رئيس التحرير
عصام كامل

المادة 219 والفخ الدستورى


لا أعرف إلى هذه اللحظة محاولات ترقيع الدستور الإخواني السلفي الذي وافق عليه 7 ملايين إخواني وسلفي في ظل مقاطعة أطياف مصر كلها.

وبعد ما حدث في 30 يونيو وآثاره المتتابعة، تم تشكيل لجنة للتعديلات الدستورية، وبقراءة هذه التعديلات غيّرت اللجنة الموقرة مبدأ من المبادئ الأساسية واستبدلت لفظ المواطنة بجملة الوحدة الوطنية، لا أعتقد أن هذا من قبيل الصدفة لأن المعنى مختلف في استخدام اللفظين، لأن لفظ المواطنة معناه البديهي أننا جميعا متماثلين في الحقوق والواجبات ولا يوجد بيننا اختلاف، أما كلمة الوحدة الوطنية بداهة معناها أننا مختلفين لكن لابد من الاتحاد في مصلحة الوطن، ولم تتحدث اللجنة الموقرة عن كيفية محاربة من يمس نسيج الشعب المصري إلى أن صرح أحد أعضاء حزب النور الذي لا أعرف سر قوة هذا الحزب في فرض رأيه على الجميع مع العلم بأن هذا الحزب لم يشارك في أية فاعليات ثورية منذ يناير 2011 إلى الآن غير جمعة الشريعة، قال هذا العضو إنهم سيبذلون الشهداء إذا تم المساس بالمادة 219 وكلنا يعرف تصريحات ياسر برهامي الشهير بتاع هذا الدستور مقيد للحريات بدرجة غير مسبوقة والمادة 219 جاءت مفسرة لإحدى فقرات المادة الثانية "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" وأغفلت تفسير باقى فقراتها ولكن هناك غرض ما في نفس ياسر برهامي الذي يساوم على هذه المادة.

فهذه المادة يجب إلغاؤها لأن أحكام الشريعة متغيرة بتغير الزمان المكان وباختلاف الفقهاء، فالفقه اجتهاد بشرى شخصى يختلف من شخص لآخر وهى من أخطر مواد الدستور وخاصة ونحن نرى أمامنا آراء الوهابيين متمثلين في حزب النور، فهذه المادة إذا قمنا بتطبيقها سوف تدخلنا في متاهات لا حصر لها ومثال على ذلك إذا افترضنا أن لصا مسلما سرق صيدلية مملوكة لصيدلى قبطى في هذه الحالة إذا كان الشهود على واقعة السرقة أقباطا فإنه لا تجوز شهادتهم لأن رأى جمهور الفقهاء يؤكد أنه لا يقبل شهادة غير المسلم على المسلم حيث يشترط في قبول الشهادة أن يكون الشاهد مسلما فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم إلا في الوصية أثناء السفر وإذا طبق في مصر سيكون بإمكان أي مسلم أن يعتدى على أملاك الأقباط وكنائسهم وهو مطمئن إلى أن كل الذين سيشهدون على ارتكابه الجريمة من الأقباط الكفار، وطبقا لرأى جمهور الفقهاء لا يجوز قبول شهاداتهم على المسلم حتى لو ارتكب جريمة. 

خلافا لذلك، هي مادة غير محددة للمعنى فهى تخلط بين المبادئ والتي تستقى من المصادر وتستنبط من ثناياها وبين المصدر ذاته وتجعل مفهوم مبادئ الشريعة الإسلامية مفهوما غير واضح وسيترك طبقا لابن تيمية أو محمد بن عبدالوهاب بالإضافة لذلك لم يتم تحديد أهل السنة والجماعة وهناك اختلاف في الفقه الإسلامي حول تحديدهم.

وإذا قيل بأن الفقرة الثالثة تحتاج إلى التفسير دون الفقرتين الأوليين فالرد أن الأولى بالحاجة إلى تفسير هو ما ورد في الفقرتين الأوليين إذ لا يمكن أن يكون المقصود بأن الإسلام دين الدولة هو أن الدولة ستدخل الجنة لإسلامها كما أن القول بأن اللغة العربية لغة الدولة الرسمية يحتاج إلى تفسير في سريان ذلك على تعريب العلوم كالطب والهندسة وبالمناسبة هذا ما طالب به أحد ممثلي حزب النور بمجلس الشعب المنحل رسميا.

إن الملائم في الدساتير والقوانين تجنبها الحشو ومنه المواد المفسرة لأن التفسير يحتاج إلى تفسير وهكذا إلى ما لا نهاية وهو باطل مما يستوجب حذفه.
الجريدة الرسمية