رئيس التحرير
عصام كامل

"أردوغان وشيخ الإسلام".. ثأر قادم من الماضى

محمد حماد سليم
محمد حماد سليم

بعد التصريحات التي تحدث بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في حق الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والتي ادعى فيها أن شيخ الأزهر انتهى.. أصبح من اللازم أن نتوقف عند هذه التصريحات، فلا يجب أخذها في سياقها السياسي الضيق، حيث الركون إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي "أردوغان" إليها، بل إنها تحمل بُعْدًا تاريخيًّا قادمًا من الماضي الذي ربما يكون "أردوغان" يحلم بعودته.

ماذا يقصد بشيخ الأزهر هنا؟ هل يقصد شخص الدكتور الطيب، أم يقصد المنصب ذاته؟.

إن التطاول على شخص الدكتور الطيب أمر غير مقبول، إلا أن التطاول على المنصب نفسه يجعلنا نتوقف عند منصب قديم عفا عليه الزمن في تركيا وهو منصب "شيخ الإسلام".

إن منصب "شيخ الإسلام" كان أكبر منصب ديني في الخلافة العثمانية، والتي كانت تحكم أرجاء العالم الإسلامي في فترة من الفترات، وكانت له الكلمة على العالم الإسلامي في ظل الخلافة، وبعد سقوط الخلافة العثمانية سقط معها منصب شيخ الإسلام التركي، ولم يكن أمام العالم الإسلامي مركز ديني له الثقل مثل الأزهر الشريف، بتاريخه وعلمائه ومكانته، فاتجهت الأنظار إلى إمامه ليكون الإمام الأكبر، ليسد الفجوة التي تركها فراغ منصب شيخ الإسلام، ومن يومها والعالم الإسلامي يجعل الكلمة العليا لشيخ الجامع الأزهر.

وتمر الأيام وتركيا غائبة عن المشهد الديني العالمي، حتى يحل هذا "الأردوغان" على رأس الحكومة ليحاول جاهدًا إحياء أمجاد عثمانية، وإذا به يسعى سعيًا حثيثًا في كل الاتجاهات، فعلى المستوى السياسي فرح بنظام متهالك في مصر أقل ما يوصف به هو الغباء السياسي والخنوع، والذي جعل مصر تابعة لكل من يمد يده خصوصًا قطر وتركيا، وإذا بأردوغان يسعى كذلك على المستوى الديني محاولًا تفريغ الأزهر من المكانة الدينية، ليضرب مركزًا من مراكز القوة المصرية والتي ربما تسبب صداعًا في رأسه، مذكرة إياه بهذه العالمية وهذه الصدارة، والتي تحول دون تحقيق حلمه بالريادة.

إن منصب شيخ الإسلام لن يعود مرة أخرى، وإن كان هناك شيخ للإسلام فهو شيخ الجامع الأزهر، والذي أخذ هذه المكانة عن جدارة علمية وتاريخية، تمثلت في الأزهر الشريف بتاريخه وعلمه ومكانته ورجاله ومواقفه، ولم يحصل عليها بقوة الحاكم، كما أخذها شيخ الإسلام التركي قديمًا.

نقول لأردوغان: "شَاهَ وَجْهُكَ، وخاب سعيك، وإن شاء الله أعدك بأُفُول نجمك قريبًا اقتداء بسلفك مرسي؛ الذي حاول التضييق على الإمام الأكبر، فأصابه الله عز وجل بزوال حكمه، وقد سِرْتَ على دربه فأبشر بنفس مصيره، وإنا لمنتظرون".
الجريدة الرسمية