رئيس التحرير
عصام كامل

هل تصلي إسرائيل من أجل الحفاظ على بشار؟


بينما ينشغل المصريون بالحديث عن العنف والإرهاب في الداخل.. كان العالم على موعد مع جريمة في سوريا حيث تم استخدم الأسلحة الكيميائية ضد العزل من الأطفال والنساء والرجال الذين كانوا في بيوتهم في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق.


بشار الأسد قال إن الادعاء باستخدامه السلاح الكيماوي ضد مواطنيه يمثل "إهانة لما هو بديهي".. ولسان حاله يقول لماذا أستخدم أسلحة تجيّش العالم كله ضدي وأنا ماض في معركتي في الداخل بشكل ناجح.. الشواهد – رغم ذلك - تؤكد أن نظام بشار لا المعارضة هو من استخدم هذه الأسلحة.. فالثابت أن هذه الأسلحة في عهدة بشار وليست في أيدي المعارضة.. ولا تبدو أن الصور التي بثها التليفزيون الرسمي السوري عن عثور الجيش على مكان به آثار تدل على تخزين المعارضة لمواد كيميائة مقنعة للعالم مع وجود أسئلة متعددة تطارد بشار: فلماذا رفض السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول لمنطقة الغوطة الشرقية فور وقوع الحادث؟ ولماذا استمرت قواته في ضرب منطقة الغوطة الشرقية في الأيام التي تلت استخدام الأسلحة الكيميائية بما يشير إلى رغبة نظام بشار في طمس أي دليل في هذه المنطقة؟ هذه الأسئلة هي التي دفعت وزير الخارجية الأمريكي – جون كيري – أمس إلى اتهام نظام بشار الأسد بشكل مباشر حيث تدرس الولايات المتحدة مع بريطانيا الخيارات المتاحة للرد على استخدام أسلحة كيميائية ضد مواطنين عزل دون اللجوء لاستصدار قرار من مجلس الأمن وبما يشير إلى احتمالية استخدام القوة ضد بشار.

وبينما تستمر روسيا في دفاعها عن بشار.. فإن روسيا لن تحارب من أجله.. الموقف الإسرائيلي هو رمانة الميزان في صراع المجتمع الدولي مع بشار الأسد.. فإسرائيل تبدو خائفة من أن يقوم الغرب بضرب نظام الأسد.. كما أن السيناريو القائل بأن إسرئيل هي من ترغب في إسقاط بشار من خلال ضربات جوية كتلك التي حدثت في ليبيا وأن الولايات المتحدة وبريطانيا سيتكفلان بذلك من أجل عيون إسرائيل يبدو بعيدا عن الواقع.. فمن يفهم استراتيجية المكان وأهميته في الصراع يعرف أن إسرائيل لن تبدو سعيدة بضرب بشار عسكريا.. فالخيار العسكري الذي يمكن أن تلجأ إليه بعض القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة سيعطل الحرب التي تنوي إسرائيل شنها ضد إيران.

ورغم أن إسرائيل لم تعرب عن معارضتها لضرب سوريا صراحة.. إلا أن تصريحها الأخير حول امتلاك سوريا لـ100 ألف صاروخ قادر على ضرب أهداف في العمق الإسرائيلي بدقة.. يشير إلى أن إسرائيل ستصلي من أجل بشار الأسد من أجل سلامة نظامه حالياً.. وأغلب الظن أن إسرائيل ستقنع الولايات المتحدة وبريطانيا بعدم توجيه أي ضربة عسكرية ضد نظام الأسد.. لأن ذلك سيهدد أمن إسرائيل وسيستفز حزب الله.. فإسرائيل غير مشغولة بسقوط الأسد أو تغيير النظام هناك.. فهي تستطيع توجيه ضربات له عندما تريد وقد حدث ذلك عندما قصفت محيط دمشق.. كما أنها سعيدة بأن نظامه يتآكل وينهار من الداخل.. ولكنها تخشى من جنونه في حال شن الغرب حربا ضده وقد قال بشار الأسد صراحة في السابق إن الرد على محاولة إزالته بالقوة – في إشارة إلى ما حدث مع معمر القذافي – سيكون مزلزلاً.

كما أن توجيه ضربة لسوريا من جانب الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية سيعرقل الطموحات الإسرائيلية في لبنان.. فالطموحات الإسرائيلية في غرس فتنة سنية – شيعية في الداخل اللبناني لتعطيل حزب الله بدأت تتحقق.. ولاسيما في ظل فراغ حكومي يدخل شهره السادس.. فلبنان حتى الآن دون حكومة منذ استقالة نجيب ميقاتي وحكومته في مارس من العام الحالي.. فإسرائيل كانت تحلم بتفجير الداخل اللبناني بما يخلصها من حزب الله وسلاحه.. وها هو الحلم الإسرائيلي يتحقق في انهيار الداخل اللبناني الهش بفعل ما يحدث في سوريا.. حيث تم استهداف منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية في بيروت بانفجار سيارة ملغمة أودت بحياة ما يقرب من 21 قتيلا ومائتي جريح.. ثم اهتزت لبنان مجددا في انفجارين لسيارتين مفخختين خارج مسجدين بمدينة طرابلس في شمال لبنان راح ضحيتهما 42 شخصا وأصيب خلاله 400 شخص.. عندما انفجرت السيارتان عقب صلاة الجمعة مباشرة.

ورغم أن الأصابع أشارت إلى أيادٍ إسرائيلية وراء حادث الضاحية.. حيث تزامن انفجار منطقة الرويس في الضاحية مع احتفالات حزب الله بذكرى حرب تموز (يوليو 2006) فإن التحقيقات كشفت عن تورط شخصيات متطرفة موالية للمعارضة السورية.. وبينما يحلو للكثير من فريق 14 أذار توجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله في حادثتي تفجير سيارتين مفخختين بطرابلس يبدو اتهام حزب الله بعيدا عن الواقع.. فقد استبق السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله التفجيرات في طرابلس بخطاب أكد فيه وجود مخطط لضرب السلم الأهلي في لبنان.. ووجود سيارات تم تلغيمها وتفخيخها لضرب مناطق مختلفة في لبنان .. فالمستفيد الوحيد من استمرار حالة التفجيرات في لبنان بما يؤدي إلى سقوطها مجددا في هوة الحرب الأهلية هو إسرائيل.. والمستفيد الوحيد من استمرار القتال واستمرار الحرب الأهلية في سوريا هو إسرائيل.

الوضع الداخلي في مصر يبدو أيضاً مناسباً لإسرائيل.. فالأحداث الأخيرة في مصر ستجعلها تقف على الحياد في أي صراع إقليمي.. لأن النظام في مصر مشغول بمواجهة الأزمة الأمنية – السياسية..لكن إسرائيل تتمنى أن تعارض الحكومة في مصر أي تدخل أجنبي ضد سوريا.. وبخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي عارضت عزل الرئيس السابق محمد مرسي.. وتعاملت مع الحكومة الجديدة في مصر بحذر شديد.. غير أن إسرائيل ليست متأكدة بعد من الموقف المصري.. الذي قد يجد في معارضته لضرب سوريا ما قد يؤجج الداخل بمسيرات تؤكد أن الجيش في مصر يؤيد نظام بشار الديكتاتوري.

الرؤية الدقيقة للأحداث في سوريا ولبنان تشير إلى أن الشرق الأوسط بدأ يتحضر للحرب.. فالمشهد الآن جاهز ولم يعد يتبقى إلا السيناريو الدقيق لجبهات الصراع وساعة الصفر التي اقتربت كثيراً.
الجريدة الرسمية