رئيس التحرير
عصام كامل

عايز الحقيقة.. ولا وجهة نظرك الغلط ؟!


كان وسيظل البحث عن الحقيقة، هو شاغل الإنسان على مر الأزمان.. ولكن فى بُلدان كمصر، البعض له رأى آخر، وبالذات حينما يختلف مع غيره فى الرأى... ولقد أخرجت "تلك التى أطلق عليها الإعلام "ثورة 25 يناير"، أسوأ ما فينا، ومن ضمنه أن الكثيرين منا على استعداد للدفاع عن وجهة نظره وتسويقها على أنها حقيقة، رغم أنها ليست كذلك.. ولكن، لأنه يتجسد فى وجهة نظره تلك ويندمج بها، يرى أن التنازل عنها، هو اعتداء على كرامته أو قضيته!!.


ويستتبع الدفاع عن وجهة النظر الخاطئة، أن الإنسان يبدأ فى الكذب، لتبرير ما يدافع عنه.. والكذب هنا، بديلاً لعقلانية الحجة، فهو إذاً.. يفتقد لأسباب منطقية فى الدفاع عن رؤيته، فيبدأ فى الكذب، إلا أنه لا يُدرك أنه كلما كذب أكثر، كلما كان أكثر عُرضة لفقدان الأرضية التى يقف عليها، ومع الوقت يفقد المصداقية، ويفقد ثقة من حوله، نتيجة لذلك!!.

كما أن الدفاع عن الرأى الخاطئ، يؤدى فى بعض الأحيان إلى تسفيه المخالف، مما يؤدى إلى شتمه وسبه والاعتداء عليه باللفظ.. وهنا وفى حال رد الطرف الآخر بنفس الطريقة، يتوه الموضوع وتختفى الحقيقة كلياً، وينتهى موضوع الحديث ويتحول الأمر إلى مسألة شخصية، وليس رأى يمكنه أن يُفيد أحداً، وقد يتحول الأمر إلى عداوة لدودة وثأر بين الطرفين بلا أدنى داعٍ... ولم كل هذا؟!، لأن هناك شخصا كاذبا، لا يستطيع أن يكون لديه "شجاعة الاعتراف بالخطأ"!!.

وقد يتجاوز الأمر السب، ليصل إلى الاتهامات المُهينة، وهنا يكون المُخطئ فى قمة الضعف ولا يمتلك أدنى حجة ليدافع عن رأيه، ويُعبر عن "جُبن وخسة" طاغيين، حيث إن شجاعة الاعتراف بالخطأ "بطولة" فى حد ذاتها، يُكافأ عليها المرء فى المجتمعات المُتحضرة، لأنها من قيم "الفُرسان"، الذين لا يريدون للمجتمع أن يتبنى رؤية خاطئة، يمكنها على مستوى أعلى أن تُطيح به وتهزمه (أعنى المجتمع نفسه)!!.

إن المُدافعين عن الحقيقة، أقوى بكثير، حيث إنهم يمتلكون قناعات راسخة، تُمكنهم من الثبات دونما أن يغيروا مواقفهم كل فترة يميناً ويساراً، وكأنهم يتلوون كالراقصات، تنتظر "النقطة" من "زبون" الملهى!! فالمُدافع عن الحقيقة، يعرف أن الحقيقة ستظهر فى النهاية.. وأنه سينتصر مهما طال الزمان، وأنه الأقوى مهما ظهر الضعف فى أى وقت من مناقشة حجته، فهو لا يحتاج لأن يكذب ولا أن يسب ولا أن يتهم.. فهو قوى بالحقيقة، ويتكلم بهدوء بينما يمتلكها ويمتلك العلم بها ومعها!!.

إن الأوطان المُتقدمة، تُبنى على الحقيقة، وليس الرؤى الخاطئة أبداً، وإن من يدافعون عن وجهات نظرهم عندما تكون خاطئة، إنما ينكشفون فى النهاية، وعندها يوضعون فى المكان الذى يستحقون، وهو سلة مُهملات التاريخ!!.

 فيا ليت كل مصرى، يعترف بخطئه حينما يعرفه، ويدافع فقط عن الحقيقة، حتى نستطيع أن نبنى مصر جديدة بحق منتصرة دوماً.. بإذن الله!!.

وتبقى مصر.. أولاً دولة مدنية..
الجريدة الرسمية