رئيس التحرير
عصام كامل

عن تصريحات الدكتور عصام العريان (1)


خلال الأيام الماضية سئلت كثيراً عن رأيى الشخصى فيما قاله د.عصام العريان أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين والذين لا يخفى على الجميع أننى أكن لهم بالغ العداء بعد مجموع تصرفاتهم منذ أن تحولوا للحزب الحاكم مع تولى محمد مرسى كرسى الرئاسة ومهازل الجمعية التآسيسية ثم الإعلان الدستورى ثم الدستور البغيض الذى أقر.. ولكن هذا موضوع آخر .. وبما أننى اقتربت من عالم اليهود المصريين فى فيلمى "عن يهود مصر " و دافعت عن حقهم فى الاحتفاظ بهويتهم المصرية .. فهذا ما رأيت عن الخطاب ..


تصريح د. عصام العريان .. يؤكد حق اليهود المصريين فى استعادة هويتهم المصرية كآبناء للوطن .. وهو طبعاً لا اختلاف عنه فى رأيى الخاص ورأى الكثيرين .. فجمع كل اليهود تحت شعار الصهيونية لا يختلف عن وضع جميع المسلمين تحت شعار تنظيم القاعدة .. وافتراض أن كل أبناء ديانة واحدة يحملون نفس التوجه السياسى يضعنا فى القائمة القصيرة لجائزة " السعفة الذهبية لأكثر شعب عنصرى " بجدارة وهو ما نخطو نحوه بخطى ثابتة .. إذن فانا لا أخالفه فى الخطوط العامة لهذا التصريح .. ولكن .. الشيطان فى التفاصيل كما يقولون ..

بداية .. لخص د. عصام العريان موقفه نحو اليهود المصريين بهؤلاء المقيمين فى إسرائيل ( ربما بما أن هدفه هو طمأنة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل نحو نظرة الجماعة لليهود ولكسب تآييد ما للجماعة .. ربما فلم أدخل فى نيته ولكن الاحتمال الآخر قد يكون عدم المعرفة وأشك أن السيد عصام بتاريخه من الممكن أن يكون غير عالم بالتاريخ ) فالإحصاءات تقول إن أعداداً كبيرة من اليهود المصريين لم يذهبوا إلى إسرائيل .. وأغلب من كان لديهم الخيار الاقتصادى رحلوا إلى أوروبا وأمريكا بل وحتى إلى جنوب إفريقيا أحيانا كما هو الحال مع شيكوريل .. هناك نسبة بالطبع لا بأس بها ذهبت إلى إسرائيل .. ولكننا حين نتحدث عن تلك القضية .. التحديد فيه إجحاف .. خاصة أنك تعيش فى دولة منذ معاهدة السلام يستطيع المواطن ذو جواز السفر الإسرائيلى دخول مصر بلا عناء بينما الكثير من الذين خرجوا فى ٥٦ ومضوا تعهداً بعدم الرجوع قسراً من الجهات الأمنية المصرية ما زالوا على قوائم المنع من الدخول ويحتاجون تدخلات خاصة لكى يزورا البلاد (ما لم يتغير اسمهم بالزواج أو بحمل اسم مختلف بعد حصولهم على الجنسية أى بتحايل ما ) وهؤلاء الكثير منهم يشارك غالبية المصريين موقفهم نحو القضية الفلسطينية ونحو دولة إسرائيل وتمثل موقفهم هذا فى اختيارهم لبلدان أخرى حين أجبروا على الخروج فى الوقت الذى كانت إسرائيل تفتح ذراعيها لهم ..
إذن فتخصيص الأمر على اليهود المصريين فى إسرائيل يبرز فى وجهة نظرى عدم صفاء نية الدعوة وأنها لا تصب فى قضية إنسانية بل هى استراتيجية سياسية .. أتفق مع الرسالة وأختلف مع السبب ورائها بوضوح
ثانياً .. لام الخطاب بشكل واضح جمال عبدالناصر بشكل كامل عن أزمة اليهود المصريين ( وأنا وفيلمى نرى أنه ملام ولا نختلف فى ذلك وحين أقول جمال عبدالناصر أعنى النظام الحاكم والذى أجبر آلاف اليهود على الخروج و على التنازل عن جنسياتهم بعد ٥٦ ونتيجة لدخول إسرائيل كطرف فى العدوان ) وهذا مثبت ومذكور فى مراجع كثيرة .. ولكن لكى نكون موضوعيين فهناك عنصران لا يمكن إغفالهم فى المعادلة ..
أولهم جماعة الإخوان :
يعرف الجميع بأعمال الجماعة الموجهة نحو الطائفة اليهودية فى ٤٧و ٤٨ والتى لم ينكروها .. بل وخطبة حسن البنا الشهيرة فى ميدان عابدين والتى خرج بعدها مئات من أعضاء الجماعة وحطموا عدة محلات فى حارة اليهود ..
لابد وأن نذكر أن الجماعة كان لها دور فى ترويع اليهود المصريين وهو ما ساهم بشكل كبير فى خروج الطبقة البرجوازية و الارستقراطية حرصاً على أموالهم بعد أن أدركوا أن الشارع المصرى قد بدآ فى التحول ضدهم بعد أعمال العنف هذه .. ( وكان هذا الخروج بشكل كبير ما قبل ٥٤ أى ما قبل عبدالناصر ) وبما أن السيد عصام ممثلا للجماعة فبعد خطابه الإنسانى الذى يدعم فيه اليهود المصريين كان لابد وأن يجيب عما يخص موقف الجماعة السابق
كما أنى أتساءل عما إذا كان رأيه يمثل الجماعة أم لا خصوصاً بعد أن قمت بلقاءات لفيلمى مع أعضاء منها و أدعى أن رأيهم على الناحية الأخرى تماماً ..


الجريدة الرسمية