رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ العريفى.. ومصر


لم أكن أعرف شيئا عن الشيخ العريفى قبل أن أستمع إلى خطبته فى الرياض، التى تحدث فيها عن مصر التى أعز الله جندها وشعبها فى القرآن الكريم.

  فقد لاقت الخطبة استحسان الكثيرين جدا من المصريين.. وأنا شخصيا أعجبتنى الخطبة، على الأقل حتى تكون معينا لإخواننا وأبنائنا المصريين العاملين فى السعودية، فيقل معهم عسف بعض الكفلاء ويعاملوا معاملة طيبة تليق بما يتحدث به عنهم القرآن الكريم.. وكتبت على حسابى فى الفيس بوك وتويتر "أبدى هذا الإعجاب، وقلت مع إعجابى، فمن المهم أن نعرف أن مصر كانت عظيمة قبل دخول الإسلام والمسيحية من قبله واليهودية من قبلهما".

 ففوجئت بردود كثيرة من شباب فى السعودية نفسها تقول عن الرجل كلاما غير جميل، أقله أنه ممنوع من السفر إلى أوروبا، وأقله عشنا وشفنا بلد الأزهر وعلمائه الكبار وطه حسين والعقاد وغيرهما ترحب بالشيخ العريفى غير المحبوب فى السعودية هو وكثيرون مثله، طبعا أنا أحاول أن أستخدم لغة مهذبة ليست كما وصلنى من ردود.

 فضلا عن أنى كما قلت لا أعرف شيئا عن الرجل ولا أحب أن أوافق أحدا على ما يقول، وأيضا لم أدخل مثلا إلى أى موقع إلكترونى لأعرف تاريخ الرجل، ذلك أنه فى الحقيقة ليست قضيتى، رغم أن أبواب مصر فتحت له ليخطب فى مساجدها، مسجد عمرو بن العاص الجمعة الماضية، رغم ذلك لا علاقة لى بالرجل كما قلت، وأكرر أن عظمة مصر كانت سابقة على الأديان السماوية، وعلى الحضارات الأخرى يونانية ورومانية وإسلامية، ويكفى أن نعرف أنه فى مصر كانت حضارة فرعونية امتدت خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، لاتزال آثارها بيننا، ونعرف أنه حين ضعفت مصر وغزاها الفرس عام 525 ق. م لم يستطيعوا الاستمرار إذ جاء اليونانيون بعدهم وهؤلاء استطاعوا البقاء لقرب حضارتهم المتوسطية، نسبة إلى البحر المتوسط ، من ناحية، ولتداخل العبادات والأديان القديمة مصرية ويونانية وتمازجها، وشهدت مصر أزهى عصورها فكانت مكتبة الإسكندرية وجامعة الإسكندرية مركز العالم القديم كله، واستمر الأمر مع الرومان حتى ضعفت الإمبراطورية الرومانية ودخل المسلمون مصر...

 فى ذلك الوقت.. كانت الديانة المسيحية قد انتشرت فى الدنيا بفضل مقاومة المصريين الذين اعتنقوها مبكرا، ولاقوا العسف والظلم والاستشهاد حتى اعترفت بها الإمبراطورية الرومانية فى القرن الرابع الميلادى، ضعفت الإمبراطورية الرومانية عسكريا، لكن مصر ظلت غنية وكان تعداد أهلها عشرة ملايين، ويقال اثنى عشر عند دخول المسلمين، وعرف العدد من الجزية التى فرضت على أهلها فكان مقدارها بقسمته على نصيب الفرد يحدد عدد السكان، وشيئا فشيئا دخل أهلها فى الإسلام..

 لكن الذى حدث.. أن مصر ظلت تنهب خيراتها وتحول إلى دار الخلافة، وتركت للإهمال حينا وللطبيعة وزلازلها حينا.. لكن الإهمال والنهب كانا أكثر، وتسببا فى الفقر والأوبئة خاصة أنه تعاقب على حكمها الغرباء من كل الدنيا، وانتهى بها الأمر الى عدد مليونين من السكان حين دخلها نابليون بونابرت عام 1798بسبب الأوبئة والقتل واستباجة أهلها من هؤلاء الغرباء كما قلت، وكلهم حكموا باسم الإسلام، بينما الأمر كان بعيدا عنه، كان نهبا منظما للبلاد، هؤلاء جميعا لم يعرفوا معنى اعتزاز القرآن بمصر ولم يعملوا به، وكانوا للأسف مسلمين....

 ما السر يا ترى؟!!

 السر هو اختلاط الدين بالسياسة.. أنت حاكم مسلم فافعل ما تشاء بالبلاد والعباد، بينما الحقيقة هى أنك حاكم رخصتك من رضاء شعبك ولا يعطيك الدين رخصة الحكم ولا إهلاك البلاد.. أقول ذلك لا لأرد على الشيخ العريفى لكن لأقول له قل للحكام الذين استضافوك أن يعرفوا ربنا ولا يكذبوا على الأقل، ونحن نعرف ماجاء فى القرآن الكريم الذى قرر حقيقة لا تغيب عنا، قل لهم إن كونهم يرفعون راية الإسلام لا يعنى أنهم عادلون.. وعليهم أن يخضعوا لمطالب الشعب الذى أتى بهم والثورة التى فتحت لهم الطريق قبل أن يعودوا بنا إلى عصور الظلام.
ibrHIMbdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية