رئيس التحرير
عصام كامل

ساعة الحسم


أكدنا في مقالنا الماضى "الرهان الخاسر للثورة المضادة"، أن كل الاعتصامات والتظاهرات التخريبية التي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين ستفشل فشلًا ذريعًا في إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، بما يعنى إعادة الرئيس المعزول إلى السلطة من جديد! وكأن الشعب في جموعه الهادرة ما خرج إلى الميادين لإسقاط حكم الإخوان الاستبدادى، وكأن القوات المسلحة بقيادة الفريق أول "عبد الفتاح السيسى" لم تدعم الموجة الثورية الثانية في 30 يونيو، ولم تقم بعزل "محمد مرسي" ووضع خارطة الطريق للانتقال إلى ممارسة ديمقراطية حقيقية!


ومع ذلك، يمكن القول إن تراخى السلطة القائمة في فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" يمثل سلبية حقيقية في ممارسة وزارة ما بعد 30 يونيو.

نحن نقدر تمام التقدير المخاوف المشروعة للسلطة من أن فض الاعتصامات بالقوة قد يترتب عليه خسائر بشرية، نتيجة الاستعدادات الإجرامية لجماعة الإخوان المسلمين لمجابهة فض الاعتصامات باستخدام العنف والإرهاب، بل اللجوء إلى استخدام السلاح ضد قوات الأمن والقوات المسلحة.

غير أن الممارسات الفوضوية لجماعة الإخوان المسلمين في الأيام الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنهم يسعون إلى الصدام العنيف، ويكفى أن نتابع المظاهرات المنظمة التي يحشدونها في مختلف شوارع القاهرة، بما في ذلك من قطع الطرق وشل حركة المرور وتعطيل مصالح الناس.

وأخطر من ذلك كله، أن الاعتصامات التي تزعم الجماعة أنها سلمية تظهر ممارساتها وكأنهم يعتبرون "رابعة العدوية" "مستوطنة" إخوانية خالصة، من حقهم أن يبنوا فيها بالأسمنت المسلح سواتر وخنادق وكأنهم يعدون العدة لمعركة عسكرية!

وإذا أضفنا إلى ذلك الخطب التحريضية لقيادات الجماعة ودفعها لأنصارها والمتكسبين من ورائها من المواطنين البسطاء لكى يمارسوا العدوان اللفظى على القوات المسلحة، بل يهددون سلامة المنشآت العسكرية، ويعتدون بغير حق على حرمة المساكن الخاصة، لأدركنا أن التراخى من قبل السلطات المسئولة في فض الاعتصامات بالقوة، مهما كانت النتائج، وكذلك وقف التظاهرات الفوضوية أصبح مسألة غير مقبولة من قبل الجماهير.

وذلك لسبب بسيط، مؤداه أن ذلك التراخى يعطى الانطباع الصحيح أن الدولة عاجزة عن حماية أمن المواطنين، وسير المصالح الحكومية والهيئات العامة.

ولو نظرنا إلى ميدان النهضة – على سبيل المثال- الذي احتلته عصابات الإخوان المسلمين باسم السلمية المزعومة، لوجدنا أن هذه العصابات بنت سورًا خشبيًا أمام أبواب جامعة القاهرة، وبذلك منعت طلبة الجامعة والأساتذة من الدخول اللهم إلا عبر أبواب خلفية!

هل يجوز للدولة أن تسكت حتى الآن على هذه الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات؟ وهل يدخل في باب "السلمية" قطع الطرق وتعطيل وسائل المواصلات العامة، ومحاولات اقتحام وزارة الكهرباء، والاحتشاد أمام قصر الاتحادية إلى غير ذلك من أفعال البلطجة؟

هناك شواهد متعددة على أن قيمة التفويض الشعبى الذي أعطته ملايين المصريين للقوات المسلحة للتصدى للعنف والإرهاب، بدأت تتآكل نتيجة سلبية السلطة والتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب.

لا نبالغ لو قلنا إن هناك سخطًا شعبيًا بدأ يتبلور نتيجة تقاعس الدولة بكل أجهزتها في التصدى للجرائم الإخوانية المتعددة، والتي يدافع عنها بتبجح شديد عدد من الإعلاميين المتأخونين الذين يبدو أن صدمة عزل "مرسي" ونهاية حكم الإخوان قد أصابتهم بلوثة جعلتهم يصيحون "الشرعية... الشرعية.."!

ترى، هل شهد العالم من قبل محاولة للدفاع عن شرعية مزعومة بالاعتصامات غير السلمية، وارتكاب جرائم ترويع المواطنين وتعطيل مصالح الناس؟

إذا كانت السلطة – كما تقول التصريحات الرسمية- قد أعدت عدتها لفض الاعتصامات بالقوة، وبالتطبيق الدقيق للمعايير القانونية والمبادئ الإنسانية فماذا ننتظر حتى يتحقق الوعد؟
لقد حانت ساعة الحسم وإلا ضاعت هيبة الدولة!

ملحوظة: كتبت هذا المقال بتاريخ (13 أغسطس 2013) وفى اليوم التالى وأنا أراجعه مراجعة أخيرة تبين لنا أن ساعة الحسم قد دقت بالفعل بعد أن شرعت قوات الأمن في فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" بالقوة، تأكيدًا لمسئولية الدولة فى الحفاظ على أمن المواطنين من ناحية، وقطع الطريق على التمرد الفوضوى الذي مارسته جماعة الإخوان ضد الشعب المصرى بكل طوائفه، وليس ضد السلطة كما تزعم.
لقد كانت 30 يونيو ثورة شعبية وليست انقلابًا كما زعم الزاعمون!
الجريدة الرسمية