رئيس التحرير
عصام كامل

وفى هدوء وصمت رحل جاك فيرجيس


الأسبوع الماضي، وبينما كنت أقضي عدة أيام في العاصمة الفرنسية باريس.. نقل لي صديق خبرا كان عابرا بالنسبة له عن وفاة المحامي الفرنسي الشهير جاك فرجيس.. وعن جنازته في اليوم التالي والتي ستليها دفنه في مقابر مونبارناس.. وبالرغم من كراهيتي البالغة للمقابر ولحظات الدفن وذكرياتي الصادمة عنها.. إلا أنني شعرت أن كل عربي عليه أن يضع زهرة فوق قبر هذا المحامي الشهير..


لمن لا يعرف جاك فيرجيس، عليه أن يعود بالذاكرة للشخصية التي أداها القدير محمود المليجي في فيلم يوسف شاهين جميلة عن حياة المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد.. هذا كان جاك فيرجيس.. ذلك المحامي الذي تحدى النزعة الاستعمارية لبلاده ووقف يدافع عن المناضلة الجزائرية ضد قضاء وطنه فرنسا مفضلا أن ينتصر لقيمه ضد مفهوم الوطن حين يكون الوطن ظالمًا أو مستعمرًا.. لا يعرف الكثيرون أنه بعد أن ترافع عن جميلة ربطتهما علاقة حب وزواج طويلة انتهت بانفصال.. قضى فيرجيس حياته ما بعد قضية جميلة يترافع في عدد من أكثر القضايا إثارة للجدل في العالم وظل نجمًا في عالم المحاماة طوال حياته ومثار جدل صحفي وإعلامي.. إلا أن قضية جميلة تظل هي الأهم في مشواره بالنسبة لي.. جميلة الوقوف مع الحق وضد الظلم حتى لو كان الظالم من جلدك..

في عام ٢٠٠٤، وفي زيارة لباريس مع يوسف شاهين وبينما نحن نتناول العشاء في أحد المطاعم الباريسية العريقة.. دخل جاك فيرجيس إلى المكان كنجم سينمائي وسط حفاوة العاملين.. لم أتعرف وجهه ولم أجد فيه حدة ملامح المليجي واندهشت حين آتى لتحية شاهين في طاولتنا وعرفني به لأجد في هذا الشخص الهادئ الوجه الباسم البطل الذي طالما فكرت في مسيرته.. أخذ يمزح معنا قليلا حول الحالة السياسية في فرنسا وفضائح رجل دولة شهير المالية ( كان هذا الآخر على بعد مائدتين ) وأخذ يمزح معي عن شاهين ومبالغته واختياره لممثل وسيم لأداء دوره ثم انضم لصحبته لتكون تلك المرة الأولى والأخيرة التي ألقى فيها جاك فيرجيس..

الجريدة الرسمية