لم يستطيعوا جعلها مسروقة فأرادوها محروقة
المتتبع لما حدث وجرى في مصر منذ أن تولى الإخوان سدة الحكم وحتى هذه الأيام القليلة الماضية التي شهدت أشد أنواع" العنف السياسي " الذي مورس طوال تاريخ مصر.
وقد يكون الأول من نوعه فقد تعودنا على بعض أعمال الإرهاب المتفرقة كما كان الأمر في فترة التسعينات وكانت هناك حرب ضد الإرهاب ولكنها لم تكن على ذلك النحو " الممنهج والجماعى " والذي قد فاق حريق القاهرة في 26 يناير 1952 ولعل ما حدث يؤكد على أن من قاموا بحريق القاهرة هم الإخوان وأن ذلك قد كان أحد الاحتمالات وليس الإنجليز أو الجماعة اليهودية..
لقد أثبتت تلك الأعمال الإرهابية والأسلوب الذي تمت به أن من قام باختراق السجون وحرق الأقسام وإشعال الحرائق في المتاحف والمؤسسات العامة ومنها مبنى الحزب الوطنى لم يكن هم الثوار ولكن جماعة الإخوان المسلمين.. أي أنهم قد حرقوا البلد في الأول لإلصاق هذه التهم بالحزب الوطنى السابق وليس ذلك دفاعًا عنه .. ولكى ما يقضوا على أي من كان له صلة بالنظام السياسي السابق من خلال تصوير ذلك على أنه تم بالثورة المضادة.
وأعتقد أن أحكام البراءة التي حصل عليها الكثيرون والتي كانت محل امتعاض لدينا والذين حاولوا تشويه القضاء المصرى من خلالها قد تثبتت بقوة بعدما رأينا جميعًا بل وعانينا وأصابنا وأدهشنا ما قاموا به من عنف دموى وإرهابى واعتداءات على رجال الشرطة الذين قد شوهوا صورتهم في الأول وكذلك الجيش وأنهم قد كانوا هم أصحاب " شعار يسقط حكم العسكر " الذي كان ذا وقع نفسى مؤلم لدى رجال القوات المسلحة الأوفياء.
ولكنهم قد حاولوا حرق كل شئ وكسر المؤسسات المحورية في الدولة كالقضاء والجيش والشرطة وحرقهم نفسيًا ثم بعد ذلك ماديًا كما رأينا في أحداث العنف الدموية لقد كان همهم أن يسرقوا مصر- أي الوطن وناسه - من خلال عمليات غسيل المخ والبث العقائدى والذي جعلوا منهم قنابل موقوتة تنفجر في وجوهنا .. وقد قسموا البيوت على بعضهم البعض بتلك البدع والأكاذيب التي هي من حيث تأثيرها أشد قتلًا من السموم.
وللأسف أن ذلك كله قد تم باسم الدين الحرق والقتل والتدمير .. على أساس أن ذلك هو دفاع من أجل العقيدة وأنها حرب من أجل الإسلام ما بين دار السلام ودار الحرب .. ما بين الكفار وبين المؤمنين، وبالقطع هم المؤمنون فقتلاهم الذين يسقطون وهم يقومون بأعمال إرهابية ضد المواطنين الأبرياء وذويهم هم في الجنة .. ومن يقتل من الأبرياء ومن الشرطة والجيش غدرًا هم في النار ذلك تعبيرًا عن حالة الاستقطاب التي فيما يبدو أنها قد باتت غريزية لديهم.
إنهم حاولوا تقسيم مصر ولكنهم لم يفلحوا، وخرج الشعب عليهم في 30 يونيو وهم لم يتوقعوا أن يحدث ما حدث في ذلك اليوم .. وكانوا يقولون إنه يوم عابر وسينتهى ولعل ذلك هو ما دفعهم وجعلهم يلجأون إلى ما يعرف بسياسة الأرض المحروقة.
لقد استشعروا أن مصر- التي أرادوا سرقتها وبيع أجزاء منها أو التنازل عنها لصالح مشاريع إمبريالية وصهيونية لأنها في النهاية لا تعنى شيئًا بالنسبة لهم - وهى إحدى إمارات الخلافة .. لقد شعروا أنها قد استردت وأن ما عقدوه من صفقات مع الشيطان قد ضاع .. لذلك رأوا أنهم لم يستطيعوا سرقتها فأرادوا حرقها بالكامل حتى لا يستفيد أي طرف منها .. ذلك ما يفعلونه الآن وهم يحاولون الحصول على تأييد الشركاء في الجريمة وهى الإمبريالية العالمية ممثلة في الولايات المتحدة والدول الأوربية وإسرائيل بالقطع..
لقد ضاعت الصفقة وانهدم المعبد عليهم فأرادوا أن يهلكوا معهم أكبر عدد ممكن وذلك على الطريقة أو المنهج الشمشونى الذي هدم فيه شمشون الجبار المعبد على نفسه لكى ما يميت أكبر عدد ممكن من أعدائه .. وقد ذكر سفر القضاة في التوراة أن عدد من أماتهم شمشون عند موته فاق بكثير عدد من قتلهم طوال حياته .. ذلك ما فعله الإخوان الآن، ولكن هيهات أن تفلحوا، فالمعبد قد سقط عليكم ونجت مصر بيد عزيز مقتدر سبحانه وتعالى.