رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة إلى تونس مفجرة الثورات العربية


بعد كم هائل من الضغوط التي يعيشها مثلى كل المصريين بالداخل والخارج، كان لابد من أسبوع على الأقل أنفصل فيه عن متابعتى المستمرة لأخبار مصر التي كانت تزداد حدة توترها يوما بعد يوم، ولهذا سافرت على مركب في رحلة بحرية لزيارة بعض المدن الأوربية ومدينة واحدة تونسية هي مدينة سيدى بوسعيد.


وبعد جولة سريعة فيها وإلقاء نظرة خاطفة على مدينة قرطاج، انطلقت إلى تونس العاصمة التي تبعد عنهما قرابة السبعة كيلو مترات، رحت أتجول في شارع الحبيب بورقيبة أتحسس روح الثورة التونسية الأسلاك الشائكة في منتصف الشارع تبدو غريبة ولكن لا تؤثر على أصالته ولا على جمال أشجاره واللون الأخضر يغلف ذكريات ثورة تونس ويحجبها عن العيون ويطفى على الحياة مظهرا طبيعيا لشعب بشوش مضياف متواجد بكثافة على المقاهى التي انتشرت على جانبى الشارع على غرار المقاهى الفرنسية.

حركة البيع والشراء مقبولة، والسائحون يتنزهون بحرية وأمان في الأسواق وحركة المرور سلسة ولدى الشعب التونسى احترام نوعا ما لأولويات وقواعد المرور العامة لتشربهم عبر سنوات طويلة لبعض أساليب الحياة الفرنسية، وكل دقيقة تمر سيارة تحمل لوحات معدنية فرنسية تدل على أن صاحبها يعيش بفرنسا وجاء لزيارة بلده الأصلى بسيارته الخاصة، ولكن الملاحظة الأقوى كانت مشهدا ترسخ في ذهنى وأثار إعجابى وهو لفتاة تونسية شديدة الجمال تنظم المرور بشخصية قوية وحزم واضح وينفذ سائقى السيارات أوامرها ولا يجرؤ أحد على أن يعتدى عليها أو يتحرش بها في نهاية اليوم.

ودعت تونس وفى يدى تذكار يحمل صورة علم مصر يعانق علم تونس وترك هذا البلد الصغير عدة تساؤلات في نفسى، فقد استطاعوا ببعض المناظر الطبيعية وبعض الآثار البسيطة أن يجعلوا من بلادهم مزارا سياحيا مرموقا ومصر المتربعة على عرش الجمال الطبيعى والآثار الخالدة كان باستطاعتها أن تتصدر عالم السياحة وعن جدارة.

أما مصر فتم وضعها في القائمة السوداء بالنسبة لدول أوربا وحذرت من السفر إليها، ولا تحتاج لتخرج من هذا المأزق سوى
أن تسير على درب أختها الصغرى تونس في توفير قدر من الأمان وتوعية الشعب بأهمية السياحة وضخ الأموال اللازمة لتهيئة الأجواء لاستقبال زوراها العاشقين الذين لن يترددوا في أن يقطعوا المسافات برا وبحرا ليشاهدوا الأهرامات أو ليماسوا رياضة الغطس في الغردقة.

الجريدة الرسمية