رئيس التحرير
عصام كامل

أردوغان "الإسلامي" استخدم الأفلام الإباحية للإطاحة بمعارضيه.. نشر فيديوهات مخلة قبل أيام من الانتخابات.. الأفلام أظهرت أوضاعا مخلة لقادة الحزب وطالبات جامعيات.. رئيس أكبر حزب معارض يستقيل بعد الفضيحة

فيتو

لم يتورع رئيس الوزراء التركي "الإسلامي" رجب طيب أردوغان في أن يسرب أفلاما إباحية لخصومه للاحتفاظ بمقعده في حكم تركيا، فأردوغان قبل أيام من الانتخابات التشريعية التركية في 12 يونيو 2011، قام بتسريب أفلام سرية إباحية تم تداولها على موقع "يوتيوب"، ما كان له تأثير كبير في استمرار حزب "العدالة والتنمية" المعروف بميوله الإسلامية في الحكم، واستمرار رئيسه رجب طيب أردوغان الملقب في بعض دوائر الإعلام بـ"السلطان طيب الأول" كناية عن دولة الخلافة العثمانية التي يحن إليها الإسلاميون الأتراك في مواجهاتهم مع التيارات العلمانية والقومية، حسبما جاء في موقع دي برس السوري.


وأطاحت هذه الأفلام الإباحية بعدد من قيادات حزب "الحركة القومية"، ثاني أكبر حزب معارض، ولم تمر تلك الواقعة بدون اتهام العلمانيين والجمهوريين لأنصار "السلطان طيب الأول" بتدبيرها، حتى لا يتجاوز ذلك الحزب نسبة الحسم (10%) لدخول البرلمان، ومن ثم يحصل الحزب الحاكم على نسبة كبيرة تؤهله لتغيير الدستور العلماني، وإلغاء مبادئ العلمانية التي وضعها كمال أتاتورك، وهو ما حدث.

وكان أعضاء مجموعة خفية، تطلق على نفسها اسم "مثالية مختلفة"، والتي تزعم أن أعضاءها من شباب (حزب الحركة القومية) الذين يريدون تبديل الأجيال في القيادة، قاموا بنشر مجموعة من الأفلام الإباحية، أبطالها مسئولون كبار في الحزب، الأمر الذي زلزل استقرار تركيا، ونشر نوبة من الذعر في الأوساط السياسية.

أحد مقاطع الفيديو الذي نشر في "يوتيوب"، صور بكاميرا خفية مثبتة في سقف الغرفة، لأقل من 5 دقائق، ويظهر فيه رجل وامرأة في أوضاع مخلة، إلا أن الأمر الذي سبب صدمة للشارع التركي، أن بطل هذا الفيلم هو محمد أكيتشي الذي شغل إلى وقت قريب منصب نائب رئيس حزب الحركة القومية "إم. إتش. بي".

ولم يكن أعضاء آخرون في الحزب أفضل حالا، إذ أظهرتهم أفلام في هيئات حميمية مع نساء لَسْنَ زوجاتهم، واستقال نتيجة لذلك عشرة أعضاء كبار من الحزب، ومن ثم بدا أن هذا الحزب سيصعب عليه أن يجتاز نسبة الحسم في انتخابات البرلمان التركي التي تقف عند 10%.

وأظهرت أفلام الفيديو المسربة قادة ونوابا من الحزب يمارسون أفعالا مخلة مع طالبات جامعيات، ويشتمون ناخبي حزبهم، مما أدى إلى فتح تحقيق قضائي في الموضوع، إضافة إلى استقالة عدد من مسئولي الحزب ومرشحيه للانتخابات، بطلب من زعيم الحزب دولت بهجلي.

وبين الأفلام المسربة يظهر النائب بولنت ديدينماز والمحافظ السابق لإسطنبول إحسان باروتشو في وضع مخل مع طالبة جامعية.
وظهرت أفلام في شهر مايو 2011، أبطالها النائبان عن الحزب، متين شبان أوغلو ورضائي بلدريم، وكل "أبطال" هذه الأفلام استقالوا من مناصبهم، وسحبوا ترشيحاتهم للانتخابات المقبلة.

والغريب أن ما بقى فقط حزب الشعب الجمهوري (سي. إتش. بي)، وهو الحزب الأقدم في تركيا، ليقف ضد حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، في الانتخابات، ويبدو أنه لن يستطيع أن يمثل معارضة حقيقية له.

وقد تحدث الكاتب الصحفي، ومدير المعهد التركي العربي للدراسات، الدكتور محمد العادل، لـ"العربية. نت"، قائلا: "إن هذه الأفلام تمثل ظاهرة جديدة على الساحة السياسية التركية، وأثارت استهجان الشعب، وقوبلت بحالة من الغضب الشديد، مؤكدًا أن هذه الظاهرة قد تكون معروفة لدى الشعوب الأوربية والغربية، إلا أن الشعب التركي يبقى شعبًا مسلمًا ومحافظًا، لذا فإنها تسيء للديمقراطية التركية".
وأضاف العادل: "من الواضح أن هذا الحزب يتهم أحزابا أخرى تعارضه، منها حزب العدالة والتنمية الحاكم تحديدًا، والذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، فالمسألة إذًا تمثل حسابات شخصية، تؤثر على مستقبل الحزب، ومبادئ الديمقراطية في الساحة التركية".
وأكد العادل أن من كان يقف وراء هذا العمل "الدنيء" يقدم شكلا من أشكال الثقافة الجديدة، قائلا: "بما أن هذا النوع من الثقافة قد انطلق، فأتوقع أننا سنشاهد المزيد منه في الحملات الانتخابية القادمة، وسيكون من الصعب السيطرة عليها بقوانين، حيث إن الشبكة العنكبوتية متاحة للعموم، ويمكن لأي كان أن ينشر ما يريد، لذا يصعب فرض أي شكل من أشكال العقوبة عليها، فيبقى المحدد الوحيد هو المعايير الأخلاقية".
ويؤكد العادل أن العدالة والتنمية لو كانوا وراءه، فسيكونون مستهدفين منه اليوم أو غدًا، ويعد حزب (الحركة القومية) هو الحزب الثالث في تركيا، بعد حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الشعب الجمهوري"، وهو الحزب الكمالي.
وتسريب هذه الأفلام الإباحية في الوقت الحاسم قبل الانتخابات أثرت على مسار الانتخابات والرأي العام، فالحركة القومية مقسمة إلى توجهين: الطورانيون وهم العلمانيون، والقومية المحافظة، والقسم الأكبر من التيار المحافظ داخل "الحركة" كان يشعر بالغضب الشديد من هذه الأفلام، ولذا ذهبت أصواتهم لـ"لعدالة والتنمية"، أما بقية القوميين الطورانيين فقد ذهبت أصواتهم للأحزاب المختلفة، مثل حزب "الشعب الجمهوري" أو غيره.

وقد استفاد حزب "العدالة والتنمية" بالدرجة الأولى، فمنذ ظهوره استعاد الشعب التركي الثقة بالقوى السياسية، أما الآن وبعد ظهور هذه الأفلام، فثقة الشارع التركي بالساحة السياسية قد تزعزعت بشكل كبير، ما أثر على السياسيين والأحزاب السياسية.

وبسبب نشر تلك الأفلام الإباحية تقدم آنذاك زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، بشكوى ضد الحزب الحاكم في تركيا برئاسة أردوغان، متهما أحد أعضاء الحزب بتمويل حملة تشويه صورة حزبه، وأضاف بهجلي: "باستطاعتهم نشر ما يريدون نشره وهذا بالتأكيد لن يجعلنا نستسلم للابتزازات والتهديدات".

وكان أردوغان تعهّد في لقاء جماهيري حاشد في أنقرة بالانسحاب من (السياسة) إذا فشل حزبه في الخروج منتصرا للمرة الثالثة في الانتخابات وتشكيل حكومة الحزب الواحد".

وقد وصل حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى إلى السلطة في عام 2002 بعدما حصد نحو 40 % من الأصوات، وتحقق له الفوز للمرة الثانية في انتخابات عام 2007 بنيله نحو 47 % من الأصوات.

الغريب أن أردوغان استخدم تلك الأفلام الإباحية للإطاحة بزعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، دنيز بايكال في مايو 2010 وأجبره على تقديم استقالته من منصبه، على خلفية فضيحة جنسية، متهمًا حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بنشر شريط فيديو يظهره وهو يقيم علاقة مع إحدى النائبات في البرلمان.

وذكرت صحيفة "توداي زمان" التركية أن القلق عم حزب الشعب الجمهوري التركي، وهو حزب المعارضة العلمانية الرئيسي في تركيا، عند نشر شريط الفيديو الصامت على المواقع الإخبارية، الذي يظهر بايكال (71 عامًا) وهو يقيم علاقة مع النائبة عن العاصمة أنقرة في "حزب الشعب"، نسرين بايتوك.

واتخذ بايكال قراره بالاستقالة على رغم اتهامه حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بـ "فبركة" الشريط، خصوصًا أنه نشر عبر موقع لصحيفة إسلامية، وفاجأ قرار بايكال أركان حزبه، الأكثر عراقة في تركيا، والذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، وذلك بعدما أكدوا دعمهم له إثر الفضيحة "المفبركة".

كما فاجأت الاستقالة الوسط السياسي التركي حيث كان لها وقع الزلزال، وبادر عديد من القنوات الإخبارية إلى قطع بثها لتذيع نبأ استقالته، لكن المؤكد أن خطوة بايكال قوبلت بارتياح في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم، ذلك أن الزعيم العلماني المخضرم، كان أخذ على عاتقه التصدي لسياسات الحزب الإسلامي من الجذور، والدفاع عن الجيش والقضاء باعتبارهما أهم معقلين لـ"الأتاتوركية"، في حين اتهمه كثيرون بأنه "الواجهة السياسية للجيش" عندما تعهد الدفاع عن العسكريين الذين أوقفوا بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري.

وقال بايكال، وهو معارض علماني بارز يتولى زعامة حزب الشعب الجمهوري منذ عام 1992، إن تسجيل الفيديو الذي أظهره على علاقة بامرأة متزوجة في حزبه، كانت سكرتيرته في السابق، ليس إلا "مؤامرة ضده" ملقيا باللائمة على الحكومة.

وأبلغ بايكال الصحفيين بأن التسجيل الذي تم تصويره سرًا، لم يكن لينجز لولا موافقة حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، وأضاف: "من المستحيل أن تنظم مؤامرة مثل هذه في وقت قصير دون علم الحزب الحاكم".

ويظهر في تسجيل الفيديو الذي بثته مواقع على الإنترنت، رجل يشبه بايكال يرتدي ملابس داخلية، في غرفة نوم مع امرأة تبدو نصف عارية، تزعم وسائل إعلام تركية أنها نائبة سابقة.

وفي أجزاء أخرى من الشريط، يظهر الرجل ذاته وهو يرتدي ملابسه ويهم بالمغادرة، وكذا تفعل المرأة، في حين أن الكاميرا تبدو مخبأة في أحد "دواليب" الغرفة.
الجريدة الرسمية