سوريا.. وقرار أمريكي متهور
من يستهن بضرب سوريا مخطئ.. فهى أحد عناصر توازن القوى المؤثرة في المنطقة لحفظ الاستقرار والسلام.. والولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لذلك ما زالت تعانى من أزمة مالية لم تنته مناقشة آثارها مع الكونجرس لتدبير حتى الإصلاحات الداخلية، وهذا ما يعرضها لخطر الإفلاس من ناحية وتنامى العداء لسياساتها على الصعيد الدولى من ناحية أخرى، وأثره ليس عليها فقط وإنما على كل الدول الأخرى المعتمدة والمتعاملة مع الاقتصاد الأمريكى (في الكساد العالمى الكبير 1929 وانهيار الولايات المتحدة داخليا، تبعها بعد ذلك انهيار كل الدول المتشابكة اقتصاديا معها ولذلك تكاتفت دول العالم لإنقاذها لأن لديها احتياطياتها الدولارية).
وفي اجتماعات مجموعة العشرين بعد خفض الحفز الاقتصادى الأمريكى المرغمين عليه وسط خلافات عميقة بين الجانب الروسى والصينى من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.. فالصين تدعم البرازيل في استضافة قمة بريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والمقرر عقدها في العام القادم والتي ستشكل الجانب الأقوى اقتصاديا عالميا للحفاظ ودعم الاقتصاديات الناشئة بصندوق احتياطيات مالية بمبلغ 120 مليار دولار من رصيد متوقع 240 مليار دولار وهذا على حساب نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية ليحل دعم الصندوق محل الحفز الأمريكى، والتي كانت واشنطن تحقق الكثير من المصالح السياسية على حساب دعم الدول اقتصاديا.
إن الرغبة في استنفاد مقدرات سوريا على مدى العشرين عاما القادمة على أقل تقدير لدفع فاتورة الحرب أو عمل حرب إقليمية في حد ذاته هو دعم لاقتصادها تسعى إليه لمنع انهيارها (ساعدت الحرب العالمية الثانية على إبقاء الاقتصاد الأمريكى على قيد الحياة من خلال إجبار المصانع على إنتاج مواد مستلزمات الحرب حيث بدأت جميع المصانع والشركات بإنتاج الدبابات والطائرات والأسلحة التي رفعت الطلب على العمالة مما خفض معدلات البطالة، فالحرب هي الوحيدة التي أخرجت الولايات المتحدة من أسوأ أزماتها إبان ذلك الوقت).
إن قرار الحرب لتنشيط الاقتصاد الأمريكى سينال منه أولا.. فالسلاحان الصينى والروسى سيجدان في المنطقة رواجا قبل رواج للسلاح الأمريكى، وذلك بعد دعمهم للحكم الإخوانى علنا مما سيقود العالم إلى أزمة حقيقية.
إن منطقة تعانى دولها من ضبط النفس عمرا طويلا لا يمكن أن نقدر لها إلى أي مدى سيكون نطاق الموجات الدائرية الناتجة عن قذف أحد الأحجار في الماء الثابت.