رئيس التحرير
عصام كامل

جيتو الإخوان!


حكم الإخوان على أنفسهم بالعزلة الشعبية، بعد أن قرروا أن يعيشوا داخل مصر فى جيتو منعزل عن أبناء وطنهم، مثلما عاش اليهود في أوربا عقودا!

إذا سقط منهم جريحًا أثناء مظاهراتهم غير السلمية رفضوا أن يقوم رجال الإسعاف بإنقاذه وقاموا بعلاجه في المستشفيات المملوكة لهم أو التي يوجد فيها أطباء منهم.. وكل القيادات الهاربة التي تم ضبطها تنفيذًا لقرار من النيابة كانت مختفية في شقق ومبان مملوكة للإخوان لأنهم لا يثقون في أحد غيرهم..

حتى احتجاجاتهم ومظاهراتهم الآن صارت قاصرة عليهم وحدهم، لدرجة أنهم اضطروا إلى الدفع بنسائهم وبناتهم وأبنائهم لتعويض نقص الأعداد في المظاهرات، وذلك بعد أن تخاذلت الجماعة الإسلامية عن الاستمرار في مشاركتهم هذه المظاهرات الآن خوفا من العودة إلى السجون كما قالها صراحة عبود الزمر، وأيضًا بعد أن انفض كثير من السلفيين عنهم حينما اكتشفوا ضعف الجماعة وتبينوا أن ما كانت تتباهى به من قوة مبالغ فيها لاصطياد المؤيدين.

هذا أمر ليس مفاجئًا.. فالإخوان منذ نشأة جماعتهم وهم ينظرون لأنفسهم على أنهم من طينة أخرى غير طينة بقية المصريين، وأنهم الأكثر تميزًا ورقيا وتدينا!.. لقد وصف حسن البنا المؤسس جماعتهم بأنها كل شىء وبديل يستغنى به من ينضم إليها ويلتحق بها عن أي شىء في المجتمع والدولة.. فهى كما قال البنا دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية..

وهكذا، إذا أراد عضو الجماعة ثقافة سيجدها في الجماعة، وإذا ابتغى نشاطنا اقتصاديا فهو متوفر في الجماعة، حتى الرياضة موجودة في الجماعة فضلا عن العلم أيضا.. أما إذا كان سلفيًا أو صوفيا فإنه أيضا سيتوافق مع الجماعة!

لذلك، ليس غريبًا أن يتزوج أعضاء الجماعة من بين بعضهم البعض مثلما أكد المحامى الإخوانى صبحى صالح.. كذلك ليس غريبا أن يتشاركوا في العمل والمشروعات الاقتصادية، بل وحتى أن يتجاوروا في السكن!

لكنهم مع ذلك كانوا في إطار خطة اختراق المجتمع والتمكين من السيطرة عليه احتاجوا للخروج من هذه العزلة المجتمعية للانتشار في المجتمع والتواجد في شتى مؤسسات الدولة، فعلوا ذلك في البداية مع قول عمر التلمسانى موقع المرشد العام للجماعة حينما انتشروا في النقابات المهنية وانخرطوا للمشاركة في انتخاباتها للسيطرة عليها واحدة تلو الأخرى، الأطباء والصيادلة والمهندسين، والمعلمين وغيرها..

وشجعهم ذلك على اقتحام الانتخابات البرلمانية لدخول مجلس الشعب، وفكروا أن يؤسسوا حزبهم الخاص، لكن بعد رحيل التلمسانى أرجأوا ذلك ليركزوا جهودهم على اختراق بقية مؤسسات الدولة.. فاهتموا باختراق القضاء من خلال حركة استقلال القضاء واخترقوا عددًا من المؤسسات الحكومية للوصول إلى مواقع فيها..

بل إنهم اخترقوا الحركات الاحتجاجية التي بدأت تتشكل في المجتمع.. حتى روابط المشجعين للأندية «الألتراس» سعوا لاختراقها أيضًا.. وعندما جاءتهم فرصة الوصول إلى السلطة بعد ٢٥ يناير قرروا أن يتجاوزوا العزلة وانفتحوا إعلاميًا واجتماعيًا أكثر، لأنهم كانوا يحتاجون الحصول على أصوات الناخبين، خاصة في الانتخابات الرئاسية، وارتدوا أقنعة الطيبة والادعاء بأنهم يحملون الخير لمصر!

غير أنهم الآن وبعد أن أطاح بهم الشعب من الحكم لفاشيتهم واستبدادهم وفشلهم عادوا مجددًا لعزلتهم، بعد أن تعاملوا مع الشعب كعدو لهم، وهتفوا ضده في مظاهراتهم مثلما هتفوا أيضًا ضد الجيش والشرطة.
abdelkadershohaib@gmail.com


الجريدة الرسمية