رئيس التحرير
عصام كامل

شيزوفرينيا "المعزول".. قبل وصوله للحكم بـ8 سنوات: البالية "زنا".. الفن يثير الغرائز الجنسية ولا يتفق مع الشريعة الإسلامية.. وبعد وصوله للحكم دعا الفنانين للعمل باعتبارهم مصادر للمعرفة

الرئيس المعزول محمد
الرئيس المعزول محمد مرسي

أثار برنامج "الحقيقة"، الذي كان يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي، منذ ثمان سنوات قضية "معهد الرقص"، الذي أنشأه وزير الثقافة الأسبق "فاروق حسني"، والذي خصص لفن "الباليه"، وسماه أعضاء جماعة الإخوان آنذاك بـ"معهد هز الوسط"، في حملة قام بها أعضاء الجماعة بالبرلمان، ومن بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي، باعتباره المتحدث باسم الجماعة في مجلس الشعب وقتها.

وأدى ذلك إلى إثارة غضب المثقفين الذين وصفوا أعضاء الجماعة بـ"خفافيش الظلام"، التي تقيم محاكم تفتيش لملاحقة الفن والفنانين، والسؤال هنا يطرح نفسه، رغم أن "الباليه" فن نخبوي إلى حد كبير ولا يدخل في دائرة اهتمام شرائح كبري من المجتمع المصري، إلا أن الجماعة وعلى رأسها المعزول أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بحجة أن "الباليه" يثير الغرائز الجنسية ولا يتفق والشريعة الإسلامية!

واستضاف "الإبراشي" في تلك الحلقة كل من الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، ومحمد مرسي، الناطق باسم جماعة الإخوان في مجلس الشعب آنذاك وعلي لبن، أحد نواب البرلمان المنتمين للجماعة، في مناظرة بين الطرفين على الهواء مباشرة.

في البداية، وجه مرسي سؤالا استنكاريا لوزير الثقافة عن طبيعة المدرسة ودورها ومردودها الإيجابي على المجتمع، خاصة وأنه يراها مخالفة للدستور باعتبار أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والرقص فيه استخدام للجسد بطريقة مثيرة، تؤثر سلبًا على المشاهدين، بحسب قوله.

وبعد مقدمة عن الحضارة المصرية وكيف عرف المصريين الرقص منذ القدم، أصر "حجازي" على تصدير فكرة الإخواني "بدس السم في العسل" قائلا: "الجسد الإنساني طاهر ويجب أن نتعامل معه باحترام، وأن لا نحرم الرقص على إطلاقه ولكن يمكن تهذيبه أن خرج عن هذه الحدود".

وجاء رد الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، موضحا أن هناك أشكال عدة للرقص لكنها ليس بالضرورة أن تكون مثيرة، فالإسبانيين يرقصون "الفلامنكو" والسوريين يرقصون "الدبكة" والمصريين يرقصون "التحطيب"، ولم ير أحد أن تلك الرقصات مثيرة على الإطلاق.

أما "المعزول" كانت له وجهة نظر أخري تماما، بعدما حصر الرقص في مضمونه الشعبي "البلدي"، وأن الدين ضد هذا الشكل من الرقص، إضافة إلى أن المجتمع يحكمه ضوابط يحددها الدستور والشريعة، مؤكدا أن الأخيرة ضد الإثارة وأن ما تقدمه مدرسة الرقص مثير ويؤثر سلبًا في المجتمع، مشيرا إلى أن رفضه للمدرسة يأتي في إطار دعم الحرية بضوابط المجتمع.

40 دقيقة منذ 8 سنوات، كانت كافية لفضح رجعية هذه الجماعة، التي استخدمت "المعزول" كسلاح لدعم ممارسات التضييق وتشويه كل ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير تحت ما يسمي بـ"ضوابط الشريعة والقانون"، وذلك منذ أن تأسست الجماعة في العشرينيات من القرن الماضي، فالمعزول قبل أن يصل إلى كرسي الرئاسة سلك سبلا شتي من شأنها دعم التخلف والرجعية، عبر حلقات متصلة كانت هذه الواقعة أشهرها، والتي أظهرت حقا مدى صدق وصف أعضاء الجماعة بأنهم مرضي نفسيين خاصة بعد وصفهم لـ"الباليه" بأنه فحش وعملية جنسية أقرب ما تكون لممارسة الزنا.

وبعد وصول المعزول للحكم العام الماضي، أثبت لنا قدرته على التلون عندما دعا المثقفين والفنانين إلى إدراك حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم، باعتبارهم مصدرا للمعرفة والثقافة والفن، واستطرد ببراعة ممثل أنه لن يظلم رأي أو يمنع جهة أو مؤسسة من التعبير عن نفسها، قائلا لرواد الفن والثقافة: "انتشروا وافعلوا"!
الجريدة الرسمية