التصوف والعشق الإلهي في حياة "نجيب محفوظ"
كان الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ يلتقي بأصدقائه بحي الحسين في سن السابعة والعاشرة يوميا خاصة بعد الظهيرة عقب انتهاء اليوم الدراسي، حيث يستمر اللعب حتى يحل الظلام فيبدأ نداء الأهالي لأبنائهم للعودة إلى البيت.
ويروي "محفوظ" أنه خلال ساعات اللعب لم تكن سيارات تمر من الميدان وكان أهم ما يحدث هو مرور عربة الرش التي كان يسحبها بغلان فيظل يجري وراءها حتى تخرج من الميدان ثانية.
وكان بيت القاضي يبدو في فرح مستمر لمدة شهر كامل وهو شهر "رمضان" فالمنازل التي تقع في الحي كانت تفتح أحواشها للناس طيلة أيام الشهر، وكانت تأتي بالمنشدين الذين كانوا يقيمون حلقات الذكر، حيث كانت أصواتهم أول صوت منغم يستمتع به "محفوظ" وهو طفل رغم أن والده كان لديه فونوغراف.
ومن هنا اعتاد محفوظ ألا يكتب في هذا الشهر إلا الشيء الضروري ويرجع ذلك لرغبته في الاستمتاع بروحانيات الشهر الكريم، حيث كان يقضي الوقت في قراءات مختلفة أكثرها دينية إلى جانب القرآن الكريم وكتب السير والتراجم الخاصة بمؤسسي الدولة الإسلامية وقراءات أخرى في التصوف والفلسفة، ولقاء رواد التصوف الإسلامي.
وكانت قراءات "محفوظ" تتنوع ما بين الشعر الصوفي سواء عربيا أو مترجما خاصة وقت الصيام وتحديدا بين العصر والمغرب، واصفا هذه المرحلة بالانتقال إلى الشفافية عبر تجربة فريدة تركت في نفسه أثرا عميقا انعكس على الكثير من كتاباته.