رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب الباردة تعصف بين الصين واليابان.. سفير الصين بمصر: جزر دياويو جزء من أراضى الدولة الأصيلة.. وعملية شرائها تعد بمثابة "خيانة" للتوافق والتفاهم بين البلدين

علم الصين واليابان
علم الصين واليابان

تواجه العلاقات الصينية اليابانية فى الآونة الأخيرة توترًا حول ما تطلق عليه الصين جزر (دياويو داو) و(سينكاكو) لدى اليابان، خاصة بعد المناوشات التى يثيرها الجانبان فى هذه المنطقة، والمناورات التى أجرتها طوكيو بمناسبة الذكرى الستين لإنشاء قواتها المسلحة، كما قامت الصين من جانبها باستعراض قواتها بالقيام بمناورة بحرية كبرى.

وقد انفجر الصراع بين البلدين عندما أعلنت الحكومة اليابانية فى العاشر من سبتمبر الماضى النية فى شراء جزر (دياويو) الصينية أو (سينكاكو) اليابانية، تنفيذا لقرار التأميم الذى يهدف من وجهة نظر اليابان إلى الحفاظ على الإدارة المستقرة والسلسة للجزر، كما أشار بذلك "نوريهيرو أوكودا" سفير اليابان لدى مصر.
وتؤكد الصين كما صرح من جانبه "سونج أيقوه" سفير الصين لدى مصر أن جزر (دياويو) تعد جزءًا من أراضيها الأصيلة، واستيلاء اليابان عليها عمل غير شرعى، وقيامها بتأميم هذه الجزر يشكل انتهاكا خطيرا لسيادة بكين على أراضيها الإقليمية.
وذكر "أيقوه" أن رئيس الوزراء اليابانى "يوشيهيكو نودا" أشار مؤخرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ما يسمى بـ"الأدلة القانونية" التى تثبت سيادة اليابان على جزر (دياويو).
وتقول الصين: إن اليابان أصدرت تعليمات لسفاراتها بالخارج لتوضيح موقفها للدول المضيفة، وخصصت وزارة الخارجية حوالى 600 مليون ين يابانى لتعزيز الحملة الدعائية والأنشطة البحثية الهادفة إلى الدفاع عن الأراضى..وتؤكد هذه الحملة أن الصين لم تكن تطالب بالسيادة على جزر (دياويو) قبل مطلع السبعينيات من القرن الماضى.
وحول حقيقة هذه الجزر تاريخيا..يقول "سونج أيقوه" سفير الصين لدى مصر: إنها تعد من الأراضى الإقليمية الصينية منذ عهد أسرتى (مينج) و(تشينج) الملكيتين، وكانت تدار كجزر تابعة لتايوان..وفى نهاية القرن التاسع عشر استولت اليابان عليها خلال الحرب الصينية اليابانية بين عامى 1894 -1895، وأجبرت أسرة (تشينج) على توقيع معاهدة (شيمونوسكى) التى تنص على تنازل الصين عن كامل جزيرة (فورموزا) والجزر التابعة لها..وأعلنت الصين الحرب رسميا ضد اليابان فى ديسمبر 1941 وأعلنت إلغاء جميع المعاهدات بينهما.
وأوضح السفير "أيقوه" أن إعلان القاهرة الصادر فى ديسمبر 1943 نص على إعادة اليابان كل الأراضى التى استولت عليها من الصين.. كما قضت المادة الثامنة لإعلان بوتسدام فى يوليو 1945 بضرورة تطبيق أحكام إعلان القاهرة وحصر السيادة اليابانية على عدد من الجزر ليست من بينها (دياويو) .
وأشار إلى أن الحكومة اليابانية قبلت إعلان بوتسدام فى صك الاستسلام فى سبتمبر عام 1945..وفى 8 سبتمبر 1951 وقعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى معاهدة سان فرانسيسكو التى تم فيها استبعاد الصين التى ظلت ترفض هذه المعاهدة.
وقد تم إنهاء حالة الحرب بين الصين واليابان وتطبيع العلاقات بينهما بإصدار البيان المشترك عام 1972 ومعاهدة (السلام والصداقة) عام 1978، وهما يشكلان الأساس القانونى للبلدين لحل القضايا المتعلقة بملكية الأراضى الإقليمية بعد الحرب.
وتعهدت اليابان بمقتضاها بالالتزام بالمادة 8 لإعلان (بوتسدام) وضرورة تنفيذ الأحكام الواردة فى إعلان القاهرة وإعادة جميع الأراضى بما فيها (منشوريا) و(فورموزا) و(تايوان) و(بيسكادورى) .
وترى الصين أنه على الرغم من أن هذا التعهد جاء فى سياق البند المتعلق بقضية (تايوان) - كما يشير سونج أيقوه سفير الصين لدى مصر - إلا أنه ينطبق على قضية جزر (دياويو)؛ لأنها جزر تابعة لتايوان..ومن المعروف أنه تم التنازل عن جزيرة (بيسكادورى) وفقا لمعاهدة (شيمونوسكى).
وأوضح السفير أيقوه أن عملية شراء اليابان لجزر (دياويو) تعد بمثابة "خيانة" للتوافق والتفاهم بين البلدين..مشيرا إلى أن بلاده تحث اليابان على التعامل مع الوضع الحالى للعلاقات بينهما، والذى وصفه بـ"الخطير" ، بشكل صحيح، وتصحيح تصرفاتها "الخاطئة" التى تمس السيادة الصينية..ومؤكدا أن جزر (دياويو) هى أراضٍ صينية إقليمية، والحق والعدالة مع بلاده.
ويقول "أوكودا" سفير اليابان لدى مصر: إن بلاده ترى أن موقفها بالنسبة لهذه الجزر ثابت وغير قابل للتشكيك، والولايات المتحدة ملتزمة تماما بالدفاع عن جزر (سينكاكو) التى تديرها طوكيو بما يتفق مع المادة الخامسة من المعاهدة الأمنية اليابانية الأمريكية.
واستعرض وجهة نظر بلاده من الناحية التاريخية والقانونية تجاه هذه الجزر، مشيرا إلى أن (سينكاكو) جزء أصيل من الأراضى اليابانية، وتقع تحت السيطرة الصالحة للحكومة، وهى ليست ضمن الأراضى التى تنازلت عنها طبقا للمادة الثانية من معاهدة سان فرانسيسكو للسلام التى أبرمت عام 1951 وحددت الأراضى اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية بشكل قانونى.
وأوضح أنه بعد هذا الاتفاق سيطرت الولايات المتحدة على جزر (أوكيناوا) ومنها (سينكاكو)، وكانت هناك تدريبات عسكرية، وأعيدت إلى اليابان عام 1972، وخلال هذه الفترة لم تكن هناك أية مناقشات حول أراضى جزر (سينكاكو) خلال المفاوضات، ولم تعبر الصين عن أى اعتراض عليها فى ذلك الوقت.
وقال أوكودا: إن سلطات الصين وتايوان لم تبدأ فى طرح ادعاءاتهما رسميا حول سيادة أراضى (سينكاكو) حتى عام 1971 عندما أجرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لآسيا والشرق الأقصى دراسة دلت على إمكانية وجود موارد نفطية فى بحر الصين الشرقى عام 1968.
وذكر أوكودا سفير اليابان لدى مصر أن الموقف اليابانى يرتكز على عدم وجود قضية تتعلق بهذه الأراضى تحتاج إلى حل، وقد تمت الإشارة إلى هذا الموقف للصين فى مناسبات عديدة خلال مفاوضات معاهدة السلام والصداقة عام 1978 والبيان الصينى اليابانى المشترك عام 1972.
وقال: إن الدراسات التى أجريت منذ عام 1885 أكدت أن هذه الجزر لم تكن فقط غير مأهولة، بل لم يظهر فيها أى أثر يدل على أنها كانت تحت سيطرة الصين، وبناء على ذلك أصدر مجلس الوزراء اليابانى قرارا بضم جزر (سينكاكو) رسميا إلى الأراضى اليابانية طبقا للقانون الدولى الخاص باحتلال الأرض الخالية..وقد وضعت جزر (سينكاكو) ضمن (أوكيناوا) وهى الأراضى التى أخذت الولايات المتحدة حكم الإدارة عليها فى إطار اتفاقية السلام عام 1951، ولم تشارك فيها الصين.
وأوضح أن أحد سكان جزر (أوكيناوا) وهى ضمن جزر (سينكاكو) قدم طلبا لاستثمار الجزر، وحصل على موافقة حكومة (ميجى) عام 1896 فى ذلك الوقت لمزاولة بعض الأنشطة التجارية البحرية.
وأكد أن هذه الجزر لم تكن أبدًا جزءا من تايوان ولا من بيسكادورى التى تخلت عنها اليابان لأسرة (تشينج) الصينية طبقا للمادة 2 من معاهدة (شيمونوسكى) التى دخلت حيز التنفيذ فى مايو عام 1895، فضلا عن أن قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1895 بضم جزر (سينكاكو) إلى الأراضى اليابانية سبق معاهدة (شيمونوسكى) التى وقعت فى أبريل 1895.
وقال: إنه ليس هناك دليل تاريخى أو جغرافى يؤكد إصرار الصين على تملكها تاريخيا لهذه الجزر منذ عهد أسرة (مينج)، وطبقا للقانون الدولى فإن اكتشاف أى جزيرة أو القرب الجغرافى منها لا يعد دليلا على ادعاء السيادة على أراضيها.
وفيما يتعلق بدعوة الصين إعادة اليابان لهذه الجزر إليها..قال أوكودا سفير اليابان لدى مصر: إن اكتساب طوكيو السيادة على جزر (سينكاكو) ليس له علاقة بأى حال من الأحوال بالحرب العالمية الثانية؛ لأن معاهدة سان فرانسيسكو حددت الأراضى اليابانية بشكل قانونى بعد هذه الحرب.
وذكر أن بلاده تبذل جهودا مضنية لجعل بحر شرق الصين (بحر سلام وتعاون وصداقة)، وعلى الرغم من أن المنطقة الاقتصادية الحصرية والرف القارى لهذا البحر لم يحددا بعد بين البلدين، إلا أن كلا منهما يجرى حوارا وتعاونا حول هذه المنطقة.
وقال سفير اليابان: إنه فى الفترة الأخيرة دأبت الصين على القيام بأعمال استفزازية حول جزر (سينكاكو)، وأصدرت قانونا عام 1992 بشأن البحار الإقليمية ينص بوضوح على انتماء هذه الجزر إليها، وتحت هذه الظروف خططت حكومة مدينة طوكيو لشراء جزر سينكاكو الثلاث (اوتسورى وكيتاكوجيما ومينامى كوجيما)، ونقلت ملكيتها من المواطن اليابانى إلى الحكومة طبقا للقانون المدنى المحلى الصادر فى سبتمبر 2012 بهدف الاستمرار فى المحافظة على الإدارة السليمة للجزر.
وأشار إلى أن الأمر ببساطة يتمثل فى نقل ملكية من فرد إلى الحكومة وفقا لإجراء شرعى داخل الإطار القانونى المحلى لليابان..مؤكدا أن العلاقات مع الصين تعد من أهم العلاقات الثنائية لليابان، ولا غنى عنها من أجل السلام واستقرار وازدهار المحيط الهادى ومنطقة آسيا.
وأعرب سفير اليابان عن أسف بلاده إزاء الأحداث المتكررة المؤسفة، مطالبا بالتعبير عن الآراء بطريقة هادئة وسلمية وعن طريق الحوار.
ومن جانبها حثت الولايات المتحدة الجانبين على حل النزاع عبر الحوار والأسلوب الهادئ، وأكدت وزيرة خارجيتها هيلارى كلينتون على أن طرفى النزاع لديهما من الموارد والقدرة على ضبط النفس ما يؤهلهما للعمل معا لحل القضية وخفض حدة التوتر.

الجريدة الرسمية