لماذا سقطت أسطورة الحشد الإخوانية؟
ظلت جماعة الإخوان المسلمين على مدى عامين ونصف، تحتل المرتبة الأولى كأكثر فصيل سياسي في مصر لديه القدرة على حشد أنصاره للتظاهر، فمنذ إسقاط نظام مبارك في 25 يناير، وبداية ظهور جماعة الإخوان وحلفائها بصورة قوية على المشهد السياسي، وهم يلجئون دائما إلى سلاح الحشد لمواجهة معارضيهم. وبناء على ذلك لجأ أنصار الإخوان بعد 30 يونيو، وما ترتب على هذا اليوم من عزل الدكتور محمد مرسي، إلى التهديد بقدرتهم المعروفة على الحشد، وإحداث ضغط من خلاله يُمكّنهم من تغيير المسار بأكمله، إلى أن جاءت مظاهرات يوم 30 أغسطس الماضي، لتُسقط أسطورة الحشد هذه، وتكشف عن وجه جديد للقدرات التنظيمية للجماعة، هو الأضعف على مدى تاريخها. فعلى الرغم من دعوات الحشد العديدة التي قامت بها الجماعة لمظاهرات 30 أغسطس، إلا أن أعداد المتظاهرين في هذا اليوم لم تتعد بضعة آلاف في جميع المحافظات، وهو ما يجعلنا أمام تساؤل في غاية الأهمية، وهو: "ما هي أسباب فقدان الإخوان للقدرة على الحشد؟". والحقيقة أنه يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من خلال عدد من الأسباب المتصلة، التي يُكمل بعضها البعض، والتي تتمثل في التالي: أولا: تآكل شعبية الإخوان: على الرغم من الشعبية الكبيرة التي كانت تتمتع بها الجماعة على مدى عامين ونصف، والتي تجلت بصورة واضحة من خلال فوزها في جميع المعارك الانتخابية التي خاضتها، إلا أن جزءا كبيرا من الشارع المصري اليوم أصبح رافضا لها، ولأي فعالية تقوم بتنظيمها، حتى أننا شاهدنا خلال الفترة الأخيرة تصدي الأهالي في مناطق عدة للمظاهرات التي يقوم الإخوان بتنظيمها. ثانيا: القبض على قيادات الإخوان: مما لا شك فيه أن الحملة الأمنية التي استهدفت القبض على قيادات الإخوان، خلال الفترة الأخيرة، أدت إلى إحداث خلل كبير في تنظيم الجماعة -القائم على مبدأ السمع والطاعة- وأفقدتهم القدرة على الحشد، وخاصة أن هذه الحملة استهدفت أيضا قيادات الصف الثاني، التي كانت تتولى التواصل والتنسيق مع القواعد لتنظيم أي فعالية سياسية. ثالثا: الضربات الأمنية التي تعرض لها الإخوان: كانت للضربات الأمنية الموجعة التي تعرض لها أنصار الإخوان منذ بدء فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وحتى الآن، والتي أسفرت عن مقتل واعتقال آلاف المتظاهرين، تأثير كبير على قطاع كبير من الإخوان، حيث أصبح هذا القطاع متخوفا من الانضمام لأي فعالية يقوم الإخوان بتنظيمها. رابعا: غياب الهدف من المظاهرات: يعد أيضا عدم وجود هدف محدد للمظاهرات التي يقوم الإخوان بتنظيمها، سببا رئيسيا في انحسار أعداد المتظاهرين، فعلى الرغم من إصرار الإخوان على الأهداف التي أعلنوا عنها منذ فترة، والمتمثلة في عودة الشرعية متمثلة في الدكتور محمد مرسي للحكم، إلا أنهم يدركون جيدا أن تحقيقها أصبح بمثابة شيء من المستحيل. nour_rashwan@hotmail.com