رئيس التحرير
عصام كامل

التجربة الإخوانية في التغطية التليفزيونية


فور نشري لخبر اختطاف طاقم قناة المحور في محافظة حلوان عبر تغريدة وظهوره على صفحتي على "فيس بوك" التي هي مربوطة بصفحتي على "تويتر" رد على أحد المتعاطفين مع الإخوان أو أحد عناصرها ربما برد ينم عن تشكيكه في حقيقة أمر الاختطاف، عبر تبنيه لرواية قام بنقل صفحة راويها ويدعى عبد العزيز مجاهد ووضعها على صفحتي.


قرأت تلك الرواية التي تشكك في حقيقة الأمر وتزعم أن القناة فبركت الموضوع أو جزءا منه على الأقل، هذا النموذج الذي يدعو للاستغراب والتعجب والشفقة والحزن أيضًا.. على الرغم من أنه لن يغير حقيقة أو يبدل واقعا إلا أنه يعكس وجهة نظر كل المتعاطفين مع الإخوان فضلا عن عناصرها الذين ينهالون على كل خبر يرد على شبكات التواصل الاجتماعي أو مواقع الصحف أو غيرها بأقسى وأقذر ألفاظ الشتائم لكل القنوات والوسائل التي لا تصور الإخوان على أنهم أبرياء ومظلومون.

كما تعكس وللأسف وجهة نظر عدد كبير من الزملاء الإعلاميين الذين أيضًا إما يتعاطفون مع الإخوان أو يتبنون فكرة الدفاع عنهم ويكرسون جهودهم لهذا الأمر متغاضين عن كل (تجاوزات) و(أخطاء) و(جنايات) و(جرائم) و(إرهاب) سياسي وميليشيات الإخوان، ولمصلحة من؟ الله أعلم.. أؤكد لك عزيزتي وعزيزي القارئ أنهم لم يكسبوا غير الخسارة.

نعم خسروا أصدقاء كثر، خسروا مصداقية لدى الكثيرين.. والمطلوب منهم وبكل بساطة أن يحكموا حدسهم الإعلامي وضميرهم المهني وأن يتذكروا أنه بسببهم هناك من سيعرض حياته للخطر وربما يقتل أحدهم أو يقتل هو.

المشكلة تكمن في استحضار نظرية المؤامرة في كل ما يعتقد الإخوانيون والمتعاطفون معهم أنه ضدهم.. في هذه الحادثة تحديدا كاميرات القنوات (المحلية والعربية الدولية) تتحرك وتصور يوميا شوارع محافظات القاهرة خاصة في وقت ما قبل ساعات الحظر وأثناء ساعات الحظر حتى الصباح.. وترصد كل ما يصادفها في طريقها خاصة أن البث (على الهواء مباشرة) مع التركيز والتوقف عند معظم نقاط التفتيش والتأمين..

والسؤال هنا هل يكفي مجرد الظن من قبل من تولى عملية اختطاف الزملاء طاقم قناة المحور (بحسب رواية الشخص الذي قام بالرد على الخبر الذي نشرته مشككا في صحته) بأن طاقم التغطية تعمد إظهار الشوارع في حلوان خالية هل يكفي ذلك للقيام بعملية اختطاف وتهديد بالقتل كهذه؟ كيف ولماذا يصدق المتعاطفون وينشرون ويتبنون شائعات غير موثقة كهذه؟!

هناك رواية أخرى هي الأقرب للدقة وتفيد بأن المتظاهرين الغاضبين أجبروا فريق التغطية على مغادرة المكان لأن قناتهم غير موثوقة ولأنهم سيصورون تجمهرهم على غير حقيقته وحجمه.. وقالوا إنهم سيسمحون فقط لقناة واحدة بالنقل هي قناة -الجزيرة-، وحينما لم يجدوا ضالتهم لحقوا بسيارة فريق القناة وحاصروها عملا بمبدأ عصفور باليد.. وأيضا تكرار -للتجربة الإخوانية في التغطية التليفزيونية- التي يشهد عليها ميدان رابعة العدوية.. وقد كان شرطهم مع القناة التي تفاوضوا معها بدون وسيط مباشرة وساوموها على أرواح موظفيها فريق التغطية حتى يحصلون على ظهور تليفزيوني يخدم هدفهم.. وبثت القناة قرابة الساعة صور أولئك الذين كانوا ينوون كسر الحظر على الهواء، رفعوا لافتاتهم وشعاراتهم وقاموا بأداء صلاة العشاء على الهواء..

توقف البث المباشر وأعيدت ذات اللقطات، وبالمناسبة فإن اللقطات التي كانت تعاد كانت بسبب انتهاء بطاريات الأجهزة الخاصة بالبث وهي الحجة التي استخدمت مع الخاطفين، الأمر الذي تم توضيحه لاحقا أثناء التغطية بأنه لم يكن إلا جزءا من خطة إدارة الأزمة التي رفض من كان يديرها أن يستغل الخاطفون من عناصر الإخوان ومن يقفون وراءهم هذه الفرصة وهذا الصيد الثمين- بالنسبة لهم- في توجيه وتضليل الرأي العام بعد أن اتهموا طاقم القناة بانتقاء المواقع الخالية لتوجيه الرأي العام واختطفوهم رهائن، فانقلب السحر على الساحر! وخسروا هذه المعركة التي كانوا يريدونها على الهواء مباشرة !

كل مسيرات وتظاهرات الإخوان ليوم الجمعة في كافة المحافظات المصرية تحدثت عنها ونقلت أغلبها معظم بل كل وسائل الإعلام ولم تخف شيئا من ذلك.. لكن نظرية المؤامرة كانت حاضرة ولا تزال في أذهان أولئك الذين فات على كبيرهم الذي أوعز إليهم بعملية اختطاف الفريق وإجباره على البث أنه خسر المعركة فور ظهور المتظاهرين على الهواء لأنه تسبب في الكشف عن مكانهم وبالتالي مكان الخاطفين وبعد وقت سريان حظر التجوال! الأمر الذي يفسر سرعة وصول رجال الأمن الذين وصلوا على علم بتفاصيل الموقف وتمكنوا بفضل من الله من التعامل معه وحرروا الرهائن ثم رافقوهم لمدينة الإنتاج الإعلامي بعد تحرير محضر بالحادثة.

أيها المتعاطفون والمبررون لكوارث عناصر الإخوان الفادحة.. رجاء حرروا عقولكم واقبلوا المعلومات من أي مصدر كان طالما كانت في إطار المنطق والعقل ومثبتة بالأدلة والصور رأفة بأنفسكم ومجتمعكم.

تحية للزملاء الأعزاء في كل القنوات، الذين يواصلون العمل لساعات طويلة في تغطية مجريات الأحداث على الأرض طوال ساعات الحظر التي تمتد لأحد عشر ساعة ويتعرضون خلالها لشتى الطوارئ الخطرة ونخص منها التهديد بالقتل، والتحية لرجال الأمن الذين تدخلوا فور علمهم بالأمر وأنقذوا الفريق، وتحية لمن ساعدهم من أهل المنطقة التي شهدت الحدث والتحية أيضًا لمن أدار هذه الأزمة باقتدار وحكمة وحافظ على أرواح فريق التغطية عبر الامتثال لمطلب الخاطفين والتحية أيضا لكل من تفاعل مع تفاصيل هذه الحادثة من إعلاميين وحقوقيين وسياسيين ومشاهدين في تلك الليلة الطويلة.. وحمدا لله على سلامة الزملاء.
الجريدة الرسمية