رئيس التحرير
عصام كامل

الكذب


الكثير من المواقف تفرض علينا أن نواجهها بكل هدوء وتعقل، والاعتراف بوجود المشكلات هو أساس حلها وإن لم نعترف بوجودها فما هو الداعى إذا لكى نبذل من الجهد حتى نبحث عن الحلول.


بيد أن هناك نوعا من المواجهة السلبية للمواقف والتي تسير في اتجاه مخالف للحقائق حتى لو فقد الإنسان مصداقيته أمام الآخرين، فالأساس هو تحقيق الأهداف لديه مؤمنا أن تضليل الآخرين هو السبيل الأفضل للخروج من المواقف أو حل المشكلات.

يفقد الكاذب مصداقيته وهي الشيء الوحيد التي تنبنى عليه كل العلاقات المستقرة والثقة لتحل محلها صفات أخرى ليس لها حد من السوء وتصبح الخيانة والغيبة والغدر والأنانية هي الصفات المسيطرة وهذا ما يفسد يشوه الصفات الأصيلة للمجتمعات والقيم التي بزوالها تصبح الحياة تمثل الحقيقة المستحيلة لدى الناس.

الكذب يتبع الكذب، فالكاذب يبذل من جهده الكثير من أجل أن يخفى عدم مصداقيته بشتى السبل فيدرس العلاقات المترابطة حتى لا يفتضح أمره وحتى ولو تم ذلك فلديه من القدرات النفسية لكى يغير مسارات الأمور إلى المسار الذي يخدم مصالحه لأن لديه من الخبرة ما تؤهله للقيام بذلك.

تنتهك حقوق الناس وتندثر ويجنى العقاب من زرع خيرا ويجنى الخير من لم يزرع من الأساس لتختلف المعايير التي تبنى عليها الثواب والعقاب وتختلف توقعات الناس عن النتائج ويبقى الأثر السيئ على الدافعية نحو إنجاز الأعمال ليحل الشك والريبة محل الاحترام والثقة ويحتل الكاذب مكانة أعلى رغم عدم مصداقيته وقد يصبح الصادق لا يصدق إلى أجل مسمى شكا فيه وريبة لأنه أحيانا لا يملك القدرة على المواجهة.

إن بناء الأفراد على الوصول للأهداف بطريق الكذب هو القضاء على مستقبل شعب وسمعته، ولعل ما نعرف عن سمعتنا بالخارج كفيل بأن يظهر لنا ذلك فمن احترفوا الكذب وبعض الصفات المرفوضة كانوا هم أساس وجهة نظر العالم عن المصريين فعمت السيئة علينا لتشابه البيئة وتشابه النشأة ولا يمكن نعيب عليهم في ذلك فالمؤشرات التي تشكل الرأى العام العالمى تجاه دولة ما يتشكل بأخبارها وسلوك أفرادها لترفع شعبا وتخفض الآخر ولا ندرى أين مكاننا الحقيقي إلى أن نصطدم بالواقع ونرى أين أصبحت مكانتنا اليوم بعد أن كنا بالأمس.
الجريدة الرسمية