رئيس التحرير
عصام كامل

شياطين فى صورة بشر


حالة الانقسام التى تعيشها مصر الآن، لم تكون وليدة الثورة بل ترجع بدايتها لأكثر من ثمانين عاماً. فحينما تُرك الدعاة تعبث بالدعوة وبصحيح الدين وتراجع تأثير علماء الأزهر الشريف على الناس فزادت الفتن والانشقاقات ولكنها كانت انشقاقات غير ملحوظة مختبئة لم يحن حينئذ الوقت لظهورها.

فكنا نسمع أن الحكومة كافرة والشعب كافر وأن حالة الفقر التى نعيشها جراء عدم تطبيق شرع الله وكذلك بسبب عدم تحجب النساء التى حملوها أسباب كل مصائب المسلمين على الأرض.

وكنا نتعاطف معهم وكل ماكنا نعلمه عنهم أنهم جماعة نقية تريد النقاء للعالم من خلال نشر دين الله وسنة نبيه عليه الصلاة السلام.

وكنا نحزن عندما نسمع عن تعذيبهم فى السجون وعندما كنا نسأل عن تهمتهم كان الرد هو صلاتهم فى الجوامع وحرصهم على صلاة الفجر فى جماعة وقراءتهم للقرآن.

وكان السؤال الذى يفرض نفسه هل هذه تهم يُسجن الفرد بسببها؟وكنا نسأل أنفسنا لماذا لم نُسجن نحن وآباؤنا فنحن نصلى كما يصلون ونقرأ القرآن مثلهم ونحرص على الصلاة، إن استطعنا فى جماعة. ولكن الأمور اتضحت مع مرور الزمن ومع تقدم وسائل الإعلام المكتوب والمرئى وبينما أنا وغيري قد غيرنا وجهة نظرنا بعد البحث والنظر إلى الأمور من كل الأوجه تمسك غيرنا بالعته والجنون إلى حد العقيدة ولم يشترط أنه حتى يصلى بل يمكن أن يكون سكيرا ولكنه مازال متمسكا بمبادئه القديمة التى نشأ عليها. 

واليوم هدأ الكثير ممن ينتسبون حباً للتيار المسمى بالإسلامى وعاد لعمله يسمع ما يناقد عقائده ولا يتكلم ولا يسير فى مسيرات والقليل القليل منهم وهم لايمثلون شيئاً من إجمالي الشعب المصرى المعارض الهادئ منه والثائر، هم الذى يسيرون وينظمون أنفسهم فى مسيرات ويتورطون فى أعمال إجرامية كحرق أقسام الشرطة وحرق المحلات وتعطيل المرور وأعمال إرهابية من هذا القبيل.

إنما عدونا الحقيقى هى الجبهات الإرهابية المتمثلة فى تنظيمات الإخوان وهم باعتقال قياداتهم ومحاكماتهم سينتهون إلى زوال ومنظمة حماس والقاعدة وكثير من التنظيمات التى انبثقت من تلك التنظيمات وتعتبر أذرعا لها وهم جميعاً منتشرون فى مصر.

القضاء على الإرهاب، ليس فقط فى القضاء على البؤر الإرهابية فى سيناء وغيرها، ولكن، يجب أن تتزامن هذه الحرب بحرب ثقافية دينية وخطاب ديني جديد تلتف حوله كل الأطياف المسلمة لتضييق الفجوة بين المصريين، التي إن تركت لتتسع ستبتلعنا جميعاً.

ما أغبى العرب، فالعالم كله يتوحد لأنه يعظم أوجه الاتفاق ويجرم كل ما يثير الفتن الطائفية والدينية والعقائدية، حتى أنهم قد لغوا خانة الديانة من البطاقة لكى لا يتعامل الناس بتمييز بعضهم البعض من وجه ديني فيكن الكل سواء.

بل توحدت الشعوب الأوربية فعَظمت قوتها وسُلطانها ونحن نتبارى فى تقسيم أنفسنا إلى دويلات صغيرة لا معنى لها فتضائلنا ويزداد تضاؤلنا يوما بعد يوم.

فإذا أعملنا العقل نجد أن كل ما يفعله هذا التيار المتأسلم من أجل رفعة الدين وتطبيق شرع الله هو ضد الدين وضد الشريعة لأنه ببساطة الدين يُعظم الاتحاد وهم يريدون التقسيم والدين لا يحارب المخالفين فى العقيدة وهم يحاربون ويهدمون الكنائس. الدين يدعو للسلام وهم يرعون الناس من أجل إرهابهم والوصول إلى كراسى زائلة. 

يا ليتهم يفهمون ويطبقون صحيح الدين على أنفسهم والله لو فهموا لندموا هذا إن كان مازال فى رؤوسهم عقول تفهم، وإن كان فى صدورهم قلوب تنبض فهم شياطين فى صورة بشر كدراكولا مصاص الدماء هو رجل ميت فى صورة بشر بداخله شيطان، وكل جنوده من ضحاياه أصبحوا مثله فنحن نحارب الشياطين لا بشر أمثالنا.
الجريدة الرسمية