة مشتركة تقع على الزوج والزوجة وأسرتيهما. والزواج مسئوليَّة، يحتاج لقدر كبير من الوعى والفهم والاستيعاب ومعرفة متطلبات ما بعد الزواج. والزواج ليس مجرد فترة خطبة حالمة ورديَّة ولقاءات وحبٍّ ومواعيد وأزهار وهدايا، وكذلك الفرح والفستان الأبيض والخاتم الألماظ وشهر العسل الحالم. الحياة تبدأ بعد هذه الأشياء اللطيفة، وإن فهمنا هذه المعادلة البسيطة فقد ترسو سفينة الزواج بأمان....نقلا عن مجلة "سيدتى".

الجريدة الرسمية